تيك توك يسابق الاتهامات بالتجسس

مميزات جديدة للتطبيق الصيني لجذب المستخدمين وإثارتهم.
الأحد 2023/03/12
جمال مفلتر

يواجه التطبيق الصيني تيك توك اتهامات من الدول الغربية بالتجسس بتقديم المزيد من الخدمات والمميزات التي تجذب المستخدمين مثل فلتر “بولد غلامور” الجديد وخدمة “سيريز” التي ستتيح لصناع المحتوى المؤهلين نشر مقاطع مصورة تصل مدة كل منها إلى 20 دقيقة، لينافس بذلك بقية تطبيقات مواقع التواصل الاجتماعي مثل فيسبوك وإنستغرام وحتى يوتيوب.

واشنطن – يُحدث فلتر “بولد غلامور”، أحدث الصيحات على تيك توك، دهشة لدى المستخدمين إزاء قدرة هذه المؤثرات الخاصة المطورة عبر الذكاء الاصطناعي على تجميل وجوههم، معيداً الجدل بشأن معايير الجمال التي تسوق لها الشبكات الاجتماعية.

وفي الوقت الذي يواجه فيه اتهامات بالتجسس، أعلن التطبيق الصيني أنه سيسمح لبعض صناع المحتوى بإنتاج مقاطع أطول بمقابل مادي فاتحا بذلك بابا جديدا لمستخدميه لكسب المال.

وتظهر عشرات الآلاف من الفيديوهات صدمة المستخدمين لدى رؤية فلتر “بولد غلامور” يتكيف تماماً مع وجوههم، مع تكبير الشفتين ونفخ الخدين وماكياج شبيه بما تضعه عارضات الأزياء.

ويصاب كثير من هؤلاء بخيبة أمل عندما ينظرون بعد استخدام الفلتر إلى وجوههم الحقيقية بعد اختفاء مرآة التجميل عن الشاشة.

"بولد غلامور" ومؤثرات أخرى حديثة هي جزء من تقنيات التعلم الآلي التي تأخذ الصور وتعيد رسم كل جزيء (بكسل) على حدة

وتقول أستاذة العناية التمريضية في جامعة ميدل جورجيا ستايت الأميركية كيم جونسون “هذه أحدث هجمة لأسطورة الجمال المثالي”.

وتشير إلى أن هذا النوع من المؤثرات الخاصة يقود أشخاصا إلى اعتماد “حميات مفرطة بفعل مقارنة أنفسهم مع الآخرين ونقص الثقة بالنفس لديهم”.

من أذني القطط إلى قصات الشعر مروراً بوجوه الكلاب، شاع استخدام فلاتر الواقع المعزز منذ سنوات على سنابتشات وإنستغرام وتيك توك وتطبيقات أخرى كثيرة.

غير أن أحدث النماذج بلغت مستوى غير مسبوق من الواقعية، إذ إن مؤثرات “بولد غلامور” تبقى موجودة حتى عند وضع اليد أمام الكاميرا، كما أنها ليست مشوشة على الجوانب وتتبع تحركات الوجه كما لو أنها تعكس تبرّجا حقيقيا.

حتى أن خبراء كثيرين يتساءلون عما إذا كان هذا الفلتر يشكّل وثبة جديدة في مجال الذكاء الاصطناعي.

وبحسب لوك هورد الذي أنشأ فلاتر للشبكات الاجتماعية، تتكون الفلاتر التقليدية من أقنعة ثلاثية الأبعاد توضع على الوجه عند التصوير بواسطة كاميرا الهاتف الذكي.

وأوضح هورد عبر تيك توك وتويتر أن “بولد غلامور” ومؤثرات حديثة أخرى، بينها فلتر يعطي البالغين وجوه مراهقين “تأخذ الصور وتعيد رسمها، كل جزيء (بكسل) على حدة (مباشرة) على الصورة التي تظهر عبر العدسة”.

ويخلص إلى أن هذه الفلاتر هي جزء من تقنيات “التعلم الآلي” المستخدمة في الذكاء الاصطناعي.

"سيريز" خدمة جديدة
"سيريز" خدمة جديدة

حتى أنّ مراقبين آخرين يقولون إن هذه التقنية مرتبطة بالذكاء الاصطناعي التوليدي، وفق مبدأ برامج “تشات جي.بي.تي” أو “دال – إي” القادرة على إنشاء قصائد أو رسوم أو رمز كمبيوتر عند الطلب وبصورة فورية.

هذه المؤثرات الخاصة موجودة منذ عام أو عامين، لكن فلتر “بولد غلامور” الجديد “معقد للغاية”، على ما يقول مدير أبحاث الذكاء الاصطناعي في شركة “جن” للأمن السيبراني بيتر سومول.

لكن الذكاء الاصطناعي التوليدي يتطلب كميات ضخمة من البيانات.

وأعلن تطبيق تيك توك أنه سيسمح لبعض صناع المحتوى بإنتاج مقاطع أطول بمقابل مادي.

وستتيح خدمته الجديدة “سيريز” لصناع المحتوى المؤهلين نشر مجموعات تصل إلى 80 مقطعا مصورا طويلا، تصل مدة كل منها إلى 20 دقيقة، حيث إن أطول مدة يسمح بها تيك توك للمقاطع المصورة حاليا هي عشر دقائق.

وقال التطبيق إن مستخدميه يأتون على نحو متزايد إلى منصته لإنتاج محتوى مثل عرض جداول البيانات والتمارين البدنية ووصفات الطعام، وهي مساحة لا يزال يوتيوب الوجهة المهيمنة فيها.

تطبيق تيك توك يخضع لمتابعة دقيقة من الحكومات الغربية بفعل مخاوف على سرية البيانات الشخصية

ويقدم تيك توك بالفعل لمستخدميه نصائح وهدايا، فضلا عن إدارته صندوقا لتحفيزهم على زيادة متابعيهم.

وبلغ عدد مستخدميه مليار مستخدم نشط شهريا في سبتمبر 2021، ولم يبلغ عن قاعدة مستخدميه منذ ذلك الحين.

ويخضع تطبيق تيك توك التابع لمجموعة بايت دانس الصينية لمتابعة دقيقة من الحكومات الغربية بفعل مخاوف على سرية البيانات الشخصية.

وفي الولايات المتحدة اعتُبرت المنصة تهديداً للأمن القومي من جانب مسؤولين محليين كثيرين يتهمون التطبيق بنقل معلومات عن المستخدمين لبكين، وهو ما تنفيه الشركة.

ويقول الأستاذ المتخصص في الإعلام والتقنيات بجامعة فلوريدا أندرو سيليباك إن مجموعة ميتا الأميركية “قادرة تماماً على اعتماد هذه التقنية عبر فيسبوك وإنستغرام”.

ويشير إلى أنه من غير المؤكد أن منصة تيك توك “فكرت بما يكفي في الآثار المترتبة عن هذا المنتج الجديد والجميل كلياً”.

وأظهر التطبيق تكتماً شديداً في هذا الموضوع، رافضاً إعطاء تفاصيل حول تشغيل الفلتر.

واكتفى تيك توك بتشجيع مستخدميه على “أن يكونوا على طبيعتهم” على الشبكة الاجتماعية التي تشجع على “التعبير الشخصي والإبداع”.

وقالت الشركة “نواصل العمل مع الخبراء ومجتمعنا لمساعدة تيك توك على أن يظل مساحة إيجابية وداعمة للجميع”.

تيك توك

ويسترعي “بولد غلامور” الانتباه بشكل خاص لكونه يُنتج فيديوهات قابلة للتكييف في الوقت الفعلي، ما يثير خطر “التزييف العميق” (ما يُعرف بـ”ديب فايك”).

ويشير هذا المصطلح العام إلى عمليات توليف مضللة (بالصورة أو الفيديو أو الصوت) تعطي انطباعاً بأن شخصاً ما قال أو فعل أشياء لم يقلها أو يفعلها في الواقع.

هذه الفلترات الحديثة “ليست بالضرورة مرتبطة بتقنية التزييف العميق في حد ذاتها، ولكنها على خطوة واحدة منها فقط”، بحسب بيتر سومول.

ويستبعد أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة ولاية نيويورك سيوي ليو أن توفر منصات كبرى مثل تيك توك التي تضم مليار مستخدم، وصولاً مجانياً إلى أدوات لخداع الجمهور.

ولكن “مكمن الخطر فيها هم الأشخاص الذين يفهمون هذه التكنولوجيا ويمكنهم استخدامها لأغراض ضارة”، على حد قوله.

في هذه المرحلة، بالنسبة إلى الكثير من المستخدمين، يقتصر ضرر فلتر التجميل هذا على ثقة المستخدمين بأنفسهم بشكل أساسي.

وقالت نجمة تلفزيون الواقع الأسترالية آبي تشاتفيلد إثر اختبارها فلتر “بولد غلامور”، “لو لم أكن بالغة، بصراحة، لكان هذا الشيء دمّر دماغي”.

تطبيق

13