تونسي يحوّل مكب نفايات إلى فضاء ترفيهي

بشيء من الوعي والأفكار الطريفة يمكننا أن نتخلص من النفايات ومكبّاتها لنحوّلها إلى قطع فنية وفضاءات ترفيهية، كما حول الفنان التونسي لسعد الزواري أحد المصبات إلى مركز ثقافي يسرّ الزوار.
تونس- بعد أن كان مكبا للنفايات تُلقى فيه القمامة، تم تحويل مكان مساحته 700 متر مربع في مدينة تونس العاصمة إلى مركز ثقافي وترفيهي وساحة للتدريب على نشر الوعي البيئي سماه “ريحة البلاد”.
تولى مهمة تنظيف المكان وتحويله إلى مركز ثقافي، الفنان التونسي والناشط البيئي لسعد الزواري الذي أبدع هذا المركز من خلال رؤية خاصة به منذ عام 2014، من أجل دمج الفن مع البيئة المحيطة.
ويأمل الزواري من خلال مشروعه هذا أن يشجع الناس على البدء في التفاعل بشكل مختلف مع محيطهم.
وقال الزواري “صراحة كل مشاريعنا منطلقة من الإبداع، ندمج الإبداع في كل تقنية، في كل فكرة، لنُحدث الفرق. فوضعنا في هذا المكان الذي كان مصبا للقمامة وغيرناه لنجعله مزارا للفنانين والناس، ويصبح مقصدا أخضر للسياح من كل أنحاء العالم، ليشاهدوا الإبداعات التونسية في مجال البيئة وكل الإبداعات التي يمكن أن تغير سلوك الإنسان إلى الأحسن”.

الزواري يأمل من خلال مشروعه هذا أن يشجع الناس على البدء في التفاعل بشكل مختلف مع محيطهم
وأضاف “في 2014 قررت إدخال الإبداع في البيئة من خلال ابتكار أفكار وتقنيات تكون مفيدة للبيئة، وفي نفس الوقت تحسّن الصورة الجمالية للبلاد، وفي نفس الوقت نعبّر عن المشروع بجملة ‘نظف البلاد وشغل العباد‘، يعني أننا نقوم بتنظيف البلاد وفي نفس الوقت نفتح مواطن شغل كثيرة”.
ويصنع الزواري، الذي درس الفن والتصميم في فرنسا، السماد العضوي في المركز. كما ابتكر حاويات ذكية لإعادة تدوير قمامة السكان، وتقف مانعا ضدّ التلوّث الذي تعاني منه البلاد.
وتساهم هذه الحاويات في زرع ثقافة جديدة في الأحياء الشعبية والراقية، أساسها المزج بين الجانب الجمالي والبيئي والصحي وجمع النفايات بطريقة لا تسمح بانبعاث روائح كريهة، ولا تسمح بتناثر النفايات وتكومها خارج الحاوية، وتساعد على التعامل مع جميع فئات المجتمع مع الفضلات من ذلك “البرباشة” وجعل البلاد أكثر نظافة، حسب ما أفاد به.
وأكّد الزواري أنّه قام باختراع حاويات منزلية يقع تركيبها على حائط المنزل، سهلة الاستعمال وتفتح من الداخل لأصحاب المنزل ومن الخارج لأعوان النظافة، وبالتالي يسهل تنظيفها ويقع تجنّب الروائح الكريهة ووصول الحشرات ونبش القطط.
وصرّح أنه قام باختراع نوعين من حاويات للشارع، إضافة إلى حاوية ذكية كبرى تعمل بالطاقة الشمسية لها عدّة مقاييس وضوابط لابدّ من احترامها للمحافظة عليها وتمتد صلوحيتها إلى 5 سنوات، وهي ذات فائدة عظيمة للبلديات ووقاية لأعوان النظافة إضافة إلى طاقة استيعاب كبيرة للفضلات تتجاوز طنين، وسيتم وضعها في المستشفيات والعمارات والأحياء السكنية.
ويعرض الزواري في فضاء “ريحة البلاد” قطعه الفنية ويضم مسرحا لعرض أفلام حول التغير المناخي، مقتصرا على مساحة يعمل فيها على فنه وقاعة لعرض تصميماته الصديقة للبيئة. ولاحقا طورها إلى فضاء ترفيهي يجذب الزوار من جميع أنحاء البلاد والسياح.
ويعبر زوار المكان عن سعادتهم البالغة به وأمنياتهم في أن ينجح في زيادة وعي الناس، لا سيما الشباب، بالبيئة.
لسعد الزواري ابتكر حاويات ذكية لإعادة تدوير قمامة السكان، وتقف مانعا ضدّ التلوّث الذي تعاني منه البلاد
من هؤلاء المهتمين بالبيئة تسنيم قطي، وهي معلمة لغة إنجليزية زارت المكان مع طلابها في الآونة الأخيرة وقالت، “في الحقيقة الزيارة كانت موفقة جدا مثلما توقعتها وأكثر، حتى إقبال طلابي كان جيدا جدا، فالطلاب يريدون الترفيه والأكل، لكنني اليوم قررت أن نقوم بهذه الزيارة للاستفادة والتعلم، والغاية هي تغيير طريقة تفكيرهم، وكذلك تفاعلهم مع محيطهم البيئي ما يجعلهم يبدلون طريقة عيشهم”.
وأوضح الزواري أنّ ما يصبو إليه هو الوصول إلى الحسّ التربوي لدى العنصر البشري من خلال التشبّع بالثقافة البيئية، كما توجّه في حديثه إلى الإعلام باقتراح يساهم في زرع الثقافة البيئية لدى المواطن، من خلال تخصيص حصة تحسيسية وتوعوية لا تتجاوز الدقيقتين، إذ نجد برامج لتعليم كيفية الطبخ وكيفية الأكل، لكن لا وجود لحصة يقع فيها تعليم المواطن النظافة وترسيخ الثقافة البيئية، رغم أن التلفزيون هو مجال تربوي لكلّ مواطن.