تعلّم الذكاء الاصطناعي في الصين يبدأ من المهد.. ولا يتوقف

صناعة الذكاء الاصطناعي في الصين تحظى باهتمام كبير.
الجمعة 2025/03/14
بلد كل من فيه متعطش للتكنولوجيا

بكين - الحرب الاقتصادية التي شنها الرئيس دونالد ترامب على الصين خلال دورة رئاسته الأولى عام 2017 مستخدمًا سلاح الشرائح الإلكترونية، ما زالت مستمرة، وهناك دواع كثيرة للشك في أنها لم تؤتِ ثمارها لأنه عندها لم يكن الذكاء الاصطناعي مصطلحًا متداولًا، ولم تكن أوبن إيه أي قد طورت تشات جي بي تي بعد.

وكان طبيعيًا بعد الذكاء الاصطناعي أن تزداد المواجهة ضراوة، خاصة بعد عودة ترامب للبيت الأبيض في فترة رئاسية جديدة، ووجود عملاق التكنولوجيا إيلون ماسك إلى جانب الرئيس.

كل المحاولات التي بذلت لم تؤد إلى كبح الرغبة الصينية لتكون في طليعة الدول على صعيد التكنولوجيا الرقمية والذكية. وتابعت حربها مع الإدارة الأميركية بصمت.

وفي إشارة واضحة لما تمثله التكنولوجيا الرقمية والذكية بالنسبة للسلطات في بكين، تعتزم المدارس الابتدائية والثانوية كافة تقديم حصص تعليمية حول الذكاء الاصطناعي اعتبارًا من العام الدراسي المقبل، على ما ذكرت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) الأربعاء.

وحظيت صناعة الذكاء الاصطناعي في الصين باهتمام دولي هذا العام بعد أن أطلقت شركة “ديب سيك” DeepSeek نسخة جديدة من روبوت المحادثة العامل بالذكاء الاصطناعي في يناير، ما أحدث موجة صدمة عبر الأسواق العالمية.

وأثار برنامج ديب سيك إعجاب خبراء الصناعة بقدرته الواضحة على منافسة أو حتى تجاوز قدرات المنافسين الغربيين مثل تشات جي بي تي، بتكلفة أدنى بكثير.

وذكرت وكالة شينخوا أن المدارس في العاصمة ستخصص ما لا يقل عن ثماني ساعات من دروس الذكاء الاصطناعي لكل عام دراسي بدءًا من الفصل الدراسي الذي يبدأ في أوائل سبتمبر. ويمكن للمدارس أن تدير هذه المواد كحصص مستقلة أو أن تدمجها في مواد دراسية قائمة أساسًا مثل تكنولوجيا المعلومات أو العلوم.

وأفادت لجنة التعليم التابعة لبلدية بكين في بيان أنه “سيتم تقديم أساليب تدريس مبتكرة، باستخدام أجهزة مرافقة وأدوات مساعدة بحثية بالذكاء الاصطناعي، وغيرها من برامج المساعدة الذكية لتسهيل التعلم من خلال الحوار بين الإنسان والآلة.”

كل المحاولات التي بذلت لم تؤد إلى كبح الرغبة الصينية لتكون في طليعة الدول على صعيد التكنولوجيا الرقمية والذكية
كل المحاولات التي بذلت لم تؤد إلى كبح الرغبة الصينية لتكون في طليعة الدول على صعيد التكنولوجيا الرقمية والذكية

وأشارت إلى أن بكين تخطط أيضًا لاستكشاف المزيد من الفرص للتعاون بين الجامعات والمدارس الثانوية لتنمية المواهب في مجال الذكاء الاصطناعي. ويتضمن ذلك تطوير سلسلة من “دورات التعليم المتقدمة في مجال الذكاء الاصطناعي والتي تركز على التطوير المبكر للمواهب المبتكرة الاستثنائية.”

وفي الشهر الماضي، أجرى الرئيس الصيني شي جين بينغ محادثات مع كبار رجال الأعمال في قطاع التكنولوجيا الصيني، في حدث نادر أثار التفاؤل بشأن زيادة الدعم للقطاع. عزز شي دور الشركات المملوكة للدولة في ثاني أكبر اقتصاد في العالم، كما تصدى للتوسع “غير المنظم” في العديد من القطاعات.

وحظيت ديب سيك بإشادة السلطات، كما حضر مؤسسها الاجتماع مع الرئيس الصيني. وتتجه الأنظار حاليًا إلى برامج الذكاء الاصطناعي الجديدة في الصين، الساعية لمنافسة ديب سيك.

وكشفت شركة التكنولوجيا الصينية العملاقة “علي بابا” الأسبوع الماضي عن نموذج ذكاء اصطناعي يسمى QwQ-32B، تقول إنه يتمتع “بأداء مماثل” لـ”ديب سيك” بينما يتطلب بيانات أقل بكثير للعمل.

إلى ذلك، فإن “مانوس” Manus، وهو مساعد جديد وقوي يعمل بالذكاء الاصطناعي، يُحدث ضجة في البلاد، مع قدرات تُعتبر بشكل عام أكثر تقدمًا من تلك الموجودة في روبوتات المحادثة. استرعى “مانوس” اهتمام المتخصصين في هذا القطاع خلال الأسبوع الماضي، مثيرًا حماسة محدودة وخيبة أمل ومخاوف متعلقة بأمن البيانات.

وقال مبتكر البرنامج ييشاو بيك جي في مقطع فيديو ترويجي، “إنه ليس مجرد روبوت دردشة آخر.” وتابع “إنه برنامج مستقل بالفعل،” مضيفًا “في حين تولّد أنظمة الذكاء الاصطناعي الأخرى الأفكار ببساطة، يقدم مانوس نتائج، ونرى أنه النموذج التالي للتعاون بين البشر والآلات.”

منذ إطلاق برنامج تشات جي بي تي في نهاية عام 2022، تتنافس شركات التكنولوجيا الكبرى والشركات الناشئة على ابتكار مساعدي ذكاء اصطناعي متطورة. وبدلاً من أن تلقي بكين أسلحتها وتسلم بالهزيمة، وضعت التكنولوجيا في صلب مؤسساتها التعليمية يتلقاها الصينيون من المهد إلى اللحد.

12