تعطلت سيارتك الكهربائية.. من سيصلحها؟

يواجه العالم نقصا في الورش والعاملين المختصين في إصلاح السيارات الكهربائية وهو ما يجعل إصلاحها مهمة صعبة ومكلفة مما قد يزيد من تردد المستهلكين على الإقبال على هذا النوع من السيارات، الذي يراهن المهتمون بالبيئة على انتشاره لخفض الانبعاثات الملوثة من وسائل النقل.
لندن - يهدد النقص العالمي في الفنيين والورش المستقلة المعدّة لإصلاح السيارات الكهربائية بزيادة تكاليف الإصلاح والضمان للسائقين، مما قد يقوض المواعيد النهائية المقبلة لخفض انبعاثات الكربون من وسائل النقل الشخصية.
وتقول منظمات تدريب الفنيين ومقدمي الضمان والمختصين في التصليح في ميلانو وملبورن وماليبو إن ورش الإصلاح المستقلة ستكون حيوية لجعل صيانة المركبات الكهربائية ميسورة التكلفة لأنها أرخص بكثير من خدمات وكلاء المصنّعين.
ارتفاع تكاليف التأمين يعني أن السيارات الكهربائية ستبقى باهظة الثمن بالنسبة إلى العديد من المستهلكين
ويرفض العديد من أصحاب الورش الاستثمار في تكاليف التدريب والمعدات اللازمة لإصلاح السيارات الكهربائية ذات الطاقة العالية، حيث يمكن أن تصعق أنظمة 400 و800 فولت الفنيين غير الحذرين أو غير المدربين وتقتلهم في ثوانٍ. وينخفض عدد المختصين في إصلاح هذه السيارات خاصة مع وجود عدد قليل نسبيا منها على الطريق.
وإلى جانب مخاطر الصعق بالكهرباء، يجب أن يؤخذ خطر اشتعال البطاريات الكهربائية (التي يصعب إخمادها) على محمل الجد أيضا.
وكان روبرتو بيتريلي، البالغ من العمر 60 عاما والذي يمتلك ورشة إصلاح مستقلة في ميلانو، مترددا في إنفاق 30 ألف يورو (32600 دولار) على المعدات اللازمة لإصلاح السيارات الكهربائية بينما لا تزال مبيعاتها في إيطاليا منخفضة وشبكة شحنها محدودة.
وقال بيتريلي “أنا على بعد سبع سنوات من التقاعد، ولا أرى أن الأمر يستحق العناء”.
وتعاني صناعة إصلاح السيارات بالفعل من نقص العمال منذ الوباء. ويطور معهد صناعة السيارات ومقره هيرتفورد بإنجلترا دورات تدريبية في مجال السيارات وينشر دورات عن الطرز الكهربائية عبر الصين ويهدف إلى التوسع إلى الهند وفي جميع أنحاء أوروبا.
ومن المتوقع أن تعاني بريطانيا من نقص يقدّر بحوالي 25 ألف فني للسيارات الكهربائية بحلول 2032، بعد حظر بيع السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري خلال 2030.
وتأخّر نمو مبيعات السيارات الكهربائية في الولايات المتحدة (ثاني أكبر سوق للسيارات في العالم بعد الصين) عن أوروبا، لكن مكتب إحصاءات العمل يتوقع أن تتوفر الحاجة إلى حوالي 80 ألف كهربائي سنويا حتى 2031، بما في ذلك الفنيين المتخصصين في إصلاح السيارات الكهربائية أو تركيب شواحنها.
وتتوقع غرفة تجارة السيارات الفيكتورية نقصا في عدد فنيي السيارات الكهربائية في أستراليا بمقدار 9 آلاف بحلول سنة 2030.
ويخشى خبراء السيارات أن يتجنب الميكانيكيون مثل بيتريلي في ميلانو الطرز الكهربائية، مما يترك المستهلكين في مواجهة فواتير أعلى وأوقات أطول في انتظار الإصلاح.
وتظهر بيانات شاركها مزود ضمان السيارات المستعملة في المملكة المتحدة “وورنتي وايز” مع رويترز أن التكاليف ترتفع بالفعل حيث يكلّف الضمان السنوي لسيارة تيسلا موديل 3 أكثر من ثلاثة أضعاف متوسط المبلغ المقرر للطرز التي تعتمد الوقود الأحفوري والمتوفرة في السوق بأسعار مماثلة.
وقال مدير “وورنتي وايز” التنفيذي لورانس ويتاكر إن شركة الضمان تستعين بوكلاء يطلبون أسعارا أعلى لإصلاح السيارات الكهربائية لأن فنييهم يكونون في الكثير من الأحيان مؤهلين أكثر من الورش المستقلة.
ويخشى ويتاكر أن ارتفاع تكاليف التأمين والضمان يعني أن السيارات الكهربائية ستبقى باهظة الثمن بالنسبة إلى العديد من المستهلكين. وتساءل “كيف سيتمكن الناس من تحمل تكاليف الإصلاح المرتفعة؟”.
الخوف من المجهول
ورحّب مارك دارفيل، المدير الإداري لورشة “هيلكليمب غاراج”، في هاي ويكومب الواقعة على بعد 48 كيلومترا شمال غرب لندن، بالسيارات الكهربائية والهجينة التي يقول إنها تشكل حوالي 15 في المئة من الإصلاحات. ويرى أن استثمار ورشته الذي يصل إلى25 ألف جنيه إسترليني (31400 دولار) بين التدريب والمعدات سيُسدد في أواخر 2024 عندما تشكل وسائل النقل هذه 35 في المئة من الإصلاحات.
ويستقبل بالفعل العملاء الذين يفتقرون إلى خيارات إصلاح سياراتهم الكهربائية والذين يزورونه من أماكن بعيدة.
وقال دارفيل “يعيق الخوف من المجهول الكثير من أصحاب الأعمال المستقلين”.
وتشير تقديرات معهد صناعة السيارات إلى أن 20 في المئة من فنيي السيارات في المملكة المتحدة تلقوا بعض التدريب على السيارات الكهربائية، لكن 1 في المئة فقط المؤهلون لأكثر من مجرد الصيانة الروتينية.
من المتوقع أن تعاني بريطانيا من نقص يقدّر بحوالي 25 ألف فني للسيارات الكهربائية بحلول 2032، بعد حظر بيع السيارات التي تعمل بالوقود الأحفوري
وقفزت مبيعات السيارات الكهربائية بنسبة 33 في المئة في بريطانيا خلال النصف الأول من 2023، لكن معهد صناعة السيارات قال إن الإقبال على دورات صيانة السيارات الكهربائية انخفض بنسبة 10 في المئة في الربع الأول وما يقدر بنحو 31 في المئة في الربع الثاني مقارنة بعدد الأشخاص الذين تلقوا تلك الدورات في نفس الفترة من 2022.
وتقبل شركة أديسون لي لخدمات السيارات المتميزة، ومقرها لندن، المئات من السيارات الكهربائية، وقال مدير الاستدامة أندرو ويسكوت إن إصلاحها يستغرق وقتا أطول من إصلاح سيارات الديزل.
وتسعى شركات صناعة السيارات الكبرى نفسها لتدريب الفنيين. وأطلقت شركة تيسلا الرائدة في السوق دورات في الكليات المجتمعية الأميركية لتدريب الفنيين المحتملين. وتوفر تدريبات لورش التصليح المستقلة في الولايات المتحدة.
ويشعر دانييل براون وهو رئيس تطوير منتجات السيارات في شركة لوكاس نويل الألمانية، التي تنتج معدات دورات التدرب على السيارات الكهربائية، بالقلق من إمكانية الضغط على الفنيين غير المؤهلين لإصلاح الطرز ذات الطاقة العالية قائلا “إنها مجرد مسألة وقت حتى يتضرر شخص ما”.
تحاول بعض المجموعات إصلاح النقص. وكشفت مؤسسة سيمنز عن برنامج بقيمة 30 مليون دولار لتدريب الفنيين الأميركيين على تركيب شواحن السيارات الكهربائية وصيانتها. وقال الرئيس التنفيذي ديفيد إتزويلر إن نقص العمال المدربين “يبطئ تقدم” التحول إلى الطرز الكهربائية. وأشار إلى أن المؤسسة، التي تركز على تدريب القوى العاملة، أعلنت عن التمويل لتلبية الحاجة “الهائلة والفورية” لتدريب الفنيين.
وقت طويل جدا
وتقدر جمعية تجار السيارات في نيو ساوث ويلز (حيث ستشكل السيارات الكهربائية 50 في المئة من المبيعات الجديدة بحلول 2030) أن التدريب الأساسي على السيارات الكهربائية سيكلف 100 مليون دولار أسترالي (64.7 مليون دولار) وسيشمل ما يقرب من 50 ألف فني سيارات مرخص في الولاية.
وقال كولين جينينغز، رئيس الشؤون الحكومية في جمعية تجار السيارات في نيو ساوث ويلز، إن ورش الإصلاح الصغيرة ستحتاج إلى تدريب مدعوم على السيارات الكهربائية أو من المرجح أن تلتزم أعداد كبيرة منها بنماذج الوقود الأحفوري. وتعزز المسافات بين العديد من المدن الأسترالية الصغيرة هذه المشكلة.
وتساءل جينينغز “من سيصلح سيارتك الكهربائية من طراز تيسلا إذا تعطلت؟”.
وقال الرئيس التنفيذي ستيف ناش إن معهد صناعة السيارات يسعى للحصول على 15 مليون جنيه إسترليني من حكومة المملكة المتحدة لمساعدة المصلحين المستقلين على تحمل تكاليف التدريب.
لكن المدير التنفيذي للمعهد الأميركي للمهارات والابتكار في مكان العمل نيكولاس وايمان قال إن معظم المصلحين يعتمدون على أنفسهم. وتابع “إذا كنت تنتظر أن تتخذ الحكومة الأميركية إجراء ما، فستنتظر وقتا طويلا للغاية”.