تطوان تجمع المخرجين الفلسطيني محمد بكري واللبناني لوسيان بورجيلي

تطوان (المغرب) – قال المخرج والممثل الفلسطيني محمد بكري إن دور أبوشادي الذي قدمه في فيلم “واجب” للمخرجة آن ماري جاسر، من أصعب الأدوار السينمائية في حياته لأنه بعيد تماما عن شخصيته الحقيقية.
وفاز بكري بجائزة أفضل ممثل عن هذا الدور من مهرجان دبي السينمائي في ديسمبر الماضي مناصفة مع ابنه صالح بكري الذي أدى أمامه دور الابن أيضا في الفيلم.
وقال بكري في مناقشة مع الجمهور والنقاد لفيلم “واجب” بعد عرضه أخيرا في مهرجان تطوان لسينما البحر المتوسط “أنا لا أشبه أبدا أبوشادي، وكان عندي اعتراض على بعض لقطات الفيلم”.
وتدور قصة الفيلم حول أبوشادي وابنه اللذين يتجولان في مدينة الناصرة بسيارتهما بين الأهل والأصحاب لتوزيع بطاقات الدعوة إلى عرس أمل أخت شادي. ويصور الفيلم عادات وطرق عيش مسيحيي الناصرة ومسلميها وبعض طقوس وأحياء المدينة.
وعُرض الفيلم خارج المسابقة الرسمية للدورة الرابعة والعشرين لمهرجان تطوان السينمائي الدولي التي أسدل الستار عليها السبت.
وذهبت الجائزة الكبرى للمهرجان لأحسن فيلم إلى “بوليكسني” إخراج دورا ماكالافانو، من اليونان، أما جائزة محمد الركاب، جائزة لجنة التحكيم الخاصة، فنالها فيلم “صلاة جنائزية للسيدة ج” إخراج بوجان فولوتيك، أما جائزة عزالدين مدور للعمل الأول لفيلم “أم مخيفة” آنا أوروشادز.
ودافع محمد بكري عن الفيلم وأحداثه أمام بعض النقاد المغاربة الذين اتهموا الفيلم “بالتطبيع” والترويج لصورة طيبة وحياة عادية لتعايش إسرائيلي عربي.
وقال “حياة الإنسان الفلسطيني في الأرض المحتلة ليست أسود وأبيض.. بل بالألوان. هناك شخصية أبوشادي المتصالح مع نفسه الذي يريد أن يعيش ويخبئ وطنيته وإحساسه”.
وقال بكري إن الفيلم يذكره برواية الكاتب والروائي الفلسطيني إيميل حبيبي “الوقائع الغريبة لسعيد أبوالنحس المتشائل”. وفي الرواية كان أبوالنحس أجبن وأضعف بكثير من أبوشادي في الفيلم، وعندما أنجب ابنه فتحي توجست السلطات الإسرائيلية منه، وطلبت منه أن يغير اسمه لأنه ربما يحمل ما يشير إلى منظمة فتح الفلسطينية.
وقال بكري “زمن الشعارات ولَّى وكل إنسان له واقعه. العربي لا يعيش الواقع الفلسطيني، بل يعيش واقع الشعارات والتعاطف”.
بدوره، قال المخرج المسرحي والسينمائي اللبناني لوسيان بورجيلي إن فيلمه “غداء العيد” يطرح أسئلة عن علاقة العائلة بالوطن وإن موضوعه إنساني أكثر منه لبناني.
وقال بورجيلي في مقابلة معه على هامش الدورة الـ24 لمهرجان تطوان الدولي لسينما البحر المتوسط الذي اختتم فعاليته مساء السبت، إن الفيلم “يتساءل عن العلاقة بتاريخنا إن كان بلبنان أو بالعالم العربي وبعلاقتنا الاجتماعية وعلاقة العائلة بالوطن”.
وأضاف “تساءلت هل ما يحدث في العائلة له علاقة بما يحدث في الوطن وهل نحن نبدأ من هنا من هذه المؤسسة التي هي العائلة، لذلك أخرجت الفيلم وحاولت أن أتعمق أكثر، لكن في نفس الوقت وأنا أقوم بهذا ‘التمرين‘ اكتشفت أن الموضوع إنساني أكثر منه لبناني”.
واعتبر بورجيلي أن الفيلم الذي يعرض حاليا بقاعات السينما في دبي وفاز بجائزة لجنة التحكيم في الدورة الرابعة عشرة لمهرجان دبي السينمائي الدولي “يصور الواقع اللبناني بطريقة صادقة”، لكنه تمنى لو أن “الشخصيات الموجودة في الفيلم لم تكن موجودة في الحياة كالشخصية العنصرية أو الطائفية أو الذكورية”.
الفيلم مدته 91 دقيقة ومن بطولة فرح شاعر ووسام بطرس وطوني حبيب وجيني جبارة وحسين حجازي وغسان شمالي، وهو أول عمل روائي طويل للمخرج اللبناني. وتدور قصته حول السيدة جوزفين التي تنجح في لم شمل أسرتها على مائدة غداء عيد القيامة ظاهريا، لكن الخلافات والمشاحنات لم تنجح في رأب صدع العائلة لتفسد فرحة هذا العيد.
ويقول بورجيلي إن “ما لا يقال ولا يعلن عنه في الفيلم صوته أعلى من الذي يقال، إذ أن المعلن هو الشيء العادي اليومي لكن أبعاده النفسية والاجتماعية والسياسية كبيرة”.
وبدأ بورجيلي (37 عاما) مشواره الفني في المسرح حيث تعرضت مسرحيته “تقطع أو لا تقطع” للمنع والرقابة كما منعت مسرحيته “بيروت سندروم” عام 2015. وقال إنه مورس عليه نوع من الرقابة حتى أنه مُنع من تجديد جواز سفره. وأضاف “من وقتها لم أكتب مسرحية.. أحبطت بسبب الرقابة كفنان”.
ويعتبر المخرج أن مبدأ حرية التعبير لا يجب أن يكون في الفن فقط “بل في جميع مناحي الحياة فالفن لا يمكن أن يتواجد إطلاقا دون حرية التعبير”، متسائلا “كيف يعقل أن نمارس رقابة حتى على الخيال
الذي هو أساس الفن؟”، مشيرا إلى أن حجم الرقابة في العالم العربي مخيف، لكنه غير ظاهر بسبب سكوت عدد من الفنانين عما يلاقونه من منع.