تشات جي.بي.تي يحتفل بعامه الأول

مالقة (إسبانيا) - أدى ظهور تشات جي.بي.تي في نوفمبر 2022 إلى إحداث تغيير في مفهوم البحث على الإنترنت الذي كانت غوغل تهيمن عليه منذ 15 عاماً، إذ دفع المجموعة الأميركية إلى تسريع عملية دمج هذه الأداة في محرّكها، ولكن بحذر، على ما أوضح مدير شؤونها العامة كِنت ووكر.

ويمكن لروبوت الدردشة المدعم بالذكاء الاصطناعي إنتاج إجابات شبيهة بإجابات الإنسان على أي سؤال تقريباً. ويعتمد البرنامج على الذكاء الاصطناعي التوليدي، أي يمكنه إنشاء محتوى بدلاً من مجرد تحليل البيانات الموجودة أو التصرف بناء عليها.

وفي خمسة أيام فقط، جمع البرنامج ما يقرب من مليون مستخدم.

وأذهلت قدرات تشات جي.بي.تي العالم، ورغم المخاوف التي تلوح في الأفق بشأن فقدان الوظائف، فقد تم استقبال روبوت الدردشة بشكل جيد يظهر من خلال الإقبال عليه، حيث رأى الكثيرون أنه مساعد فعال للمهام البشرية.

وبالنسبة إلى الكثيرين، أعاد تشات جي.بي.تي تعريف مفهوم قدرة الآلات على التعلم، مما يثبت أن الآلات يمكنها بالفعل تعلم شيء معقد مثل اللغات البشرية والقدرة على التفاعل.

ومباشرة بعد إطلاق روبوت الدردشة المثير للجدل، ضجت وسائل التواصل الاجتماعي حيث شارك المستخدمون القدرات المختلفة لبرنامج الدردشة الآلية، بدءاً من كتابة مقالات والمساعدة في التخطيط للسفر، إلى تقديم أفكار إبداعية فنية وكتابة التعليمات البرمجية، إلى الموسيقى والرسم.

وكانت قدرات تشات جي.بي.تي من بين أكثر المواضيع التي تم الحديث عنها على الإنترنت لعدة أيام.

وفي فبراير صنع تشات جي.بي.تي التاريخ من خلال الوصول إلى 100 مليون مستخدم في شهرين فقط.

وفي عام 2018، قدمت شركة أوبن أي.آي الإصدار الأول من سلسلة “جي.بي.تي”، “جي.بي.تي 1” وأظهر قدرة على التعلم غير الخاضع للرقابة.

وفي نفس العام تم تقديم “جي.بي.تي 2” مع تحسينات كبيرة في قدرات إنشاء النص. ومع ذلك، لم يتم طرح الإصدار للجمهور، رغم أن الشركة أصدرت لاحقاً في نفس العام نسخة مطورة.

وتم الكشف عن “جي.بي.تي 3” في 2020 وتم تدريبه على 175 مليار معلومة، وأظهر الإصدار بعض الإمكانات الرائدة وتم تقديمه باسم تشات جي.بي.تي في نوفمبر 2022.

وتم استخدام تشات جي.بي.تي أيضاً لإنشاء المقالات وحتى الإجابة عن الأسئلة وكتابة الاختبارات، ليستمر في اجتياز العديد من الاختبارات التنافسية.

وقام برنامج الدردشة الآلية باختراق امتحان وارتون لماجستير إدارة الأعمال، واختبار الترخيص الطبي الأميركي، وامتحانات كلية الحقوق في جامعة مينيسوتا. ولكنه فشل في بعض الاختبارات الأخرى.

وتم تقديم “جي.بي.تي 4” في 14 مارس 2023، ويُنظر إليه على أنه تقدم كبير مقارنة بأسلافه لأنه يمكن أن يتكيف مع نغمات وعواطف وأنواع محددة من الكتابة. ويمكنه إنشاء تعليمات برمجية ومعالجة الصور وترجمة اللغات الأجنبية المختلفة.

لكن روبوت الدردشة لم يتخلص تماما من تقديم المعلومات المضللة التي رافقت بداياته الأولى، ومن الممكن أن يقوم تشات جي.بي.تي بجمع معلومات مضللة عن غير قصد من بيانات التدريب الخاصة به وتقديمها على أنها حقيقة.

وأثار العديد من الخبراء مخاوف بشأن عدم وجود دقة في فهم القضايا المعقدة وميلها إلى الاستجابة بتعليمات خطيرة أو إظهار سلوك متحيز. وتجدر الإشارة إلى أنه مع كل تحديث، تعمل أوبن أي.آي على تقليل هذه المشكلة في برنامج الدردشة الآلية الخاص بها.

وأفادت التقارير أن المدارس في مدينة نيويورك حظرت تشات جي.بي.تي في يناير 2023 بسبب مخاوف تتعلق بالسلامة والدقة في ما يتعلق بالمحتوى الذي ينتجه برنامج الدردشة الآلية.

وأعرب خبراء في علوم التربية عن قلقهم من أن التكنولوجيا يمكن أن تؤثر على قدرات التعلم لدى الطلاب خاصة بعد تقديم الإجابات عن أسئلة الامتحانات ما يجعل هذا الروبوت يعيق تنمية التفكير النقدي ومهارات حل المشكلات لدى الطلبة.

وأعرب المعلمون من جميع أنحاء العالم عن مخاوفهم بشأن استخدام الطلاب لتشات جي.بي.تي في واجباتهم. وأدى ذلك أيضاً إلى استخدام المؤسسات العديد من السبل لكشف محتوى الذكاء الاصطناعي لمنع خيانة الأمانة الأكاديمية.

وكانت احتمالية وجود بيانات تدريب متحيزة أو غير كاملة وأسئلة حول شفافية المعلومات التي يستخدمها النظام موضوعاً متكرراً على مدار العام. وبحسب ما ورد، أنشأت الشركة فريقاً أخلاقياً للذكاء الاصطناعي لمعالجة المشكلات.

وفي يوليو 2023، ورد أن شركة أبل حظرت تشات جي.بي.تي من أجهزتها الخاصة بها، وفقاً لوثيقة داخلية استعرضتها صحيفة وول ستريت جورنال.

وفي أغسطس 2023، حظر بنك جي.بي مورغان تشيز على موظفيه استخدام تشات جي.بي.تي لأغراض العمل، مشيراً إلى مخاوف بشأن احتمال قيام برنامج الدردشة الآلية بإنشاء معلومات غير دقيقة أو مضللة. وقد أعربت شركات أخرى مثل سبوتيفاي وأمازون أيضاً عن مخاوفها بشأن برنامج الدردشة الآلية. وتجدر الإشارة إلى أن جميع المنظمات التي حظرت برنامج الدردشة الآلية قد استعادته في فترات زمنية مختلفة.

وحظرت سبع دول تشات جي.بي.تي، وهي روسيا والصين وكوريا الشمالية وكوبا وإيطاليا وإيران وسوريا. وقد استعادت إيطاليا إمكانية الوصول إليه في وقت لاحق. وتختلف أسباب الحظر، لكنها تعتمد في الغالب على مخاوف بشأن إمكانية إساءة استخدامه، مثل المعلومات الخاطئة أو توليد محتوى ضار.

ويبقى مؤسس “الذكاء الاصطناعي المفتوح” سام ألتمان متفائلا بشأن تشات جي.بي.تي، إذ قال في مقابلة مع صحيفة “نيويورك تايمز” أعتقد “أن تشات جي.بي.تي سيكون رائعاً، وأنه يبدو رائعاً جداً”.