ترميم كنوز بيروت الزجاجية رحلة التأني

المتحف البريطاني في لندن يقدم الدعم لإعادة ترميم القطع الأثرية التي دفنت تحت أكوام من قطع الزجاج المكسور إثر انفجار مرفأ بيروت.
الجمعة 2021/08/06
صبر وإتقان

يكافح اللبنانيون لإعادة روح بيروت الجميلة من خلال ترميم الكنوز الأثرية التي راحت ضحية انفجار مرفأ بيروت، رغم أن هذه المهمة ليست سهلة خاصة في ما يتعلق بالتحف الزجاجية التي يصعب جمعها وإعادة ترتيبها، بالإضافة إلى صعوبة نقلها من مواقعها إلى مختبرات الترميم.

بيروت – يساعد المتحف البريطاني الآن في ترميم القطع الزجاجية الأثرية التي دفنت تحت أكوام من قطع الزجاج المكسور إثر انفجار مرفأ بيروت عام 2020 والذي ألحق أضرارا بالغة بالعديد من المؤسسات الثقافية.

عندما هز الانفجار العاصمة اللبنانية، كان المتحف الأثري التابع للجامعة الأميركية في بيروت في حالة خراب، على الرغم من أنه يبعد أكثر من ثلاثة كيلومترات عن الميناء، إلا أن 74 قطعة زجاجية أثرية انكسرت إلى المئات من القطع الدقيقة جراء قوة الانفجار.

ليس ذلك فحسب، بل امتزج زجاج النوافذ المكسورة والزجاج المهشم للإطارات التي عُرضت فيها الأواني الثمينة مع زجاج القطع الأثرية. وبعد جهد مضن من تجميع القطع المكسورة مع بعضها البعض، تبين أنه يمكن إنقاذ 15 وعاء زجاجيا فقط، أما الباقي فقد دمر بشكل كامل ولا يمكن إصلاحه.

ويأتي الدعم لإعادة ترميم القطع الأثرية التي لا يزال من الممكن إنقاذها من المتحف البريطاني في لندن.

وتقول ساندرا سميث المشرفة على صيانة المجموعات الفنية “الزجاج مادة يصعب ترميمها”، إنها “عملية حساسة” لأنه يجب إعادة تجميع القطع مع بعضها البعض تحت الضغط.

ونظرا لأن جميع القطع ليست قابلة للنقل، يمكن ترميم ثماني قطع منها فقط في لندن. وكان المتحف البريطاني قد وافق على دعم زملائه في بيروت فور وقوع الانفجار.

وعبر مدير المتحف البريطاني في لندن هارتفيغ فيشر عن سروره لأنه بفضل الخبرة والموارد المتوفرة في منزله، أصبح من الممكن الآن ترميم القطع الأثرية التي “يمكن أن تحظى بالإعجاب في لبنان لسنوات عديدة قادمة”. ويتم دعم أعمال الترميم البريطانية ماليا من قبل المؤسسة الأوروبية للفنون الجميلة.

الأواني الزجاجية ستعرض بعد انتهاء عملية ترميمها مؤقتا في لندن ومن ثم ستتم إعادتها إلى بيروت

وبعد انتهاء عملية ترميمها، ستعرض الأواني الزجاجية مؤقتا في لندن ومن ثم ستتم إعادتها إلى بيروت.

وتحدث هيده فان زيغيلن رئيس المؤسسة الأوروبية للفنون الجميلة عن “رمز قوي عن عملية الشفاء وقوة المقاومة بعد الكارثة”.

وتوثق الأوعية التي يبلغ عمرها الآلاف من السنين تطور إنتاج الزجاج وتضم أوعية نادرة وزجاجة عطر وكوبا.

وتضرر حوالي 640 مبنى تاريخيا من جراء الانفجار، وفقا لليونسكو، بالاعتماد على بيانات من وزارة الثقافة اللبنانية. بما في ذلك متحف سرسق الشهير أكبر مؤسسة ثقافية للفن المعاصر في لبنان.

ويقع المبنى التاريخي على بعد 800 متر فقط من الميناء، وعلى الرغم من أن الواجهة صمدت أمام الانفجار، إلا أن الجزء الداخلي والنوافذ الملونة والأعمال الفنية المعروضة بداخله تضررت بشدة.

وتأثرت المجموعات الفنية بالغبار الناتج عن التفجير، واستغرق الأمر أربعة أشهر لتنظيف الغرف الداخلية والمخازن، حيث يمكن تنظيف معظم اللوحات في ذات الموقع. أما لوحة راعي المتحف نقولا سرسق، والتي رسمها الهولندي كيس فان دونغن في عام 1930، فيتم ترميمها الآن في مركز بومبيدو في باريس. ولا يُخطط لإعادة فتح المتحف حتى ربيع عام 2022.

وطالت أضرار التفجير المشهد الفني للمدينة أيضا، لأن المناطق المحيطة بالميناء كانت في السابق القلب الثقافي النابض للمدينة.

وتعرض عدد لا يحصى من المعارض الصغيرة والأماكن البديلة والاستوديوهات للتدمير ما قد يجعل المشهد الفني يستغرق سنوات للنهوض من جديد، ليس فقط بسبب نقص الموارد المالية، وبالإضافة إلى ذلك، غادر العديد من الفنانين والموسيقيين البلاد بسبب الوضع المتأزم.

وأراد الالنحات نديم كرم أن يبعث برسالة أمل للفنانين، جنبا إلى جنب مع فريق من حوالي 30 متطوعا، صمم تمثالا فولاذيا من حطام الكارثة، تحت مسمى “الإيماءة” والذي يعد تذكارا لأرواح الانفجار ويعطي أملا للبيروتيين.

24