ترميم جامع النوري.. رسالة تسامح إماراتية لمحو دمار الإرهاب في العراق

مبادرة الإمارات بإعادة بناء جامع النوري ومنارته الحدباء رسالة قوية هدفها نشر التسامح في العراق ودحر الإرهاب.
الخميس 2018/12/27
مبادرة تضمّد جراح الموصل

يشكل مشروع إعادة بناء جامع النوري الكبير ومئذنته الحدباء في مدينة الموصل بالعراق أحد الشواهد على الجهود الإماراتية العراقية المشتركة، حتى تستعيد الموصل وكل المدن العراقية روح التعايش والتسامح وأيضا للتذكير بقيم الإسلام المعتدل التي حاول تنظيم الدولة الإسلامية أن يشوهها، وهي خطوة لإعادة إعمار ما عبثت به أيادي التطرف والإرهاب في العراق.

أبوظبي – تعمل الإمارات على إعادة بناء جامع النوري الكبير ومئذنته الحدباء في مدينة الموصل بالعراق اللذين دمرا خلال معارك طرد تنظيم داعش من المدينة، وتأتي الخطوة في إطار جهودها في عملية إعادة إعمار العراق وترميم أهم معالمه الأثرية التي شوهها الإرهاب.

وكانت الإمارات قد اتفقت مع العراق ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) وبالتعاون مع المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية (إيكروم) على إطلاق مشروع إعادة بناء وترميم مسجد النوري الكبير ومئذنته الحدباء في مدينة الموصل العراقية، في مشروع يمتد خمس ‎سنوات ويعد الأضخم من نوعه في العراق وبتكلفة خمسين مليونا وأربعمئة ألف دولار أميركي.

وأعلنت السلطات المحلية في مدينة الموصل العراقية مؤخرا وضع حجر الأساس لإعادة بناء جامع النوري ومنارته الحدباء التاريخية بدعم وتمويل إماراتي، بعد تدميرهما خلال معارك طرد تنظيم داعش الذي كان يتخذ من المدينة معقلا له.

ويقدم المشروع إلى العراقيين وإلى كل العالم رسالة إيجابية تؤكد قدرة الموصل والعراق على استعادة القيم الوسطية للدين الإسلامي ونشر الانفتاح بدلا عن التعصب والتطرف الفكري والديني والثقافي الذي روجت له التنظيمات المتطرفة.

ويشتمل مشروع إعادة بناء وترميم جامع النوري في الموصل على إعادة بناء المسجد وخاصة منارته الحدباء والمباني الملحقة بالمسجد الذي تم تدميره بالكامل خلال سيطرة تنظيم داعش على المدينة، إضافة إلى إعادة بناء البنية التحتية اللازمة حول المسجد والحدائق التاريخية وبناء صرح تذكاري يحوي بقايا المسجد ومساحات ثقافية ومجتمعية وتعليمية لأفراد المجتمع الموصلي.

وأكدت نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة، أن مبادرة الإمارات بإعادة بناء جامع النوري ومنارته الحدباء رسالة قوية هدفها نشر التسامح في العراق ودحر الإرهاب. وقالت الكعبي، في تصريحات صحافية، ”إن مشاهد جامع النوري بعد استهدافه من تنظيم داعش الإرهابي تسببت في ألم للجميع لا سيما أهالي الموصل في العراق الذين فقدوا معلما يمثل روح مدينتهم العريقة، لذلك تعمل مبادرة الإمارات على إعادة بناء هذا المعلم التاريخي والثقافي العريق”.

وأكدت أن إعادة إعمار جامع النوري تحمل بين طياتها رسالة تعايش في مجتمع متعدد الأديان والمذاهب والثقافات وتتزامن مع إعلان الإمارات عام 2019 عاما للتسامح، موضحة أن هذا المشروع يعد نموذجا يبرز دور الإمارات في صون التراث العالمي والحفاظ على الموارد الثقافية من خلال تبني مبادرات مستدامة تضمن حق الأجيال المقبلة في المواقع الأثرية والتراثية.

وتابعت “للإمارات تاريخ في صون التراث العالمي وهذه الخطوة الاستراتيجية تجسد الشراكة بين الإمارات واليونسكو لإعادة بناء هذا المعلم التاريخي الهام للغاية”، مضيفة أن جامع النوري هو معلم تراثي وتاريخي عريق لا يقتصر على عرق معين بل يشمل الإنسانية جمعاء.

نورة الكعبي وزيرة الثقافة الإماراتية: "إعادة إعمار جامع النوري تحمل بين طياتها رسالة تعايش في مجتمع متعدد الأديان والمذاهب والثقافات وتتزامن مع إعلان الإمارات عام 2019 عاما للتسامح".
نورة الكعبي وزيرة الثقافة الإماراتية: "إعادة إعمار جامع النوري تحمل بين طياتها رسالة تعايش في مجتمع متعدد الأديان والمذاهب والثقافات وتتزامن مع إعلان الإمارات عام 2019 عاما للتسامح".

وأكدت الوزيرة وقوف الإمارات قيادة وشعبا إلى جانب العراق وهو يتعافى من آثار الحرب التي استهدفت إنسانه وكيانه وحجره وبشره، وأشارت ”إننا نتطلع إلى التعاون مع أشقائنا العراقيين ومنظمة اليونسكو وجميع شركائنا في هذا المشروع لإنجاز العمل المطلوب لترفع قواعد الجامع من جديد وتصدح المئذنة بصوت الحق ويعود هذا المعلم التاريخي للعب دوره الريادي شاهدا على الحضارة الإنسانية وإرثا عالميا خالدا لا يمحوه الزمن”.

ومن جانبه، قال أبوبكر كنعان مدير الوقف السني في محافظة نينوى بالعراق إن

جامع النوري الكبير من الجوامع التراثية والتاريخية العريقة حيث يمتد عمره إلى نحو ألف عام مضت ويحظى بمكانة خاصة في نفوس جميع أبناء العراق وأيضا الدول العربية. وأضاف أن الجامع كان يتميز بمنارته أو مئذنته الحدباء الذي يصل ارتفاعها إلى نحو 55 مترا وتزينها الزخارف الفنية الفريدة التي تعكس تراث وتاريخ العراق.

 وأوضح حسام الدين العبار، عضو مجلس محافظة نينوى، أن بناء المنارة الحدباء لجامع النوري سيكون على نفس التراث الأثري القديم مع الإبقاء على القاعدة المتبقية من المنارة كما هي عليه الآن كتوثيق لجرائم تنظيم داعش الإرهابي. ولفت إلى أن المشروع سيتم تنفيذه بمشاركة نحو ألف يد عاملة، مشيرا إلى وجود تنسيق على أعلى مستوى مع الإمارات واليونسكو حول تنفيذه.

ومن جهته أعتبر مصعب جاسم مدير دائرة آثار نينوى، أن مبادرة الإمارات بتمويل إعادة بناء جامع النوري ومنارته الحدباء خطوة رائدة وهامة لكافة أبناء المدينة والعراق، مشيرا إلى أن جامع النوري يشكل معلما هاما للغاية لسكان مدينة الموصل القديمة.

وأكد أن المنارة الحدباء رمز للموصل على مر التاريخ ولها مكانة خاصة للغاية لدى سكان المدينة. ودمّر مسجد النوري ومنارته، المعلم الشهير الذي يعود إلى القرن الثاني عشر، في يونيو 2017 واتهم الجيش العراقي تنظيم داعش بتفجيره. وهو المسجد نفسه الذي شهد الظهور العلني الوحيد لزعيم التنظيم أبوبكر البغدادي في العام 2014.

ويعتبر جامع النوري الواقع في الساحل الأيمن للموصل والذي يشتهر بمنارته المحدبة نحو الشرق من مساجد العراق التاريخية العريقة وثاني مسجد يبنى في الموصل بعد الجامع الأموي، حيث بناه نورالدين زنكي في القرن السادس الهجري أي أن عمره يناهز تسعة قرون وقد أعيد إعماره مرات عدة كانت آخرها عام 1944.

ووفقا لتقديرات الحكومة، تحتاج الموصل إلى ما لا يقل عن ملياري دولار في شكل مساعدات لإعادة الإعمار. وتقود منظمة اليونسكو أيضا جهود ترميم وإصلاح سوق الموصل والمكتبة المركزية التابعة لجامعة المدينة وكنيستين ومعبد لليزيديين.

وتثمن المنظمة المبادرات الدولية والعربية التي تصب في صالح ترميم الموصل، ومن بينها المساهمة الإماراتية في إعادة إعمار جامع النوري العريق في الموصل.

ويعد ترميم جامع النوري الكبير من أكبر مشروعات اليونسكو في الموصل بتمويل قدره 50 مليون دولار من الإمارات. وكانت نورة الكعبي وقّعت في أواخر مايو الماضي مع نظيرها العراقي فرياد رواندوزي بروتوكولا للتعاون الثقافي بين الوزارتين، للبدء في مشروع إعادة بناء مسجد النوري ومنارته الحدباء، بقيمة 50 مليون دولار.

13