تركي الدخيل: السعودية والإمارات تشكلان تحالف الاستقرار العربي

عمّقت التحديات التي شهدتها المنطقة العربية في السنوات الأخيرة العلاقة بين المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة. ويشير سفير السعودية في الإمارات تركي الدخيل إلى أن هذه التحديات دفعتهما نحو مراجعة إستراتيجيتهما الدفاعية الإقليمية بما شكّل درعا لتحصين دول المنطقة من التهديدات المحيطة.
أبوظبي – شهدت منطقة الخليج العربي في السنوات الأخيرة تطورات وتغييرات لافتة على مستوى السياسات الخارجية والإستراتيجيات الدفاعية فرضتها من جهة توجهات الولايات المتحدة وما تسببت فيه من إطلاق يد إيران، ومن جهة أخرى أحداث الربيع العربي وما جاءت به من تهديدات تيار الإسلام السياسي.
ويشير تركي بن عبدالله الدخيل، سفير المملكة العربية السعودية لدى دولة الإمارات العربية المتحدة، في محاضرة نظمها مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، إلى أن هذه التحديات قرّبت أكثر المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة، اللتين عززتا من تعاونهما وأعادتا رسم المشهد في الخليج والشرق الأوسط من خلال قوة التنسيق الذي يتجه ليكون تكاملا بإمكانيات كبرى على جميع الأصعدة والمستويات.
أسس مشتركة
يؤكد الدخيل في محاضرته التي جملت “العلاقات السعودية- الإماراتية في ضوء التحديات المشتركة”، أن العلاقات بين البلدين تنطلق من أسس اجتماعية وسياسية مشتركة، برهنت عليها التفاهمات المباشرة.
واستحضر الدخيل، الذي يشغل منصبه منذ نهاية ديسمبر عام 2018، تاريخ العلاقات بين البلدين والذي يعود إلى السنوات الأولى لتأسيس دولة الاتحاد وحتى قيام دولة الإمارات العربية المتحدة.
وأضاف أن التوافق السياسي الراهن بين البلدين، تبلور منذ ستينات القرن الماضي، وتعزز لاحقا في أكثر من مناسبة، كالتنسيق لدعم جمهورية مصر العربية في حرب 1973، وحرب تحرير الكويت 1991، والموقف المشترك من أحداث 2011 في بعض الدول العربية؛ كما تعزز أكثر، بمشاركة البلدين في عاصفة الحزم لدعم الشرعية في اليمن الشقيق
لا يمكن النظر إلى التحديات التي تواجهها السعودية والإمارات بمعزل عن سياسات بعض الجهات الداعمة للانقسام في العالم العربي.
وتوجت علاقات الطرفين بإعلان مجلس التنسيق السعودي- الإماراتي رعاية للمصالح المشتركة؛ الذي عقد اجتماعه الأول في 7 يونيو 2018 برئاسة الأمير محمد بن سلمان والشيخ محمد بن زايد آل نهيان في جدة. وعُقد الاجتماع الثاني للجنة التنفيذية في أبوظبي في 17 يناير 2019 لمتابعة تنفيذ المشروعات الإستراتيجية المشتركة.
وأكد تركي الدخيل أن تحالف الاستقرار العربي بقيادة السعودية والإمارات تمت ترجمته عن طريق انخراطهما في “عاصفة الحزم” وتعزيزهما لاستقرار فكرة الدولة والحفاظ على ما تبقى منها، كما التقت جهودهما الدبلوماسية للعمل في المحافل الدولية من أجل دعم الخيارات الشرعية للشعب اليمني. أما على المستوى الاقتصادي فقد تجاوزت الاستثمارات السعودية في دولة الإمارات 35 مليار درهم، كما بلغ عدد المشروعات الإماراتية في السعودية نحو 114 مشروعا، مقابل 206 من المشاريع السعودية في دولة الإمارات. وتعمل اليوم في دولة الإمارات العربية المتحدة نحو 23 ألف شركة سعودية و66 وكالة تجارية، فيما تحتضن المملكة العربية السعودية مشروعات إماراتية مشابهة.
الدفع نحو الصراعات
في سياق الحديث عن التحديات التي يواجهها البلدان، قال تركي الدخيل إنه لا يمكن النظر إليها بمعزل عن سياسات بعض الجهات الداعمة للانقسام في العالم العربي، والتطرف في الشرق الأوسط وخارجه، كما كانت سياسات بعض الجهات الخارجية هي الدافع نحو إثارة الصراع الطائفي في اليمن وسوريا والعراق، فضلا عن تبنيه حركات الإسلام السياسي بشقيها السني والشيعي، لفرض حالة من عدم الاستقرار والفراغ السياسي في المنطقة، كتمهيد للتدخل الخارجي.
وتحدث عن مواجهة السعودية والإمارات لخطر التنظيمات الإرهابية التي خصصت الكثير من إصداراتها لانتقاد سياسات مكافحة التطرف والإرهاب في البلدين، وتوجيه نقدها لسياسات الانفتاح المتبعة في الدولتين، ومهاجمتها لفكرة الدولة، ورموز الاعتدال العربي، باستخدام الأكاذيب والأدوات غير الأخلاقية، وهو ما يتطلب يقظة إعلامية وتوعوية مستمرة لإعادة شرح التصورات وتحديد المنطلقات الأخلاقية لاستعادة الدين من مختطفيه، وصونه من أيدي العابثين به والمستغلين له، وحماية فكرة الدولة ومؤسساتها، وضمان استقلال القرار الوطني عن توجيهات الأيادي الخارجية وتعزيز هويَّة المواطن، وتأمين مستقبل الأجيال القادمة في المنافسة عبر ترسيخ منظومة القيم الأخلاقية العصرية الداعية إلى التسامح والانفتاح، من دون تأثير في القيم الأساسية والاجتماعية. وأضاف الدخيل في هذا السياق أن الوعي السعودي-الإماراتي أدرك أن تنظيم داعش ليس سوى امتداد لتطرف رعته التنظيمات الإرهابية فكريا لخدمة أهدافها السياسية، ولهذا شاركت الدولتان في التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب بكفاءة قتالية عالية نالت الإشادة العالمية، كما دعمتا جهود مكافحة الإرهاب في الساحل الأفريقي وأنشأتا بالتعاون مع أميركا المركز العالمي لمكافحة الفكر المتطرف (اعتدال). وعندما اتجهت السعودية بقيادة الأمير محمد بن سلمان نحو إنشاء التحالف الإسلامي العسكري لمكافحة الإرهاب، كانت دولة الإمارات من أولى الدول الحاضرة بقوة في هذا التحالف.