تخويف مما لا يخيف

الثلاثاء 2017/07/25

نحن الآن في حمّارة القيظ. يعني في شدة حرارته وليس عندنا ما نتطلع إليه سوى أغسطس المشتعل الحارق. في هذا شيء يشبه يناير وهو شهر كئيب وأسوأ ما فيه أنه يفضي إلى فبراير الأشد كآبة. الشهر الذي يلي مهم في كونه قد يعطيك ما تتطلع إليه.

مهما يكن من أمر، الشيء المبهج في فصل الحر هو أنّ دعاة البيئة يكفون عن صدع رؤوسنا بالتحذير من الاحتباس الحراري وظاهرة البيت الزجاجي. ألا تلاحظون؟ أنهم ينشطون في الشتاء حين يكون الإنسان بردان ولا يخاف من الإدفاء بل ويرحب به ويصمتون في الصيف حين يخشى المرء ارتفاع درجات الحرارة.

لسبب سنأتي على ذكره يختارون أن ينذروا البردان ويخيفوه من ارتفاع درجات الحرارة. انتبهوا إلى هذه الظاهرة من الآن وصاعدا وستجدونني محقا، كل عام في فصل البرد يحاولون أن يخيفوننا بارتفاع درجات الحرارة درجتين إذا استهلكنا طاقة أحفورية ينتج عنها ثاني أوكسيد الكربون.

وحماقة تخويفنا بالدفء في عز البرد تشتمل على حماقة أخرى. الإنذار الأخرق الآخر، الذي لا يأبه له أحد، هو ما سيحل بنا إذا أشعلنا المدفأة طلبا للدفء. يقولون لنا إن إيقاد المدافئ يطلق ثاني أوكسيد الكربون الذي يؤدي إلى الاحتباس الحراري وهذا بدوره سيؤدي، وبعد سلسلة من التأثيرات، إلى أن الدب القطبي في خليج هدسون لن يجد كفايته من السمك.

تصوروا. يتوقعون أننا سنظل نرتجف بردا ولا نوقد المدفأة ونتحمل كل هذ النكد من أجل ان يجد الدب القطبي كفايته من السمك في خليج هدسون. يفترضون أن شعارنا في الحياة “نموت نموت ويحيا الدب القطبي” وهتافنا الحماسي الصباحي “بالروح بالدم نفديك يا دب”.

أطفالنا يرتجفون بردا ويطلبون المدفأة ونحن نصرخ فيهم “أي مدفأة؟ هل تريدون أن لا يجد الدب القطبي سمكا يأكله في خليج هدسون المحاذي لهضبة اللابرادور في كندا؟”.

تفسير هذه الحماقة وهذا الإنذار الذي ليس في محله هو أننا نقلد الغرب ونترجم كل شيء عنهم. في هذه الحالة التحذير غير قابل للترجمة. نحن شعوب تعاني الكثير وليس فيها بقيا من عاطفة للقلق على الدب القطبي. “اللي فينا مكفينا”، كما نقول.

ونحن أيضا نستهلك طاقة أكثر في الصيف عبر أجهزة التبريد. الأوروبيون يستهلكون طاقة ويلوثون الجو بثاني أوكسيد الكربون في الشتاء وفي الصيف لا يستهلكون طاقة تذكر. صيفهم ربيع، والإنذار مصنوع لهم ويتعلق بنمط استهلاكهم للطاقة ووجدانهم المرتاح بما يكفي بحيث يهمهم توفر السمك للدب القطبي.

ومع ذلك، يظل التحذير من ارتفاع درجات الحرارة في موسم البرد أمرا سخيفا.

24