تحرر السعوديات يقربهن من تحقيق حلم احتراف كرة القدم

المملكة الثرية التي ظلّت مغلقة لعقود تتطلع إلى بناء منتخب نسائي قادر على المنافسة في البطولات القارية والعالمية.
الاثنين 2021/11/22
القادم أفضل

الرياض – اقتحمت المرأة السعودية الكثير من المجالات في البلاد، وهو أمر لم يكن يخطر حتى على البال قبل بضع سنوات فحسب لكنه أصبح الآن عرفا سائدا في ظل الإصلاحات التي يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لتحديث المملكة.

ويناهز عدد النساء في السعودية 14 مليونا و781 ألفا، من أصل نحو 35 مليون سعودي. ويعمل عدد صغير من النساء منذ فترة طويلة في السعودية لكنّ وظائفهن كانت عادة في القطاع الحكومي في خدمات التدريس والرعاية الطبية عملا بقواعد الفصل التام بين الجنسين التي كانت سارية.

مونيكا ستاب: المنتخب السعودي للسيدات سيصبح الأول بين دول الخليج
مونيكا ستاب: المنتخب السعودي للسيدات سيصبح الأول بين دول الخليج

غير أنه ومع تخفيف القيود على اختلاط الجنسين وقيادة السيارات وبعض جوانب وصاية الرجال على المرأة بدأت الشركات توظف أعدادا أكبر من النساء، واتجهت النساء أيضا لاحتراف ممارسة رياضات كانت في السابق حكرا على الرجال، رغم أن جزءا محافظا من المجتمع مازال ينظر إلى ممارسة المرأة للرياضة، وخاصة ممارسة الرياضات القتالية بشكل خاص، على أنها أمر غير لائق.

وينطلق في السعودية الاثنين أوّل دوري كرة قدم نسائي في المملكة المحافظة، لتبدأ معه رحلة المئات من الفتيات والشابات نحو اللعب بشكل احترافي، وربما المشاركة في بطولة كأس العالم للسيدات يوماً ماً.

وأعلنت الرياض الأسبوع الماضي عن انطلاق الدوري في الثاني والعشرين من نوفمبر بمشاركة 16 فريقاً وتحت إشراف “إدارة الكرة النسائية” التابعة للاتحاد السعودي لكرة القدم، بعد بضع سنوات فقط من رفع الحظر عن ممارسة النساء للعبة.

وتتطلّع الدولة الثرية التي ظلّت مغلقة لعقود، إلى بناء منتخب نسائي قادر على المنافسة في البطولات  القارية والعالمية، وهو أمر لم يكن ممكناً تصوّره قبل فترة قصيرة حين كانت الشرطة الدينية تفرض على النساء قواعد اجتماعية صارمة.

وسمحت المملكة في العام 2017 للنساء المشجعات للرياضة بحضور الفعاليات الرياضية في الملاعب العامة لأول مرة، وسعت أيضا لفرض حصص التربية البدنية على الفتيات.

ومن بين أكثر المتحمّسات، الشابة الموهوبة فرح جفري (18 عاماً) التي تأمل في أنّ تحقق “حلمها” يوماً بالاحتراف في الدوري الإنجليزي لكرة القدم، وقيادة بلادها إلى المونديال النسائي.

وقالت جفري التي ربطت شعرها خلف رأسها أثناء تجمّع للاعبات تم اختيارهنّ ليشكلن أساس المنتخب الوطني في الرياض “بدايتي مع كرة القدم كانت فيها صعوبات لأن الناس لم يكونوا يتقبّلون (الفكرة) ولم يكن هناك فرق لممارسة كرة القدم”.

وتابعت الشابة الجامعية التي تحمل القميص رقم 16 وتظهر مهارات كبيرة في المراوغة والتسديد عن بعد “أسرتي وأصدقائي كانوا يشجعونني” على مواصلة حلمي.

وكغيرها من السعوديات الشغوفات بكرة القدم، كانت جفري تمارس هوايتها مع أقربائها في الشارع أو المدرسة وتعزّي نفسها بمشاهدة مباريات كرة القدم تلفزيونياً، دون أن يسمح لها بالمشاركة في أيّ أنشطة رسمية للعبة.

لكنها استفادت من الانفتاح الاجتماعي والثقافي غير المسبوق الذي تشهده السعودية منذ أصبح الأمير الشاب محمد بن سلمان في 2017 ولياً للعهد في المملكة التي يشكّل الشباب نحو ثلثي سكانها البالغ عددهم حوالى 35 مليوناً.

وجفري واحدة من حوالى 30 لاعبة يشكلن نواة الفريق الوطني النسائي وتم اختيارهن من بين حوالى 400 مشاركة، بحسب مسؤولين.

وسيُقام الدّوري على مرحلتين من خلال دوري المناطق في مرحلته الأولى بمشاركة 16 فريقاً، وستقام مبارياته في ثلاث مدن وهي (الرياض، جدة، الدمام) بمشاركة 6 أندية من كل منطقة (باستثناء الدمام 4 فرق) للعب بنظام الدوري من دورين.

وقالت جفري التي تحلم بالاحتراف في نادي مانشستر سيتي الإنجليزي “أحلم باليوم الذي أستطيع فيه تمثيل بلادي في كأس العالم” للسيدات.

ولا توجد فرق نسائية تابعة للأندية الرياضية في السعودية، التي تأهّل منتخبها للرجال لكأس العالم في خمس مناسبات.

وفي حصتهنّ التدريبية على ملعب الأمير فيصل في الرياض، ارتدت لاعبات المنتخب وبعضهن غير محجبات، ملابس رياضية سوداء، وبناطيل طويلة تحت سراويلهن الرياضية القصيرة.

وأعربت حارسة مرمى الفريق لاما العنيزي (25 عاماً) عن سعادتها لاختيارها ضمن الفريق. وقالت خريجة الهندسة المعمارية “لقد حقّقت حلمي وحلم أهلي”.

وأسّست السعودية ثلاثة مراكز تدريب إقليمية للفتيات الصغار من أعمار 13 إلى 17 عاماً بهدف اجتذاب المواهب الشابة، في خطّة أكبر تستهدف إنشاء تسعة مراكز بحلول عام 2025.

كما عيّنت المملكة قبل أشهر قليلة الألمانية المخضرمة مونيكا ستاب كأول مدربة لفريقها الوطني الوليد للسيدات.

وقالت ستاب صاحبة الشعر الأبيض التي فازت كمدربة ببطولة أوروبا للأندية للسيدات في عام 2002 “كل شيء جديد هنا، تماماً كما يبدأ الطفل في المشي ثم الوقوف”.

وتستعد لاعبات “الصقور الخضر” لخوض أول مباراة ودية على المستوى الدولي في فبراير المقبل.

وتشعر ستاب التي سبق لها تدريب منتخبي البحرين وقطر، بتفاؤل، قائلة إنه “في غضون خمس إلى ثماني سنوات سيصبحن الرقم واحد من بين دول الخليج” التي تمتلك جميعها منتخبات وطنية للسيدات.

7