تحديات تواجه خطط المغرب لحماية حقوق العمال

محاولات حثيثة من الفاعلين الاقتصاديين لوضع أسس واضحة للتعويض عن فقدان العمل والبطالة.
الاثنين 2022/05/09
ألو.. أين وصلت عملية الإصلاح؟ حوّل..

يواجه المغرب البعض من التحديات في طريق تكريس منظومة شاملة للتعويض عن فقدان الشغل والبطالة بغية إدخال حقوق العمال مرحلة جديدة في ظل مسار الإصلاح الاقتصادي، الذي تتبعه الحكومة لدفع عجلات التنمية من بوابة تحفيز سوق العمل.

الرباط - يعتزم المغرب تعميم التعويض عن فقدان الوظيفة خلال السنوات الأربع المقبلة ليشمل كل شخص لديه عمل مستقر سواء في القطاع العام أو الخاص، ضمن سياسة بدأت السلطات في توخيها لحماية حقوق العمال ضمن إطار عام يتعلق بالنموذج التنموي الجديد.

لكن هذا المشروع الهام تعترضه عدة تحديات ومعيقات منها عدم التصريح بالعمال أو تغيير المستخدمين لشركاتهم بشكل متكرر، بالإضافة إلى الإجراءات الإدارية المقبلة.

ولحل هذه المشكلة قدّم المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي مؤخرا توصيات بخصوص التعويض عن فقدان الشغل والمعيقات المطروحة في هذا الصدد.

وأكد رئيس المجلس أحمد رضا الشامي في تصريحات صحافية الأسبوع الماضي أنه يفترض أن يستفيد 30 ألف مغربي سنويا من هذا التعويض منذ 2015، ما يعني أن العدد كان سيصل اليوم إلى أزيد من 200 ألف، غير أن المستفيدين بلغ عددهم 70 ألفا فقط.

إدريس الفينة: فقدان العمل خطر يهدد الاستقرار الاجتماعي والمالي

وبناء على هذه المعطيات توقع الشامي، أن يكون التعويض على 6 أشهر ويبلغ 70 في المئة من الأجر الأخير لكن دون أن يتجاوز سقف الحد الأدنى للأجور، وهو ما جعل نصف الملفات المعروضة للتعويض يتم رفضها.

واعتبر الخبير الاقتصادي إدريس الفينة أن التعويض عن فقدان الوظيفة يأتي ضمن مشروع القانون الخاص بالتغطية الاجتماعية الشاملة كونه استثمارا مجتمعيا بمردودية مستدامة على المدى البعيد وسيخلق استقرارا نفسيا.

وقال في تصريح لـ”العرب” إن “فقدان فرص العمل يسهم في انخفاض مداخيل الأسر وتدهور الادخار وتضرر القدرة الشرائية، وبالتالي خطر عدم الاستقرار الاجتماعي والمالي”.

وأشارت المندوبية السامية للتخطيط في مذكرتها الدورية الشهرية حول وضعية سوق العمل نشرتها الخميس الماضي، أن الاقتصاد المغربي فقد 85 ألف فرصة عمل ما بين الربع الأول من 2021 والربع الأول من هذا العام.

ولامتصاص البطالة أطلقت الحكومة برنامج ”أوراش” بهدف توفير 250 ألف فرصة عمل مباشرة خلال عامي 2022 و2023.

وستتم هذه الخطة بعقود تبرمها جمعيات المجتمع المدني والتعاونيات والشركات، مع أفراد فقدوا عملهم بسبب كورونا، والذين يجدون صعوبة في الوصول إلى فرص العمل دون اشتراط مؤهلات بموازنة 240 مليون دولار.

ويعتقد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي أنه من الضروري اعتماد نظام للتأمين عن البطالة لكافة الفئات.

واقترح تفعيله بشكل تدريجي وأن يكون موضوع نقاش وتشاور بين الأطراف المعنية حتى يتم الأخذ بعين الاعتبار خصوصيات مختلف المهن، كما يقتضي التحديد المسبق لآثار وقف النشاط على فئات العاطلين عن العمل.

أحمد رضا الشامي: منذ 2015 لم يستفد من البرنامج سوى 70 ألف شخص

ويرى الشامي أن تخصيص 5.1 مليار دولار لمختلف مبادرات الحماية الاجتماعية يُعبر عن الرؤية السياسية والتضامنية بشراكة بين القطاعين العام والخاص، مشددا على ضرورة تقوية الاقتصاد قصد رصد مبالغ أكبر للحماية الاجتماعية يُمَكِّن من إدخال العاطلين.

ويشكل التعويض عن فقدان الشغل مكونا أساسيا في المنظومة الاستراتيجية الطموحة المتعلقة بتعميم الحماية الاجتماعية، الذي أطلقه العاهل المغربي الملك محمد السادس قبل أشهر، كما ينص على ذلك القانون المتعلق بالحماية الاجتماعية.

ويؤكد الحسين اليماني ممثل الكونفدرالية الديمقراطية للشغل في المجلس الإداري للضمان الاجتماعي على مسألة تبسيط شروط الاستفادة من التعويض عن فقدان العمل التي اعتبرها تعجيزية، من أجل الاستجابة أكثر لطلبات التعويضات داعيا إلى توسيع عدد المستفيدين ليشمل فئة المعطلين.

ولاحظ تقرير المندوبية السامية للتخطيط أن معدل البطالة ارتفع لدى الشباب البالغين ما بين 15 و24 سنة، منتقلا من 32.5 في المئة إلى 33.4 في المئة، في حين تراجع في صفوف الفئات الأخرى من السكان.

وكان حزب الحركة الشعبية قد قدم مقترح قانون للبرلمان، يسمى “نظام التعويض عن عدم الشغل”، لمنح تعويضات لفائدة المغاربة.

ويهدف مشروع القانون إلى تقديم إعانات مادية لفائدة الأشخاص البالغين المؤهلين للعمل، الذين يوجدون في طور البحث عن فرص الشغل أو الذين فقدوا عملهم منذ 3 أشهر على الأقل.

الحسين اليماني: شروط الاستفادة من التعويض عن فقدان العمل تعجيزية

ويعاني المطالبون بالتعويض عن فقدان الشغل من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي من عدة صعوبات، نظرا لشروطه الصعبة، والمتمثلة أساسا في أن يكون المستفيد مساهما في الصندوق لمدة 780 يوما، وأن يكون ساهم فيه لمدة 260 يوما قبل فقدان الشغل.

ويهدف التعويض عن فقدان الشغل إلى مرافقة العامل الذي فقد عمله بشكل لا إرادي وانخرط في بحث جدي عن عمل جديد.

ومن المفترض أن يضمن له ذلك تعويضا لفترة يمكن أن تصل إلى 6 أشهر، ويساوي المبلغ الشهري للتعويض 70 في المئة من الأجر المرجعي أي متوسط الأجور الشهرية المصرح بها خلال 36 شهرا الأخيرة دون تجاوز الحد الأدنى للأجر المعمول به.

ويخضع صندوق التعويض عن عدم الشغل، لوصاية الدولة التي تهدف إلى العمل على تقيد أجهزته المختصة بمقتضيات هذا القانون، والسهر على تطبيق النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل.

ويخضع صندوق التعويض عن عدم الشغل، كذلك للمراقبة المالية للدولة طبقا للنصوص التشريعية الجاري بها العمل.

وتوصلت دراسة أنجزها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لمجموعة من المعيقات، التي بسببها لم يستطع هذا النظام تحقيق النتائج المتوخاة التي كانت منتظرة منه.

وأشارت الدراسة إلى مجموعة من السيناريوهات تهم تبسيط المساطر واعتماد شروط تمكن من توسيع دائرة المستفيدين من هذه المنفعة، تم رفعها إلى الحكومة.

ولتجاوز كل المعيقات، أوصى المجلس الاجتماعي والاقتصادي، بالعمل على إرساء إصلاح شمولي تدريجي لآلية التعويض عن فقدان الشغل والتعجيل بإجراء دراسة حول إرساء منظومة للتعويض عن البطالة، تشمل نظاما للتأمين ونظاما للمساعدة، ويتم ربطها بآلية فعالة للمساعدة على العودة إلى العمل.

11