تحالف القراصنة الأحمر يردّ على من يمس شرف الصين السياسي

النشاط الإلكتروني في الصين أدى إلى إنشاء مجتمع مدرب على تقنيات اختراق أجهزة الكمبيوتر.
الجمعة 2020/08/28
تحالف يخدم مصالح الصين

دونغوان (الصين) – “دافعوا عن الوطن”… من الثكنات إلى الفضاء الإلكتروني جاء “برنس” الجندي السابق في الجيش الصيني الذي سخّر مواهبه في القرصنة لخدمة البلاد، مستعدا للرد عندما يتعرض شرف بكين للهجوم.

من مكتبه الصغير في دونغوان، ليس بعيدا عن هونغ كونغ، يقدم الرجل الثلاثيني نفسه كواحد من جنود “تحالف القراصنة الأحمر”. وبكبسة زر، يمكنه حشد عشرات المتطوعين لتنفيذ أوامره.

لكن “برنس” هو ناشط إلكتروني أكثر من كونه واحدا من هؤلاء القراصنة الصينيين الغامضين الذين تخشاهم أجهزة الاستخبارات الغربية. أما قدراته فهي تحطيم خوادم المواقع الأجنبية التي تعتبر معادية أو تغطيتها بأعلام حمراء.

وقال “برنس” لوكالة فرانس برس رافضا الكشف عن اسمه الحقيقي “اكتسبت وطنيتي منذ فترة خدمتي في الجيش. للجنود دور وطني يلعبونه في المعارك الحقيقية. لذلك سعيت لتأدية الدور نفسه على الإنترنت”.

تعتبر القرصنة غير قانونية في الصين لكن النظام الشيوعي غض الطرف عن نشاطات التحالف، أحد أقدم مجموعات القراصنة في البلاد وأكثرها شهرة.

وبحلول منتصف العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، كان التحالف يضم أكثر من 80 ألف عضو وفقا لـ”برنس”، لكن هذا العدد تقلص بعدما تم تجنيد “متطوعين” في خدمات الأمن الإلكتروني لأطراف أخرى.

و”برنس” يعمل كمبرمج كمبيوتر، لكن نشاط القرصنة هو تطوعي.

وأكّد “برنس” أن أعضاء التحالف يجب ألا تقل أعمارهم عن 18 عاما وأن يتمتعوا “بمعايير أخلاقية عالية”.

 القرصنة.. نشاط تطوعي
 القرصنة.. نشاط تطوعي

وفي العام 2017، عزز قانون الأمن الإلكتروني العقوبات ضد القرصنة في الصين. وقد أصبح العمل عبر الإنترنت بهوية مزيفة أكثر صعوبة.

ولفت محلل من شركة “ريكورديد فيوتشر” الأميركية للأمن الإلكتروني إلى أن “بكين ترى في هؤلاء الناشطين في مجال الأمن الإلكتروني أداة يمكن استخدامها حسب الرغبة”.

وأضاف هذا الخبير من دون الكشف عن اسمه خوفا من العواقب المحتملة “إنهم يلقون تسامحا ضمنيا طالما أنهم يستهدفون أعداء الصين ولا يهاجمون المنظمات الوطنية ولا يسيئون إلى إستراتيجية البلاد أو صورتها”.

وأكد “برنس” أن “القراصنة الحمر” ليس لهم علاقة بالنفوذ الصيني. لا شيء يربطهم بالقراصنة الذين يدعمهم النظام بالتدريب والمال والسرية التي ينطوي عليها عملهم. لكن الجسور موجودة.

فقد أدى النشاط الإلكتروني إلى إنشاء مجتمع مدرب على تقنيات اختراق أجهزة الكمبيوتر، وفق ما قال سكوت هندرسون الخبير في شركة الأمن الإلكتروني “مانديانت ثريت إنتليجنس”.

وأضاف “هذه مجموعة كبيرة من المهارات يمكن للدولة أن تستفيد منها”.

وأصبح “برنس” في 2005 “قرصانا أحمر” بعدما اكتشف شغفه بأجهزة الكمبيوتر على إثر تركه الجيش.  وهو أوضح أن “الواجب يلزمني بالدفاع عن سيادة الدولة في الفضاء الإلكتروني”.

من لوحة مفاتيحه، يتأكد أنه لا يهاجم أي شخص ولا ينتقم إلا عندما تكون بلاده مهددة.

تحالف قوي
تحالف قوي

وبدأ التحالف استهداف مواقع أجنبية في أواخر تسعينات القرن الماضي ردا على أزمات جيوسياسية تشمل بكين مثل قصف حلف شمال الأطلسي (الناتو) السفارة الصينية في بلغراد العام 1999.

وبعد ذلك بعامين، تمكّن القراصنة الحمر من عرض العلم الصيني وشعارات مؤيدة للصين على مواقع عدة في الولايات المتحدة بعد تصادم طائرة استطلاع تابعة للبحرية الأميركية ومقاتلة صينية.

وطال غضبهم القومي اليابان وكوريا الجنوبية أيضا، إذ قبلت الأخيرة في العام 2017 نشر نظام أميركي مضاد للصواريخ. وقد تم تحطيم خوادم العديد من المواقع الإلكترونية الكورية الجنوبية.

وفي يوليو الماضي، اتهمت وزارة العدل الأميركية الصين بالعمل مع اثنين من قراصنة الإنترنت ظلا يستهدفان الشركات في مختلف أنحاء العالم على مدار عشر سنوات، ووضعا مؤخرا خططا لمهاجمة شركات الدواء التي تعمل على تطوير لقاحات وأدوية لعلاج فايروس كورونا المستجد.

ونقلت “نيويورك تايمز” عن مسؤولين أميركيين قولهم “قرار توجيه اتهام محدد ضد فرق القرصنة الإلكترونية التي تديرها الصين، إنما هو جزء من إستراتيجية ردع تضمّ في إطارها الإداري والتنفيذي القيادة السيبرانية الأميركية ووكالة الأمن القومي”.

ويواجه المواطنان الصينيان اتهامات باستهداف شركات في الولايات المتحدة وأوروبا وآسيا، بما في ذلك بعض الحلفاء الرئيسيين للولايات المتحدة، الذين يمتلكون صناعات تكنولوجية متطورة مثل ألمانيا واليابان.

وبالإضافة إلى التعاون مع الهيئات الحكومية الصينية، يشتبه أن الاثنين كان ينفذان هجمات سيبرانية من أجل تحقيق مكاسب شخصية لهما.

وتتهم الولايات المتحدة الصين بالاشتراك مع كوريا الشمالية في توفير ملاذات آمنة لنشاط جرائم الإنترنت.

استهداف أعداء الصين
استهداف أعداء الصين

 

6