تأثيرات فايروس كورونا تطال الممارسات الدينية

امتدت تأثيرات تفشي فايروس كورونا في العالم، إلى الممارسات الدينية، الإسلامية والمسيحية واليهودية، حيث قررت المملكة العربية السعودية، التعليق المؤقت لمنح تأشيرات العمرة وزيارة الحرم النبوي الشريف، للحيلولة دون تفشي الفايروس في صفوف المعتمرين وضيوف المملكة، وانتصارا لمبدأ “درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح”.
الرياض - أثّر تفشي فايروس كورونا على الممارسات الدينية الإسلامية في الشرق الأوسط، حيث منعت المملكة العربية السعودية، الأربعاء، مواطنيها وسكان المملكة الآخرين من أداء العمرة في مكة المكرمة، بينما ألغت إيران صلاة الجمعة في مدنها الكبرى.
أثرت القرارات التي اتخذتها السلطات في الرياض وطهران على المسلمين السنة والشيعة، على حدّ سواء.
وجاءت الخطوة السعودية الأخيرة كتوسيع للقرار الذي فرضته، الأسبوع المنقضي، حيث منعت زيارة الأجانب لمكة المكرمة والمدينة المنورة المقدّستين في الإسلام.
أدى هذا القرار وحده إلى عرقلة سفر الآلاف من المسلمين الذين توجهوا إلى المملكة بالفعل، وقد يؤثر على خطط الأشخاص الآخرين الذين قرروا أداء العمرة قبل شهر رمضان وخلاله، ويمكن أن يمتد هذا المنع إلى الحج الذي يقام سنويا.
وحتى بعد الإعلان الذي نشرته المملكة العربية السعودية، في 27 فبراير الماضي، بقي الأشخاص الموجودون داخل حدود البلاد قادرين على السفر إلى المسجد الحرام في مكة المكرمة، أين يحيط الحجاج بالكعبة الشريفة التي تعدّ قبلة المسلمين في جميع أنحاء العالم. وكانت الحشود أقل من المعتاد قبل بيان الأربعاء، وهو ما أكده مسؤول بوزارة الداخلية قبل أن تنقله وكالة الأنباء السعودية الحكومية.
يشار إلى أن السعودية تستقبل الملايين من المسلمين الراغبين في أداء فريضة الحج التي من المقرر أن تنظم في أواخر يوليو/أوائل أغسطس (حسب الرؤية). لكن، يتدفق المسلمون إليها لزيارة الأماكن المقدسة على مدار السنة. وجذبت العمرة 7.5 مليون شخص غير سعودي في العام 2019 وحده.
لم توضح السعودية الطريقة التي تعتزم اتباعها لفرض الحظر بعد. ووصفت الحكومة تعليق العمرة بالإجراء “المؤقت”، لكنها لم تلمّح إلى موعد رفعه. ويبدو الحظر ممتدا بطريقة تشمل المسجد النبوي الشريف في المدينة المنورة.
وحسب وكالة الأنباء السعودية “واس”، جاء القرار ضمن التدابير الاحترازية التي اختارت حكومة المملكة اتخاذها للحدّ من انتشار فايروس كورونا الجديد “كونفيد 19” ومنع وصوله إلى الحرمين الشريفين اللذين يشهدان تدفقا دائما وكثيفا للحشود البشرية، مما يجعل من مسألة تأمين تلك الحشود أهمية قصوى. كما يأتي استكمالا للجهود التي تم اتخاذها، والرامية إلى توفير أقصى درجات الحماية لسلامة المواطنين والمقيمين.
وتفاعلا مع القرار السعودي أكدت دار الإفتاء المصرية أن قرار سلطات المملكة العربية السعودية الخاص بالتعليق المؤقت لمنح تأشيرات العمرة وزيارة الحرم النبوي الشريف، لمواجهة انتشار فايروس كورونا يتفق مع أحكام الشريعة الإسلامية، للحفاظ على أرواح وسلامة المعتمرين وضيوف الرحمن.
وأعربت دار الإفتاء عن تأييدها لمواقف المملكة، وحرصها على أمن واستقرار المشاعر الدينية، وكل ما تتخذه من إجراءات لضمان تحقيق ذلك، وسعيها الدؤوب للحفاظ على أرواح المعتمرين وضيوف الرحمن، لافتة إلى أن قرار التعليق المؤقت لمنح تأشيرات العمرة وزيارة الحرم النبوي الشريف يأتي استنادا للقاعدة الفقهية “درء المفاسد مقدم على جلب المصالح”.
كما أعلنت دائرة الأوقاف الإسلامية بمدينة القدس، أنها بدأت، الخميس، بتعقيم المُصليات المسقوفة داخل المسجد الأقصى، قبيل وبعد كل صلاة خشية انتشار فايروس كورونا.
وقالت الدائرة، في تصريح مكتوب، “بناء على توصية وزارة الصحة الفلسطينية، فإننا بدأنا، من الخميس، بتعقيم المساجد المسقوفة في المسجد الأقصى، قبيل وبعد كل صلاة وذلك باستخدام مواد التعقيم الموصى بها من وزارة الصحة وحسب منظمة الصحة العالمية”.
وفي إيران، أوقفت السلطات صلاة الجمعة في جميع المدن الكبرى وسط تفشي فايروس كورونا المتنامي في البلاد، والذي أسفر عن مقتل 92 شخصا من 2922 حالة مؤكدة على الأقل.
وقال الرئيس الإيراني حسن روحاني لمجلس وزرائه “هذا المرض واسع الانتشار. إنه يمتد على جميع مقاطعاتنا تقريبا، وهو مرض عالمي أصيبت به بلدان كثيرة في العالم، وعلينا أن نعمل معا لمعالجة هذه المشكلة في أسرع وقت ممكن”. وجاء هذا الإعلان بعد أسبوع من إجراءات مماثلة أثرت على طهران وغيرها من المدن الإيرانية الكبرى الأخرى.
وفي حين يستطيع المسلمون الصلاة في منازلهم، يفضل جلّهم أداء صلاة الجمعة جماعة في المساجد. كما تُعدّ حدثا يستغله رجال الدين الشيعة الذين اختارهم المرشد الأعلى علي خامنئي لبث الرسائل الأيديولوجية في صفوف الجماهير.
ويذكر أن منطقة الشرق الأوسط سجّلت أكثر من 3150 حالة إصابة بالفايروس. ويرتبط معظمهم بإيران.
أكد البعض من كبار القادة والسياسيين في الحكومة الإيرانية إصابتهم بالفايروس. وسجّلت البلاد أكبر نسبة من الإصابات في حكومتها بالمقارنة مع الصين التي تعدّ مركز انتشار المرض. في جميع أنحاء العالم، أصاب الفايروس أكثر من 90 ألف شخص وتسبب في وفاة أكثر من 3100.
وباطلاعهم على حصيلة القتلى، يتوقع الخبراء أن تكون أعداد المصابين في إيران أكبر من تلك المعلن عنها.

وكتب توربيورن سولتفدت، المحلل الرئيسي في مؤسسة فيريسك مابلكروفت وهو مركز استشارات بريطاني يعنى بإدارة المخاطر، “لا يترك انتشار الفايروس في جل محافظات إيران أي مجال للشك في عمل السلطات على احتواء تفشي المرض. بعد استجابة بطيئة ومسيّسة للتفشي، أصبحت الحكومة في سباق مع الزمن لمنع تحول حالة الطوارئ الصحية العامة إلى أزمة اقتصادية”.
وأقر روحاني، في اجتماعه بمجلس الوزراء، بالضربة التي تسبب فيها المرض. ودعا التلفزيون الحكومي إلى تقديم برامج أكثر تفاؤلا وبثا للسرور للترفيه عن أولئك العالقين في منازلهم.
وقال “أحث الفنانين والعلماء وكل من يستطيع أن يرسم الابتسامة على وجوه الناس على الدخول إلى وسائل التواصل الاجتماعي. اليوم لم تعد الكلمات التي تجعل الناس مرهقين مفيدة”.
جاء طلبه في وقت أكّد فيه محامي المخرج الإيراني، محمد رسولوف، الذي فاز للتو بجائزة “الدب الذهبي” في مهرجان برلين السينمائي، استدعاءه لقضاء عقوبة السجن لمدة سنة نتيجة لإخراجه لثلاثة أفلام رأت السلطات أنها تمثّل دعاية ضد النظام.
وفي إسرائيل، نهى الحاخام الأكبر لليهود الأشكناز، دافيد لاو، عن تقبيل المازوزة ولمسها، وهي قطعة تحتوي على مقتطفات من التوراة ويتم تعليقها على جوانب الأبواب والمداخل، ويحرص من يمر عبر الأبواب على لمسها وتقبيلها. وأكد لاو أن المازوزة لا تعدّ جزءا من عقيدة الديانة.
تأثيرات تفشي فايروس كورونا امتدت إلى الممارسات الدينية المسيحية حيث أكد مسؤول كنسي، الخميس، صدور قرار بإغلاق كنيسة المهد أمام الزوار المسيحيين استجابة لتوصيات وزارة الصحة الفلسطينية بعد الاشتباه بحالات إصابة بالفايروس في بيت لحم.