بيب غوارديولا نقطة مضيئة في طريق تعافي مانشستر سيتي

كان بيب غوارديولا النقطة المحورية في تعافي سيتي، وعلاقته مع النادي كانت العامل الرئيسي، إذ يولي المدرب الإسباني أهمية كبيرة للأداء بشكل مواز مع النتائج، لأنه دلالة على الاستقرار الذي يتمتع به هو والنادي، خاصة أن سيتي كيان فائق النعومة يسخر لمدربه كافة سلطاته، ولا يتم إحضار اللاعبين دون موافقته.
لندن - أشاد الإسباني جوسيب غوارديولا، مدرب فريق مانشستر سيتي، بنجوم فريقه وبالمنافس ليفربول، وذلك بعد الفوز الصعب الذي حققه الفريق بلقب الدوري الإنجليزي لكرة القدم للمرة الرابعة في خمسة أعوام.
ونقلت وسائل إعلام عن غوارديولا قوله “في آخر خمسة أعوام فزنا بالدوري الإنجليزي أربع مرات. هؤلاء اللاعبون أساطير بالفعل”. وأضاف”أنا آسف، على الناس الاعتراف بأن تلك المجموعة من اللاعبين هم أساطير في هذا النادي لأن ما وصلنا إليه كان صعبا”.
وتابع غوارديولا “فقط السير أليكس فيرغسون مع مانشستر يونايتد فعل ذلك منذ سنوات مرتين أو ثلاث، الآن أدركت مرة أخرى حجم سير أليكس فيرغسون وفريقه”.
نصائح جيدة
وبسؤاله حول طريقة إدارته للمباراة وعودته غير المتوقعة، مازح غوارديولا قائلا إن ريال مدريد أعطاه بعض النصائح بعد خسارته أمامه في الدور قبل النهائي من دوري أبطال أوروبا أوائل الشهر الجاري. وقال غوارديولا مبتسما “حسنا، لقد تحدثت إلى ريال مدريد ولقد أعطوني نصائح جيدة، هذا هو السبب”. وأضاف “استمع لي، لا حديث عن مدريد، ولا حديث أو شرح، إنه الزخم”.
وأوضح “في بعض الأحيان يكون من الجيد أن تتعرض لتلك المواقف، نحن نعيش تلك المواقف من أجل المستقبل، أعتقد أن ذلك سيساعدنا على العودة بشكل أقوى الموسم المقبل”.
هذه قصة انتصار مانشستر سيتي، قصة تدور حول الثقة والإيمان والاحترام المتبادل والعمل الجماعي، والأهم من ذلك كله التميز. إنها حكاية بيب غوارديولا مدرب مان سيتي في موسم يراه المراقبون الأفضل في مسيرته، حتى أفضل من ذلك الموسم الذي جمع فيه 100 نقطة (2017-2018)، أو موسمه الماضي المميز.
يستمد غوارديولا قوته، من العلاقة الوثيقة التي تجمعه برئيس النادي خلدون المبارك، يتحدث معه قبل وبعد كل مباراة، إضافة إلى وجبات الإفطار اليومية في الحرم التدريبي مع مساعده الأول خوانما ليلو، ومدير كرة القدم تكسيكي بيجيريستين، والرئيس التنفيذي فيران سوريانو، إضافة إلى مستشار المدرب الأقرب مانويل إستيارت.
تتويج مانشستر سيتي، قصة تدور حول الثقة والإيمان والاحترام المتبادل والعمل الجماعي، والأهم من ذلك كله التميز
الاتصال المستمر مع مبارك وآخرين يجعل غوارديولا أكثر سعادة مما كان عليه عندما كان مسؤولا عن برشلونة وبايرن ميونخ، كان مرهقا بشكل مفهوم حيث بلغ هذا الموسم ذروته، لكن المدرب البالغ من العمر 51 عاما يدرك أن سيتي هو مكان العمل المثالي، حيث تسمح رؤية مجموعة داخلية كل صباح والدردشة معهم باكتسابه شعور الراحة المثالي. غوارديولا رجل ذو ذكاء وحساسية عاليين، السمة الأخيرة على وجه الخصوص، هي نقطة قوة ضخمة، لأنها تطلق العنان لحاسته السادسة المتعلقة بلاعبيه وفريقه والخصم والمباراة.
الشهر الأخير كان الأصعب بالنسبة إلى غوارديولا في الموسم الحالي، واجه سيتي ليفربول 2-2 في 10 أبريل، ثم أتلتيكو مدريد في ذهاب ربع نهائي دوري أبطال أوروبا، في المدينة الإسبانية المعادية له، واستنزفت هذه الرحلة من طاقته الكثير، وبعد ثلاثة أيام كان الفريق في ويمبلي لمواجهة ليفربول مرة أخرى، للحصول على مكان في نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي، قبل أن يخسر 2-3، ثم بعد ثلاثة انتصارات في الدوري (أمام برايتون واتفورد وليدز)، ومباراة الذهاب في نصف النهائي ضد ريال مدريد، عاد الفريق إلى العاصمة الإسبانية. هناك خرج سيتي بعدما تنازل عن تقدمه بهدفين، وتعافى الفريق ليهزم نيوكاسل 5-0 ووولفرهامبتون 5-1 قبل التعادل 2-2 في الجولة قبل الأخيرة أمام وست هام.
طوال حملته هذا الموسم لم تكن هناك أزمة فعلية، بدا غوارديولا غير سعيد بالتعادل 1-1 في يناير مع ساوثهامبتون ثم الخسارة 0-2 على أرضه أمام كريستال بالاس، وعلى الرغم من عدم وجود مهاجم صريح، وفقدان الخيار الأول في مركز الظهير الأيسر، الفرنسي بنجامين ميندي المتهم بالاغتصاب، لم يهزم الفريق سوى ثلاث مرات في الدوري، اثنتان منها أمام توتنهام، مع 26 هدفا فقط استقبلتها شباكه.
كان غوارديولا داهية في نواح أخرى، أعاد إيميريك لابورت إلى جانب روبن دياز في عمق الدفاع بعد انخفاض مستوى جون ستونز.
وضغط ليفربول بقوة، بعدما كان متأخرا بـ14 نقطة، لكن المدرب الكتالوني ظل هادئا وواثقا، بفضل بيئة عمل هادئة، وشعور بالرضا، وتقبل المسؤولية الشخصية عن أي تراجع في الأداء، والنتيجة النهائية.. بطولة دوري رابعة في آخر ست سنوات، في ناد تم إنشاؤه لضمان أن يتمكن غوارديولا من تحقيق أقصى استفادة من عبقريته.
تغيير وجه سيتي
لم ينتظر مانشستر سيتي نهاية السباق على لقب الدوري، فافتتح فترة الانتقالات الصيفية بصفقة نارية شهدت التوصل إلى اتفاق لاستقدام الهداف النروجي الشاب إرلينغ هالاند الذي قد يبدّل مصير السيتيزنز وخصوصا في دوري أبطال أوروبا.
بعمر الحادية والعشرين، سيترك هالاند بوروسيا دورتموند الألماني، ليشغل المركز الشاغر منذ 2021 برحيل الأرجنتيني سيرجيو أغويرو وتعثّر استقدام هداف توتنهام الدولي هاري كاين. يملك النرويجي الفارع الطول (1.94 متر) حاسّة تهديفية خارقة، وأرقامه مع دورتموند تثبت ذلك: 86 هدفا في 89 مباراة.
لكن يتعيّن على الهداف الخارق التأقلم مع أسلوب اللعب المعقّد للمدرب الإسباني جوزيب غوارديولا، وليس مستبعدا أن يحتاج لبعض الوقت كي يجد نفسه مع الفريق الأزرق.
لكن سيتي يبقى متفائلا نظرا للخبرة الكبيرة التي يتمتع بها هالاند برغم سنه الصغير، بالإضافة إلى قدرة غوارديولا على قيادة اللاعبين الشبان. على سبيل المثال، فإن هالاند لا يشارك كثيرا في بناء الهجمة خلافا لهاري كاين. إذا كان دورتموند يحب استحواذ الكرة والفريق الأبطأ في بناء الهجمة في الدوري الألماني، فإن سيتي يأخذ وقتا أطول ولن يكون متاحا كثيرا لهالاند أن يخوض سباقات السرعة الرهيبة في ظهر الدفاع.
من جهة، لا رغبة لغوارديولا بتسريع إيقاع مبارياته، خصوصا أنه في الدوري الإنجليزي لن يترك أي فريق نصف ملعبه خاليا ويسمح لهالاند القيام بانطلاقاته كما في البوندسليغا. مع فريق لعب جيدا نحو موسمين دون لاعب رقم 9 حقيقي، حيث يستطيع ستة أو سبعة لاعبين التسجيل باستمرار، لن يصل هالاند كلاعب منقذ. حتى أغويرو، رأس الحربة الصريح الذي فرض نفسه على مرّ السنين وسجل أهدافا دخلت تاريخ النادي، فقد كانت طلبات غوارديولا ترهقه أحيانا.
