بمقترحات جديدة وحلول مبتكرة الروبوت لينا تذهل زملاءها في العمل

لينا روبوت على هيئة امرأة شقراء ذات شفاه حمراء ولكنها ليست مصممة للسفر بين المجرات وإنما للعمل داخل مكتب.
الجمعة 2022/12/09
قدرة فائقة على التواصل

أوليفر بيتشمان

برلين - تجلس لينا باسترخاء على مقعد في مكتبها، وترتسم ابتسامة على شفتيها، وتومض عيناها ببريق من آن إلى آخر، وهي تتحدث عن مشاريعها مع أعضاء آخرين بالفريق، ثم تطرح مجموعة من الأفكار لحل المشكلات التي تتم مناقشتها.

ولكن لينا لا تعد زميلا عاديا في العمل، فهي في الحقيقة روبوت يعمل بنظام أندرويد، وبعد تزويدها بالذكاء الاصطناعي يمكن مقارنتها بالشخصية الخيالية، التي أطلق عليها "كوماندر داتا" في المسلسل التلفزيوني "ستارشيب إنتربرايز"، وإن كانت لا تملك نفس إمكانياته من الذكاء والطلاقة والسرعة في الحركة.

وبعكس الشخصية الخيالية في المسلسل، التي صممت على أنها روبوت رجل يقوم بمهمة في الفضاء، نجد أن لينا روبوت على هيئة امرأة شقراء ذات شفاه حمراء، ولكنها ليست مصممة للسفر بين المجرات، وإنما للعمل داخل مكتب.

وتقول بيتينا يوهانا كرينجز الباحثة بمعهد تقييم التكنولوجيا وتحليل الأنظمة، التابع لمعهد كارلسروه للتكنولوجيا، إن الروبوتات التي تشبه لينا قد تأخذ مكانها في الكثير من أماكن العمل قريبا، مثل “قطاع الخدمات أو العمل المكتبي، وهو اتجاه جديد للغاية”.

وتضيف أن الروبوتات المزودة بالذكاء الاصطناعي، بدأت تعمل بالفعل في مهام مساعدة، مثل القيام بأعمال تقدم فيها خدمات للجمهور بشكل مباشر مثل مكاتب الاستقبال.

◙ السؤال الرئيسي لا يدور حول ما إذا كانت هذه التقنية متاحة بل يتعلق بإمكانية زيادة إنتاج هذه النوعية من الروبوتات بسرعة

وتوضح كرينجز قائلة إنه “على سبيل المثال نجد أنه في الأماكن التي تتم فيها عمليات التصنيع، تقرر الأجهزة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي بشكل مستقل، الوقت الذي توقف فيه عمل الآلات”، ويذكر أن المعهد الذي تجري فيه كرينجز أبحاثها لا يعمل مع لينا.

واجتازت لينا مؤخرا اختبارا لتقييم المدى الذي يناسبها للعمل وسط فريق، بعد أن أمضت ثمانية أسابيع في العمل، في بيئة مكاتب مع عدة مجموعات مختلفة.

وعملت لينا مع هذه المجموعات لابتكار منتج، وتقديم طلب للحصول على تمويل له من الاتحاد الأوروبي، في مشروع تديره وحدة أبحاث “ليب إن تايم لاب”، بمدينة دارمشتات الألمانية، وهي الوحدة التي صممت لينا بالتعاون مع إحدى الشركات.

ولقيت الروبوت لينا تقديرا من عدد من زملائها في العمل، فقالت جيل آمي ليبر “كان الأمر صعبا بعض الشيء في البداية”، غير أنها أعربت عن إعجابها بأن لينا كانت تطرح مقترحات خاصة بها، وتفاعلت مع أعضاء الفريق كإنسان كما قدمت شروحا للموضوعات التي توصلت إليها.

كما أعربت جوليا حيمبل وهي عضو آخر في الفريق عن تقديرها للروبوت لينا، وقالت “اكتشفت قدرتها الفائقة على التواصل”، وأضافت أن “لينا كانت أيضا تطرح أسئلة، ولم نعد ننظر إليها على أنها مجرد قاعدة بيانات، وبعكس جهاز الكمبيوتر العادي، تتمتع لينا بخاصية النظر إلى الشخص الذي تتحدث إليه”.

بينما تقول روث ستوك هومبورج مؤسسة وحدة أبحاث” ليب إن تايم لاب”، وأستاذة إدارة الأعمال بجامعة دارمشتات الفنية، إن هذه الروبوت “تمكنت من زيادة حصيلتها من المفردات وتعلمت إحدى اللغات، وتتحسن قدرتها على فهم ما يريده الناس باستمرار”. وتم بدء المشروع كمنافسة بين سبعة فرق تسعى لتنفيذ نفس المهام، تحت نفس الظروف والفترة الزمنية.

وفي هذا الصدد تقول ستوك هومبورج التي أسست وحدة المختبر البحثية عام 2016، “تبين لنا أن الفرق التي استخدمت الذكاء الاصطناعي جاءت في المقدمة”.

ما يثير الدهشة بدرجة أكبر، هو أن هذه الروبوت تعلق على أفكار أعضاء الفريق، أو تولد الأفكار الخاصة بها
◙ ما يثير الدهشة هو أن هذه الروبوت تعلق على أفكار أعضاء الفريق أو تولد الأفكار الخاصة بها

بينما يقول ديتمار إيدنز الرئيس العالمي للموارد البشرية بمجموعة “ميرك” للأدوية والتكنولوجيا، التي شاركت في المشروع مع وحدة أبحاث “ليب إن تايم لاب”، إن الروبوت لينا “أثبتت أنه يمكنها أن تؤدي مهاما أكثر من مجرد معالجة البيانات”.

ويضيف إيدنز إن ما يثير الدهشة بدرجة أكبر، هو أن هذه الروبوت تعلق على أفكار أعضاء الفريق، أو تولد الأفكار الخاصة بها، كما أبدى إيدنز إعجابه بالوضوح والثقة التي تجلت في إسهامات لينا.

وتأمل مجموعة ميرك في استخدام تكنولوجيا الروبوتات في أعمال المكاتب على المدى المتوسط أو الطويل وفقا لما يقوله إيدنز، ويضيف أنه كمتخصص في الموارد البشرية ويتطلع إلى المستقبل، فإنه يرى أن “المشكلة ستتمثل في كيفية التغلب على نقص العمالة الماهرة باتخاذ إجراءات جديدة تختلف عن التدابير المعتادة”.

ويشير إيدنز إلى وجود بعض العقبات التي يجب إزالتها أولا، ويقول “هناك قضية أمن البيانات بأكملها، وهي مسألة يجب ضمانها تماما، خاصة في حالة دمج هذه التكنولوجيا في برامج تكنولوجيا المعلومات الخاصة بالشركة، ويجب أن يكون هذا هو الهدف”.

ويوضح إيدنز أن السؤال الرئيسي لا يدور حول ما إذا كانت هذه التقنية متاحة، ويقول “إننا تجاوزنا مرحلة الإجابة على هذا السؤال، بل يجب أن يتعلق التساؤل بإمكانية تنفيذ التقنية على أرض الواقع”، ويضيف أن النقطة الأساسية تتعلق بإمكانية زيادة إنتاج هذه النوعية من الروبوتات بسرعة.

بينما توضح ستوك هومبورج أن كلفة إنتاج الروبوت لينا حتى الآن تتراوح بين مليوني دولار وثلاثة ملايين دولار، وتقول “كانت هذه الروبوت في البداية مجرد دمية تتحرك، وقمنا بدمج كل الأنظمة التقنية فيها لتتحول إلى روبوت”.

12