بريكست يفتح منافذ لعبودية العمال الأجانب في بريطانيا

الحكومة البريطانية ترغب بخلق سياسة جديدة مغايرة لمبدأ حرية تنقل الأشخاص لتجنب آثار بريكست لكن خططها تهدد بالمزيد من استغلال العمال وانتهاك حقوقهم.
السبت 2021/03/27
عمال تحت مظلة التسخير والتهميش

لندن- قال ناشطون، إن عمال المزارع المهاجرين في بريطانيا محاصرون، ويتعرضون لسوء معاملة أرباب العمل في ظروف العبودية الحديثة، وحثوا الحكومة على مراجعة خطة مصممة لتجنب نقص العمالة الزراعية بعد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.

ويتعرض العمال الموسميون في أسكتلندا لضغوط للتوقيع على عقود لا يلتزم صاحب العمل بموجبها بتقديم أي حدّ أدنى لعدد ساعات العمل للموظف، مع إجباره على العيش والعمل في ظروف مهينة، ومنعه من تغيير عمله، وفقا لدراسة أجرتها منظمة التركيز على استغلال العمالة غير الحكومية (فلكس) ومنظمة أسكتلندية غير ربحية.

وتقول الدراسة إنّ حوالي ستة من كل 10 عمال تكبدوا ديونا تصل إلى 870 جنيها إسترلينيا (1204 دولارات) للتأشيرات وغيرها من تكاليف السفر والوساطة، بينما أفاد العديد منهم بتهديد أرباب العمل لهم بتقليص ساعات العمل أو الترحيل.

حوالي ستة من كل 10 عمال تكبدوا ديونا تصل إلى 1204 دولارات للتأشيرات وغيرها من تكاليف السفر والوساطة

وفي مخطط لها، ترغب الحكومة البريطانية بجلب العمال المهاجرين الموسميين من خلال برنامجين لتجنب آثار بريكست، وخلق سياسة جديدة مغايرة لمبدأ حرية تنقل الأشخاص، لكن خطط الحكومة تهدد بالمزيد من استغلال العمال وفتح المجال لانتهاك حقوقهم.

وانطلق برنامج العمال الموسميين التجريبي في 2019 بحصة سنوية تبلغ 2500 مهاجر، والتي توسعت إلى 30 ألفا هذا العام. ويمكّن العمال من الحصول على تأشيرة البقاء في بريطانيا لمدة ستة أشهر، وقد وصلت الغالبية العظمى حتى الآن من أوكرانيا.

غير أن منظمة “فليكس”، أشارت في تقرير نشرته في مارس 2019، إلى أن هذين البرنامجين قد يؤديان إلى استغلال العمال كخلق “السخرة وعبودية الديْن”.

تقول كارولين روبسنون مديرة المنظمة “هناك تناقض واضح بين جهود بريطانيا لمواجهة العبودية الحديثة واندفاعها لجلب العمال بعد بريكست، مثل هذه الحلول السريعة تضرّ ادعاءات الحكومة بأنها رائدة العالم في مواجهة العبودية الحديثة”.

وتبرز المنظمة، أن البرنامجين لن يمكنا العمال الموسميين من الخدمات الاجتماعية التي يحصل عليها العمال القاطنون في البلاد، ومن ذلك عدم الولوج إلى السكن أو تعويضات البطالة، كما سيجد العامل الموسمي صعوبة في الدخول في نزاع قانوني مع مشغّل متعسّف.

وإذا ما قرّر المهاجر الرحيل عن هذا العمل، قد يتورّط في الاقتصاد غير القانوني أو ينتهي به الحال إلى التشرد، ما يرفع خطر الاتجار بالبشر، فضلا عن أن هذه الإقامة المؤقتة تجعل من الصعب على العمال الموسميين الإلمام باللغة وبقوانين العمل والهجرة.

ومن المشكلات الأخرى مع البرنامجين وفق المنظمة، أن العمال الموسميين سيرتبطون بالمشغل على مستويات متعددة منها السكن والنقل والطعام، وأحيانا أيّ معلومة تخصّ حقوق العمل، وهو ما يصعب كثيرا مغادرتهم العمل أو تبليغ شكاوى عنه، خاصة أنه لا يوجد تمديد لتأشيراتهم، ولا يستطيعون إيجاد عمل مؤقت آخر مع وكالة أخرى.

ارتفاع في معدلات استغلال العمال الأجانب حتى قبل البريكست بنسبة 80 في المئة خلال السنتين الماضيتين

ولفتت لوسيلا غرانادا رئيسة فلكس التنفيذية في بيان رافق الدراسة الحديثة، إلى أن الأدلة تدعو إلى مراجعة عاجلة للمخطط، وأن تدرس الحكومة المخاطر المحتملة وتخففها لصالح العمال المعتمدين على تأشيرة العمل الموسمية.

وقالت وزارة الداخلية البريطانية، إنها تأخذ سلامة العمال الموسميين ورفاهيتهم “على محمل الجد”. وأضافت “يجب إبقاء العمال في المزارع التي تلتزم بجميع التشريعات، وتدفع الحد الأدنى الوطني للأجور وتوفر ظروفا معيشية مناسبة فقط”.

ووجدت الدراسة التي استندت إلى مقابلات مع حوالي 40 عاملا أن معظمهم يتقاضون أجورا لكل مهمة بدلا من الحصول على أجر بالساعة، ويعملون بعقود لا تحدد عدد الساعات، على الرغم من أن الحكومة قالت إن مثل هذه الترتيبات غير مسموح بها.

وفي حين أن النظام يسمح للعمال بتغيير أصحاب العمل، قال ما يقرب من ثلثي المستجوبين إنهم طلبوا النّقل دون جدوى.

وقالت منظمة فلكس إن عدم القدرة على تغيير الوظائف، إلى جانب الديون الكبيرة وخطر التشرد والترحيل، يجعل العمال المهاجرين أكثر عرضة لانتهاكات أصحاب العمل عديمي الضمير.

تجدر الإشارة كذلك إلى وقوع انتهاكات أخرى لحقوق العمال ومن ذلك احتجاز المشغلين لجوازات سفر.

 وقد لوحظ ارتفاع في معدلات استغلال العمال حتى قبل البريكست بنسبة 80 في المئة خلال سنتين، وتقول تقارير حكومية إن عام 2018 شهد الإبلاغ عن 700 ضحية محتملة للعبودية.

وقالت كارولين روبنسون الخبيرة التي أعدت التقرير مع فلكس وفيف مايغرنتس فوروم، وهي مؤسسة خيرية أسكتلندية، “هناك حاجة إلى تدابير أقوى لحماية العمال. وتشمل عمليات تفتيش صارمة على التوظيف، وتمثيل العمال ودعمهم، وزيارات المفتشين لمكان العمل، وإزالة الحواجز أمام تغيير أصحاب العمل”.

17