بريطانيا تسمح للأطفال بالعمل جواسيس مخابرات

قانون جديد يقر استخدام الجواسيس بعمر 16 و17 عاما فقط لجمع الأدلة ضد والديهم أو أي شخص يتحمل مسؤولية رعايتهم.
السبت 2021/01/09
المخبر الصغير لم يعد مجرد مشهد في فيلم

أثار قانون بريطاني جديد ينص على السماح للأطفال بالعمل جواسيس سريين لدى هيئات معينة، حتى ضد أولياء أمورهم، جدلا وانتقادات باعتبار أن الأمر لا يصب في مصلحة الطفل ويعرض حياته للخطر.

لندن - يمكن لعشرات الهيئات الحكومية والقوات المسلحة الآن استخدام الأطفال جواسيس سريين حتى ضد والديهم، بفضل قانون بريطاني جديد.

وستكون الشرطة والأجهزة الأمنية من بين أولئك الذين سيُسمح لهم باستخدام الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 18 عاما كمصادر استخبارات بشرية سرية (سي إتش آي إس) في ظل “ظروف استثنائية”، وفقا للوثائق الرسمية.

وتحدد التوجيهات الخاصة بمشروع قانون الاستخبارات السرية، الذي يمر حاليا عبر مجلس اللوردات، الهيئات العامة الأخرى التي سيسمح لها باستخدام الأطفال جواسيس سريين.

ووفقا لصحيفة ديلي ميل البريطانية يشمل القانون الجديد، بالإضافة إلى الشرطة والوكالة الوطنية لمكافحة الجريمة، لجنة المقامرة ومجالس المقاطعات والمناطق ووكالة البيئة ووكالة المعايير الغذائية.

وتحظر الوثيقة التي تم نشرها على الإنترنت، استخدام أولئك الذين تقل أعمارهم عن 16 عاما للإبلاغ عن أولياء أمورهم، في حين تسمح باستخدام المراهقين الأكبر سنا ضد أسرهم في ظل ظروف خاصة.

ويقر القانون الجديد استخدام الجواسيس بعمر 16 و17 عاما فقط لجمع الأدلة ضد والديهم أو أي شخص يتحمل مسؤولية رعايتهم.

وطالبت مفوضة شؤون الأطفال في بريطانيا آن لونغفيلد بحظر استخدام الأطفال جواسيسَ.

وقالت لونغفيلد لصحيفة التلغراف “ما زلت مقتنعة بأنه لا يوجد هناك وضع مناسب يمكن أن يستخدم فيه الطفل مخبرا”، مشددة على أن “هذه الممارسة ليست في مصلحة الطفل”.

وتعرض مشروع القانون لانتقادات شديدة أثناء تمريره في البرلمان، ففي أكتوبر الماضي أُجبر وزير الأمن البريطاني جيمس بروكنشاير على تأكيد عدم منح الجواسيس السريين البالغين “ترخيصا بالقتل”.

وأكد بروكنشاير لمجلس النواب أن صلاحيات مشروع القانون لن تتخطى حقوق الإنسان، وتشمل الحق في الحياة وحظر التعذيب وحظر تعريض أي شخص لمعاملة لا إنسانية أو مهينة.

وأضاف أنه “نادرا ما يتم استخدام مصادر الاستخبارات البشرية السرية، ولا يتم ذلك إلا بعد النظر بعناية في رفاهية الطفل. قد يكون من الضروري المساعدة على إخراج الأطفال وغيرهم من الشباب والضعفاء من دائرة الجريمة التي هم فيها. وهذا يشمل المساعدة على منع ومقاضاة عنف العصابات وتجارة المخدرات”.

ويخضع استخدام الاستخبارات البشرية السرية لنظام قانوني صارم ويشرف عليه مفوض سلطات التحقيق، وفقا لبروكنشاير الذي أكد “نحن نعزز الضمانات التي تسري في الحالات النادرة جدا والتي يتم فيها تكليف الطفل بالمشاركة في الجريمة لضمان أن تكون مصالحه الفضلى دائما الاعتبار الأساسي في عملية صنع القرار”.

وقالت جينيفر توايت، رئيسة التقاضي الإستراتيجي في مؤسسة “جست فور كيدس لاو” الخيرية، “رغم أننا نرحب بالضمانات الإضافية التي تم تقديمها للأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاما في ما يتعلق بمطالبتهم بتقديم معلومات ضد والديهم أو مقدمي الرعاية الذين يربّونهم، إلا أن هذا لا يعد كافيا”.

وأشارت إلى أن عدم حصول الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 16 و17 عاما على نفس الحماية التي يتمتع بها الأطفال دون سن السادسة عشرة، يمثل مشكلة؛ إذ أن الأبناء في هذه السن لا يزالون أطفالا ويجب أن يُعاملوا على أساس أنهم أطفال.

وأضافت “نحن قلقون أيضا من أن السلطات العامة التي يمكنها أن تستخدم الأطفال جواسيسَ لن تكون لديها الموارد المناسبة لدعمهم أو الخبرة لتقييم المخاطر التي يمكن أن يتعرض لها هؤلاء الأطفال”.

وتابعت “نحن نعلم أن الأطفال يتعرضون لخطر كبير في هذه الظروف التي يمكن أن تتركهم أيضا مصدومين ومدمرين مدى الحياة. نريد من وزارة الداخلية أن تذهب إلى ما هو أبعد من ذلك وأن تعمل على تعديل اللوائح بعد دراستها لضمان عدم تعرض أي طفل للأذى من قبل الشرطة أو أي سلطة عامة أخرى”.

وتنص الإرشادات الخاصة باستخدام القانون الجديد على وجوب التصريح للقاصرين فقط بالعمل جواسيسَ في ظروف استثنائية.

كما تعتبر الحاجة إلى حماية وتعزيز المصالح الفضلى للأطفال أساسية في جميع عمليات الجوسسة الخاصة التي تشمل من هم دون سن الثامنة عشرة، سواء عند اتخاذ قرار بشأن الترخيص بالنشاط أو أثناء أي إجراء لاحق للعملية.

ويشار إلى أنه في عام 2001 تم إنتاج فيلم “أطفال جواسيس”، من بطولة أنتونيو بانديراس وكارلا جوجينو وآلان كومينغ وتيري هاتشر وداني تريجو، لكن هذه المرة لن يكون دخول الأطفال عالم الاستخبارات السرية مجرد فيلم، بل أضحى واقعا ينص عليه القانون.

24