برشلونة يواصل معاركه الخاسرة مع أندية الدوري السعودي

مدريد- منح نادي برشلونة، الدوري السعودي، واحدة من صفقاته القوية في الميركاتو الصيفي التاريخي، عندما وافق على رحيل لاعب وسطه الإيفواري فرانك كيسيه إلى أهلي جدة، وذلك قبل عامٍ ونصف تماما، وتحديدا في التاسع من أغسطس 2023. ولم يدرك برشلونة أن هذه ضربة واحدة وسط العديد من الضربات، صبت جميعها في قلب النادي الكتالوني الذي فشل حتى الآن في مجاراة أندية الدوري السعودي، حتى أصبحت بمثابة الكابوس الذي يؤرق مضاجعه في كل وقت وحين. لكن البارسا، بدلا من أن يضع يديه على أصل المشكلة، بدأ يفكر في ظل شعوره بالخطر، في حلول سريعة لمواجهة هذا الطوفان، لينطبق عليه المثل العربي الشهير “غريق يتعلق بقشة.”
منذ بداية صيف 2023، دخل برشلونة في معارك مع أندية الدوري السعودي، إما للتعاقد مع لاعبين جدد، أو حتى للحفاظ على قوامه الرئيسي أو عناصره الشابة التي يبني عليها مستقبله، غير أن جُلّ محاولاته باءت بالفشل التام. في نفس الصيف، حاول برشلونة التعاقد مع لاعبين من أفضل لاعبي خط الوسط في العالم، وهما البرتغالي روبن نيفيز الذي كان يلعب في ولفرهامبتون، والكرواتي مارسيلو بروزوفيتش الذي كان يلعب في صفوف إنتر ميلان.
العديد من التقارير الصحفية تؤكد رغبة أندية الدوري السعودي، خاصة الاتحاد، في التعاقد مع الهولندي فرينكي دي يونغ
في غضون 10 أيام فقط تبددت أحلام برشلونة على صخرة الدوري السعودي، ففي 23 يونيو 2023، أعلن الهلال ضم نيفيز، وفي 3 يوليو أعلن النصر تعاقده مع بروزوفيتش، ليعود النادي الكتالوني من الميركاتو بخفي حنين. الغريب أن بعض التقارير أشارت إلى أن برشلونة قد يستخدم كيسيه نفسه لعقد صفقة تبادلية مع إنتر لضم بروزوفيتش، لكنه فشل في ضم الكرواتي وحتى في الحفاظ على الإيفواري الذي انتقل هو الآخر إلى الدوري السعودي.
لجأ برشلونة إلى حل آخر، وهو البحث عن موهبة شابة طامحة للبقاء في أوروبا، لتتجه أنظاره نحو الإسباني غابري فيغا الذي كان يُعتبر أحد أبرز المواهب الصاعدة مع سيلتا فيغو، حتى ترددت الأنباء عن صراع بينه وبين ريال مدريد على ضمه. وكالعادة، لم ينجح برشلونة، وكذا ريال مدريد، في التعاقد مع اللاعب، ليظفر أهلي جدة أيضا بخدماته، حتى يمثل مع كيسيه ثنائيا ناريا في وسط ملعب “الراقي.”
وتجددت معارك برشلونة الخاسرة مع الدوري السعودي في الصيف الماضي، عندما انتهت إعارة الظهير البرتغالي جواو كانسيلو من مانشستر سيتي، لتؤكد كل التقارير أن النادي الكتالوني سيعمل على إعادة اللاعب، لكن الهلال هزمه مرة أخرى. وأخيرا، تطور الأمر ليفشل برشلونة، ليس فقط في منافسة الدوري السعودي على ضم لاعبين جدد، بل حتى في محاولة الحفاظ على لاعبيه الواعدين الذين يعتبرهم الجميع مستقبل الفريق. وفي يناير الماضي، نجح الاتحاد في التعاقد مع الإسباني أوناي هيرنانديز، قائد الفريق الرديف في برشلونة، مقابل 5 ملايين يورو فقط، بعدما سجل 9 أهداف وصنع 3 في 20 مباراة، وكان النجم الأبرز في رديف “البلوغرانا.”
في الواقع، لا يمكن فصل واقع برشلونة المرير ماليا وإداريا عن خسائره المتتالية في معاركه مع أندية الدوري السعودي، والتي انعكست أيضا على خسائره لمعظم القضايا التي دخل فيها منذ وصول خوان لابورتا إلى سُدة الحكم. الفشل الإداري تجلى واضحا عندما عجز برشلونة عن تجديد عقد أسطورته ليونيل ميسي، ليرحل مجانا في صيف 2021، ثم الفشل في ضمه بالمجان بعد عامين، في ظل تخوف النجم الأرجنتيني من إخفاق النادي الكتالوني في تسجيل عقده، كما أعلن اللاعب بنفسه.
في الصيف نفسه (2023)، عوَّض برشلونة فشل صفقتي نيفيز وبروزوفيتش بضم إلكاي غوندوغان بعد نهاية عقده مع مانشستر سيتي، لكن اللاعب الألماني وضع شرطا في العقد يسمح له بالرحيل مجانا حال عدم قدرة النادي الكتالوني على تسجيل عقده.
يبدو أن خسائر برشلونة أمام الدوري السعودي لن تتوقف أبدا، فالعديد من التقارير الصحفية تؤكد رغبة أندية الدوري السعودي، خاصة الاتحاد، في التعاقد مع لاعب الوسط الهولندي فرينكي دي يونغ. ولا يقتصر الأمر على لاعبي برشلونة الحاليين، بل وأيضا على لاعبيه المستقبليين، إذ أكدت وسائل إعلام إسبانية أن أندية الدوري السعودي ترغب في ضم باو بريم وأرناو براداس، لاعبي فرق الشباب في النادي الكتالوني. وتفتق ذهن مسؤولي برشلونة عن أن الحل لمنع تكرار تلك الخسائر، هو وضع بند في عقود لاعبيه يمنع انتقالهم إلى الدوري السعودي. غير أن هذا الحل يتسم بالسطحية بشكل كبير، في ظل أن إسبانيا تلزم أنديتها بوجود شروط جزائية في عقود لاعبيها، وهذا لن يمنع الأندية السعودية من جلب ما تشاء من لاعبي البارسا، في ظل قدراتها المادية الكبيرة.
كما أن هذا البند يتعلق بجزئية واحدة فقط من المشكلة، تخص اللاعبين المقيدين في النادي، أما الصفقات التي يريدها البارسا ويتنافس مع الأندية السعودية عليها، مثل صفقة فيجا المذكورة في الأعلى، فلن يستطيع الكتلان التنافس عليها في ظل المعطيات الحالية. فالحل ليس في مجرد محاولة التعلق بقشة بند تعاقدي، أو إخفاء قيمة الشروط الجزائية، وإنما المخرج الوحيد هو إصلاح فساد النادي المالي والإداري، لأنه لو استمر فستستمر معاركه الخاسرة، إن لم تكن ضد أندية “روشن”، فستكون ضد جميع الأندية الأخرى.