برشلونة.. نهاية حقبة ووعود متكررة

عمق بايرن ميونخ الألماني جراح ضيفه برشلونة الإسباني وكلن سببا في خروجه من مرحلة المجموعات ببطولة دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ 21 عاما. وكان برشلونة يتطلع لمواصلة مشواره في دوري الأبطال من أجل تقليل حالة الإحباط التي يعاني منها لاعبوه وجماهيره بسبب نتائجه السيئة في الدوري الإسباني في موسمه الأول دون نجمه الأرجنتيني ليونيل ميسي، وتتضاعف بذلك جراح النادي الذي يحاول أن يتجاوز هذه المرحلة الصعبة.
مدريد – ودع برشلونة الإسباني منافسات دور المجموعات من بطولة دوري أبطال أوروبا للمرة الأولى منذ 20 عاما، بعد أن احتل المركز الثالث في المجموعة الخامسة. وانتقل النادي الكتالوني للعب في بطولة الدوري الأوروبي بعد احتلال المركز الثالث في مجموعته في دوري أبطال أوروبا. وحصد برشلونة سبع نقاط فقط، من فوزين على حساب دينامو كييف الأوكراني، وتعادل أمام بنفيكا، مقابل ثلاث هزائم بواقع خسارتين ضد بايرن ميونخ، وواحدة أمام بنفيكا. سجلّ برشلونة في النسخة الحالية من دوري أبطال أوروبا كان محبطا للغاية، بعد أن سجل هدفين فقط، واهتزت شباكه في تسع مرات، ولم يقدم لاعبو “البلوغرانا” ما يشفع لهم الاستمرار في البطولة.
آخر مرة ودع فيها برشلونة منافسات بطولة دوري أبطال أوروبا من دور المجموعات إلى نسخة موسم 2000 – 2001، حين حقق فوزين وتعادل مرتين وخسر مثلهما، واحتل المركز الثالث وانتقل إلى بطولة الدوري الأوروبي. وامتلك برشلونة في ذلك الوقت لاعبين أمثال ريفالدو ولويس أنريكي وفرانك دي بور، إلى جانب تشافي وآخرين. وبكل تأكيد، فإن برشلونة سيعيش معاناة غير معتادة باللعب في بطولة الدوري الأوروبي، والتي تعود آخر مشاركاته فيها إلى موسم 2003 – 2004. لكن الخروج من دوري أبطال أوروبا وبما له من سلبيات على برشلونة، فإنه يمكن أن يكون إيجابيا إلى حد ما.
المشاركة في الدوري الأوروبي ستجعل لاعبي برشلونة الشباب يحتكون في مستوى جيد، بعيدا عن ضغط دوري أبطال أوروبا
توديع برشلونة لمنافسات دوري أبطال أوروبا يعد ضربة اقتصادية لم تكن منتظرة من جانب إدارة “البلوغرانا”. إدارة برشلونة كان يمكن أن تُحسن وضعها الاقتصادي إلى حد كبير باستخدام عوائد دوري أبطال أوروبا، والآن توديع البطولة يعني أن النادي سيتعرض لتداعيات هائلة في الوقت الذي يعاني فيه النادي إلى الحد الأقصى. برشلونة فقد مبدئيا ووفقا لأرقام الموسم الماضي 9.5 مليون يورو نظير التأهل إلى الدور الثاني، وكل فوز في الأدوار المتقدمة يعني أموالا أكثر. وحسب أرقام الموسم الماضي أيضا، فإن برشلونة حصل على 2.7 مليون يورو نظير كل فوز، و900 ألف يورو مقابل كل تعادل. صحيح أن تلك المبالغ تبدو ضئيلة، لكن بالنظر إلى الوضع الاقتصادي الصعب في برشلونة، فإن كل يورو كان سيصبح ذا فائدة.
ومن مزايا انتقال برشلونة للعب في بطولة الدوري الأوروبي أن النادي الكتالوني سينافس في مستوى أقل كثيرا. ومع بناء فريق شاب، ومدرب جديد مثل تشافي هيرنانديز، فإن الفريق يحتاج إلى العمل ببطء، وقد تكون المشاركة في الدوري الأوروبي مفتاح بناء الثقة. وبكل تأكيد فإن الثقة ستزيد إذا ما نجح برشلونة في الذهاب بعيدا في الدوري الأوروبي، ولم لا التتويج بالبطولة التي تعد من البطولات المفضلة لأندية إسبانيا. برشلونة في الدوري الأوروبي، تاريخه في البطولة، إنجازاته، والظهور الأخير ومن البديهي أن التتويج بلقب الدوري الأوروبي يمنح برشلونة فرصة المنافسة على لقب كأس السوبر الأوروبي قبل انطلاق الموسم المقبل.
فرصة أفضل
المشاركة في الدوري الأوروبي ستجعل لاعبي برشلونة الشباب يحتكون في مستوى جيد، بعيدا عن ضغط دوري أبطال أوروبا وصعوبة المنافسة فيه. مشاركة برشلونة الأخيرة في الدوري الأوروبي كانت في موسم 2003 – 2004، في جيل ضم نجوما أمثال رونالدينيو وإنريكي وتشافي، وحينها ودع “البلوغرانا” البطولة من الدور الرابع. لكن تلك المشاركة منحت لاعبين شبابا أمثال أندريس إنييستا فرصة مثالية للاحتكاك القوي ضد مدارس أوروبية مختلفة.
اللعب الخميس، ثم خوض مباريات الدوري الإسباني السبت أو الأحد سيجعلان برشلونة يعيش ضغطا غير معتاد من الناحية البدنية. ومن الممكن أن يقرر برشلونة رمي المنديل مبكرا في الدوري الإسباني، وتركيز كافة جهوده على الدوري الأوروبي، خاصة وأن الفوز باللقب يمنح الفريق مشاركة مضمونة في دوري أبطال أوروبا خلال الموسم المقبل.
وبعد مرور 16 جولة من الدوري الإسباني، يحتل برشلونة المركز السابع في جدول الترتيب برصيد 23 نقطة ويملك مباراة مؤجلة، إلا أنه يبتعد بفارق ست نقاط عن أتلتيكو مدريد صاحب المركز الرابع، آخر المراكز المؤهلة إلى دوري أبطال أوروبا. حالة برشلونة الراهنة ووضع الأندية الأخرى يثيران الشكوك حول قدرة “البلوغرانا” على التواجد في المربع الذهبي، ولذلك فإن الفوز بالدوري الأوروبي سيكون التذكرة الذهبية للعب في دوري أبطال أوروبا خلال الموسم المقبل.
وأبدى تشافي المدير الفني لبرشلونة غضبه من الخسارة 0 – 3 أمام بايرن ميونخ. وقال في تصريحات نقلتها صحافية “نحن دائما نريد السيطرة على الكرة، لكن اليوم كان عكس ذلك”. وتابع “نحن برشلونة ويجب أن يكون ما حدث، نقطة تحول لتغيير أشياء كثيرة”. وأضاف “يجب أن نواجه الموقف بكرامة، ستبدأ حقبة جديدة، علينا مواجهة الواقع ولا يوجد شيء آخر، علينا العمل بجد”. ونوه “لا تعجبني كلمة فشل، لأننا حاولنا، أحب الفريق الكتالوني، سأحاول إعادته مرة أخرى”. ولم يكن تشافي حاضرا في أي من هذه الهزائم المتتالية للبارسا في البطولة القارية، لأنه ترك الفريق الكتالوني تحديدا بعد التتويج معه كلاعب بآخر لقب للتشامبيونزليغ، لكن لا يزال هناك عدد من اللاعبين القدامى يواصلون اللعب كأساسيين في الفريق، أمثال جيرارد بيكيه، سرجيو بوسكيتس وجوردي ألبا، والذين لم ينجحوا في انتشال البارسا من عثرته.
خوان لابورتا رئيس نادي برشلونة دعا فريقه إلى الاتحاد على قلب رجل واحد عقب الخروج من دوري أبطال أوروبا
تذكر نهاية الحقبة للبارسا في ميونخ بشكل فوري بما حدث له أمام يوفنتوس في تورينو عام 2017 وأمام روما في 2018 وليفربول في 2019 وأمام بايرن نفسه في 2020 (عندما مني برشلونة بأكبر خسارة له في تاريخه بالتشامبيونزليغ 2 – 8) وأمام باريس سان جيرمان في النسخة الماضية. ووقتها كان الحديث يدور حول ضرورة التعلم من أخطاء الماضي وتجديد الفريق المنهك على مدار أعوام، لكن لم يشهد الفريق أي ثورة بأي حال من الأحوال، فقط تبعثرت أوراق الفريق برحيل البرازيلي نيمار ثم الأوروغوائي لويس سواريز وأخيرا الأسطورة الأرجنتيني ليونيل ميسي.
وكانت الصفقات الضخمة التي أبرمتها الإدارة السابقة بقيادة جوسيب ماريا بارتوميو مثل التعاقد مع عثمان ديمبلي وفيليب كوتينيو وغيرهما، مخيبة للآمال الواحدة تلو الأخرى. ووصل الأمر بالفريق إلى الوضع الحالي الذي وجده تشافي، العديد من اللاعبين الشباب الواعدين الذين بحاجة للمزيد من الوقت من أجل اكتساب الخبرات اللازمة في الفريق الأول من أجل قيادته لتحقيق الألقاب، ولاعبون من متوسطي العمر الذين خفتت أضواؤهم مع الوقت (يمثلهم تير شتيغن وفرينكي دي يونغ)، ولاعبون كبار في السن مازالوا يعاندون فكرة قبول انتهاء حقبتهم مع برشلونة بعد الإهانات العديدة التي يتعرضون لها.
وبالطبع هناك اختلاف بين الإقصاءات السابقة للبارسا، التي كانت جميعها في فصل الربيع، وفي بعضها كان الفريق قريبا من بلوغ النهائي مثلما حدث في أنفيلد عام 2019 وقبلها في روما، لكنها وصلت حقيقة للقاع هذه المرة بعدما ودع برشلونة دور المجموعات للمرة الأولى منذ أكثر من عقدين وتحديدا منذ موسم 2000 – 2001، ليواصل مشواره في البطولة القارية الثانية، الدوري الأوروبي.
مشوار ضعيف
استهل برشلونة النسخة الحالية بالسقوط بنفس النتيجة على أرضه أمام بايرن 0 – 3، وخسر مجددا بثلاثية دون رد في ملعب بنفيكا، قبل أن يستفيق أمام دينامو كييف ويفوز عليه بصعوبة بهدف نظيف ذهابا وإيابا، ثم تعادل أمام بنفيكا في كامب نو سلبيا قبل أن يودع المسابقة بثلاثية للمرة الثالثة أمام بايرن. كما أن الفريق الكتالوني لم تعد لديه الآليات المتاحة لتغيير هذا الوضع على المدى القصير، خاصة وأن سوق الانتقالات الشتوية القادم لن يقدم له الكثير في وسط الأزمة المالية التي تغرق هذا الكيان، والصعوبات الهائلة المتمثلة في الامتثال للعب المالي النظيف، وكذلك المشكلات التي تواجهها الإدارة في البحث عن وجهة أخرى للاعبين الحاليين من أصحاب الرواتب المرتفعة.
ويضاف إلى هذا أن البارسا يودع الكأس ذات الأذنين التي لطالما أسعد بها جماهيره في بداية الألفية، بتسجيله لهدفين وحيدين طوال الست مباريات التي خاضها بدوري الأبطال، وهو نفس رصيد شاختار دونيتسك الأوكراني، ليتفوق فقط على دينامو كييف ومالمو اللذين سجلا هدفا وحيدا. لكن هذا التراجع المخيف في تسجيل الأهداف لا يعاني منه برشلونة فقط في دوري الأبطال، ففي المباريات العشر الأخيرة للفريق، بين الليغا والتشامبيونزليغ، لم ينجح الفريق في التسجيل في الشوط الأول سوى في مباراة واحدة فقط، ما ينذر باستمرار فشله حتى في الدوري الأوروبي.
وأعرب سيرجيو بوسكيتس لاعب خط وسط برشلونة عن استيائه من الخسارة. وقال “لدينا شعور سيء، لم يكن هذا ما أردناه، حيث فشلنا في التأهل للدور التالي، وهو وضع صعب ومؤلم، والعديد من العوامل دفعتنا إلى ذلك”.
لابورتا يحاول الاصطياد في ماء دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد العكر، من أجل محاولة علاج مشاكل البارسا في الفترة المقبلة
وأضاف “الوضع الصعب للنادي، والأمور التي لا تتم بشكل جيد، واللاعبون الذين يفتقرون إلى أشياء على أرض الملعب، وكل شيء يجعل الوضع معقدا للغاية”.
وأردف “بالتأكيد العديد من الفرق مرت بهذا الموقف منذ وقت ليس ببعيد، مثل تشيلسي وبايرن، وما نمر به هو خطوة إلى الوراء، ولسنا في أفضل موقف، لكننا يجب أن نتحرك في الأوقات العصيبة”.
وعن المنافسة في الدوري الأوروبي، أجاب “لدينا فريق للفوز والمنافسة على اللقب، وأعلم أننا سوف نتحسن، ويجب أن يكون هدفنا هو الفوز بالدوري الأوروبي، على الرغم من أننا لم نكن نريد اللعب في هذه البطولة منذ البداية”.
وأتم “الوضع الحالي مؤلم، حيث كانت الأمور صعبة على أرض الملعب، وكانت فرصتنا في أيدينا لكننا لم نظهر بشكل جيد في الجولات الأولى، ونحن أوقعنا أنفسنا في هذا الوضع، وبالطبع اللعب في الدوري الأوروبي مؤلم”.
أمام هذا الضغط الرهيب دعا خوان لابورتا رئيس نادي برشلونة فريقه إلى الاتحاد على قلب رجل واحد عقب الخروج من دوري أبطال أوروبا. ويحتل برشلونة المركز السابع في جدول ترتيب الدوري الإسباني بفارق 16 نقطة عن الصدارة.
وقال لابورتا “نشعر بالحزن إزاء النتيجة لكن علينا أن نمضي قدما، حان وقت العمل الشاق ومحاولة الخروج من هذه الوضعية”. وأضاف “لم نتمكن من الذهاب إلى غرفة خلع الملابس لرفع الروح المعنوية للاعبين، سنتحدث إلى الجهاز الفني على متن الطائرة”.
تغيير الوضع
وأشار لابورتا “قمنا بما في وسعنا والآن علينا أن نحاول تغيير هذا الوضع”. وختم لابورتا بالقول “أوجه نداء إلى جماهير برشلونة، اليوم أكثر من أي وقت مضى علينا أن نصطف جميعا في نفس الاتجاه وأن نحاول اجتياز هذا الوضع سويا”.
ويحاول لابورتا الاصطياد في ماء دييغو سيميوني مدرب أتلتيكو مدريد العكر، من أجل محاولة علاج مشاكل البارسا في الفترة المقبلة. لابورتا وعد بإجراء تغييرات كبيرة في قائمة برشلونة بعد فوزه في الانتخابات الرئاسية، ومن ضمن وعوده التعاقد مع نجوم مميزين، والآن سنحت له الفرصة لفعلها خلال ميركاتو الشتاء.
ويريد لابورتا استغلال وضعية البرتغالي جواو فيليكس في أتلتيكو مدريد، حيث يطمح اللاعب للرحيل، حسبما نشرت صحيفة آس الإسبانية، ويرغب في الذهاب لفريق آخر بأسرع وقت ممكن، حيث لم يعد يطيق البقاء في النادي.
رئيس البارسا حاول ضم فيليكس الصيف الماضي، لكن الفريق المدريدي أغلق الباب أمام فكرة خروج اللاعب، وقد يعمل على عدم تفويت الفرصة لاستقطابه لترميم صفوف فريق تشافي. وربما يتمكن البارسا من استغلال وضعية اللاعب الموهوب لمحاولة الحصول على توقيعه بسعر منخفض، مع توقعات بتعقيد الأتليتي الأمور في المفاوضات على برشلونة، لكن لابورتا وتشافي قد يلعبان دورا هاما في الصفقة من خلال محاولة إقناع اللاعب بفكرة القدوم للكامب نو.