انتخابات اتحاد الكرة المصري تفقد حماسها بغياب مرشحين بارزين

القاهرة - يخيّم الصمت على انتخابات الاتحاد المصري لكرة القدم التي ستجرى في الخامس من يناير المقبل، في غياب منافسة حقيقية ومرشحين بارزين قادرين على صنع الإثارة.
وبات الفوز محسوما لصالح القائمة التي يترأسها جمال علام الذي شغل من قبل منصب رئيس اتحاد الكرة بعد أن انسحبت القائمة المنافسة له وكان على رأسها وزير البترول المصري الأسبق سامح فهمي الذي أعلن عدم ترشحه هو وقائمته قبيل إغلاق باب الترشح بعد ظهر الاثنين.
وكشفت مصادر رياضية لـ”العرب” أن “فهمي شعر بأن حظوظه في الفوز شبه معدومة في ظل شبكة التربيطات الانتخابية التي تملكها القائمة المنافسة، فآثر الانسحاب مبكرا خوفا من التعرض لهزيمة قاسية”.
وشغل فهمي خطة وزير في عهد الرئيس حسني مبارك وواجه سلسلة طويلة من المحاكمات تتعلق بقضايا فساد يمكن أن يتم استغلالها للنيل منه والتأثير على باقي أعضاء القائمة.
وأضافت المصادر أن “السبب السياسي لم يكن مبررا كافيا للتراجع عن الترشح في اللحظات الأخيرة، لكن هناك انقسامات حصلت بين أفراد قائمته التي جرى تجميعها بصورة سريعة وعشوائية، بينما الأعضاء الذين ضمتهم قائمة علام لهم حضور رياضي ويمكنهم بسهولة الحصول على أغلبية كاسحة من أصوات الجمعية العمومية”.
تطورات الساعات الأخيرة بإغلاق باب الترشح كشفت عن حجم التفسخ الذي أصاب قطاع كرة القدم
وبدلا من أن يشعر علام بالراحة جراء الانسحاب وأن الأمر أصبح محسوما له أبدى انزعاجه من عدم وجود قائمة منافسة وبحث عن قائمة شكلية تخوض الانتخابات، وهو يعلم أن حظوظها ضئيلة تماما، فغالبية الأسماء التي ضمتها مجهولة في الوسط الرياضي، ومن أندية تلعب في الدرجتين الثانية والثالثة في الأقاليم، ولن تستطيع الحصول على نسبة تمكنها من الفوز، فأعضاء الجمعية العمومية الذين يحق لهم الانتخابات وهم 145 ناديا يميل عدد كبير منهم إلى دعم قائمة علام المرشح لمنصب رئيس اتحاد الكرة المصري.
وتضم قائمة علام كلا من خالد الدرندلي مرشحا لمنصب نائب الرئيس وسبع شخصيات في العضوية هم حازم إمام ومحمد بركات وعامر حسين ومحمد أبوالوفا ومحمد حلمي مشهور وإيهاب الكومي ودينا الرفاعي.
وأدى خروج فهمي، بعد أن كان متحمسا لدخول الانتخابات وانسحاب قائمته من السباق، إلى خلط أوراق علام؛ فالفوز بالتزكية في مجال الرياضة المصرية معضلة لأن الشروط القاسية التي وضعتها اللائحة التنفيذية تمثل عبئا على الفائزين بهذه الطريقة وهي شروط صعبة يمكن أن تسهم في تعطيل اعتماد الفوز من الجهات الإدارية، وبالتالي تأخير ممارسة الاتحاد لدوره وربما الدخول في متاهة تعيد شبح الجمود وتعيد الاتحاد إلى الوصاية من جانب جهات رياضية محلية أو دولية.
ولذلك حرص علام على صناعة قائمة منافسة له لتدخل الانتخابات تحت بصره، ففي النهاية توحي الصورة بوجود شكل من أشكال الانتخابات الجادة مع وجود قائمتين.
وحصلت اللجنة الثلاثية المؤقتة التي تدير اتحاد الكرة الآن برئاسة أحمد مجاهد على موافقة من الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا) الذي قام بتعيينها وفق التعديلات التي أدخلتها الجمعية العمومية للاتحاد على لائحة النظام الأساسي في الاجتماع الطارئ الذي عقد في الثامن والعشرين من نوفمبر الماضي.
وطلبت الأندية من الفيفا إدخال تعديلات أبرزها تطبيق بند الثماني سنوات تصاعديا وبأثر رجعي، بحيث لا يحق لكل من قضى في مجلس إدارة اتحاد الكرة دورتين متصلتين أو منفصلتين أن يترشح مجددا إلا لمنصب أعلى من الذي كان عليه في الدورتين السابقتين، وهي نقطة أبعدت أسماء كبيرة في كرة القدم عن الترشح. وتضمنت التعديلات إقامة الانتخابات بنظام القوائم المغلقة، أي على الناخبين اختيار أعضاء قائمة واحدة كاملة من المرشحين، ويتكون المجلس من تسعة أعضاء (رئيس ونائب له وستة أعضاء ومقعد لامرأة).
وكشفت تطورات الساعات الأخيرة بإغلاق باب الترشح عن حجم التفسخ الذي أصاب قطاع كرة القدم، فرغم الاهتمام الشديد بهذه اللعبة الشعبية في أوساط المصريين إلا أن العزوف عن الترشح أثار علامات استفهام عديدة.
ولم تعد اللائحة الجديدة، بما تضمنته من تعديلات أدخلت عليها، كافية لتفسير هذا العزوف؛ إذ توجد أسماء عديدة لديها كفاءة تمكنها من المساهمة في إدارة شؤون اللعبة الشعبية الأولى في العالم، لكن ما تعرض له اتحاد الكرة المصري من ارتباكات في الفترة الماضية لعب دورا في ابتعاد بعض الأسماء عن النشاط الرياضي التطوعي.
فمنذ إجبار اتحاد الكرة المصري برئاسة هاني أبوريدة على الاستقالة عقب إخفاق المنتخب في نهائيات كأس الأمم الأفريقية بمصر وخروجه من دور الـ16 عام 2019 لم يشهد اتحاد الكرة استقرارا إداريا، فقد عين الفيفا لجنة لإدارة الاتحاد مكونة من خمسة أعضاء برئاسة عمرو الجنايني لمدة عام، ثم جرى حلها واختيرت لجنة أخرى مكونة من ثلاثة أعضاء برئاسة أحمد مجاهد.
وتمّ تأجيل انتخابات اتحاد الكرة أكثر من مرة، تارة بسبب تعديلات مطلوب إدخالها على اللائحة الرئيسية، وتارة أخرى جراء انتشار فايروس كورونا، وتارة ثالثة بسبب عدم قيام الفيفا بالضغط الكافي للتعجيل بالانتخابات، وكلها ذرائع انعكست سلبا على اللعبة.
وأشار بعض النقاد بأصابع الاتهام إلى أبوريدة، وبات الكثير من المهتمين بالرياضة في مصر على قناعة بأن الأخير هو الذي اختار من وراء الستار أعضاء اللجنتين اللتين أدارتا الاتحاد (الخماسية والثلاثية) مستغلا علاقاته بالفيفا.