الوباء يهدد المنازل التاريخية في بريطانيا بالإفلاس

منازل بمثابة متاحف تاريخية في بريطانيا تحتوي على تحف فنية وتماثيل وهندسة معمارية فريدة شاهدة على تاريخ المملكة يعاني أصحابها من أزمات مالية بسبب الوباء.
الأربعاء 2021/04/07
متاحف توثق التاريخ

باري سانت ادموندز (المملكة المتحدة)- يواجه كنتويل هول التاريخي المشيد خلال حكم أسرة تيودور لبريطانيا خطرا وجوديا، شأنه في ذلك شأن مبانِ تاريخية كثيرة اضطرت إلى إقفال أبوابها مع فرض إجراءات الإغلاق عقب تفشي جائحة كورونا.

والمنزل المشهور بأبراجه قرب منطقة باري سانت ادموندز في شرق بريطانيا صمد على مدى 450 عاما تخللتها الكثير من الاضطرابات التاريخية، لكنه الآن بحاجة ماسة الى أعمال صيانة ضرورية لا يمكن تأمين تكلفتها بسبب تراجع عائدات المنزل المالية منذ بدء الجائحة وتوقف حركة السياح.

وفي وجه هذه المصاعب المالية المتنامية، لم يكن أمام أصحاب المباني التاريخية مثل باتريك فيليبس الذي اشترى كنتويل عام 1971 سوى مناشدة الحكومة السماح لهم بإعادة فتح المنازل أمام الزوار في أسرع وقت.

ثلاثة آلاف عامل في المنازل التاريخية يواجهون الآن خطر الطرد على الرغم من خطة المساعدات الحكومية للعمال

وتحتوي هذه المنازل على تحف فنية وتماثيل وهندسة معمارية فريدة شاهدة على تاريخ بريطانيا، فهي بمثابة متاحف تاريخية يجب المحافظة عليها.

وقال المحامي العريق السابق الذي تولى عملية ترميم المنزل لعقود، إنه اضطر للتقشف إلى أقصى الحدود بعد تراجع الموارد المالية للمنزل بمعدل 90 في المئة في عام 2020 بعد أن بلغت 1.5 مليون جنيه (2 مليون دولار) عام 2019.

وأضاف “محاولة إدارة هذا المنزل بدون عائدات تشكل عبئا هائلا جدا”، مشيرا إلى أن معظم الأموال التي يدرها المنزل التاريخي جاءت من استئجاره لإقامة المناسبات والزوار. لكن غياب أي مصدر مالي في الأشهر الـ12 الماضية يعني تعليق أعمال أساسية، مثل صيانة حائط خندق مائي حول المنزل يبلغ طوله 731 مترا.

وقال فيليبس إن محاولة إصلاح حائط الخندق الذي تداعى في منطقة حساسة هو “كارثة بالمطلق” في غياب التمويل والدعم الحكومي. وأضاف “هذا الجزء بشكل خاص يدعم مبنى قديما مشيدا في القرن الخامس عشر”، لافتا إلى أنه “قبل أن نتمكن من دخوله وإلقاء نظرة، لا يمكننا أن نعلم مدى خطورة الأمر”.

مالك المنزل التاريخي كان واضحا في انتقاده لخطط الحكومة بإعادة فتح الاقتصاد، قائلا إنهم “يتبعون المسار الخطأ”. وشبّه فيليبس المباني التاريخية بقطاع الضيافة، معتبرا “نحن جميعا نعاني بلا أي داع”.

المنازل التاريخية تواجه "تراكم أزمة" العفن الذي يعشش في الكثير من المنازل بسبب الرطوبة

وكشفت الحكومة البريطانية في فبراير عن خطة وصفها رئيس الوزراء بوريس جونسون بأنها “حذرة لكن لا عودة عنها” للخروج من إغلاق وطني ثالث.

ومع ذلك فإن المنازل التاريخية وقطاعات أخرى تطالب بأجوبة عن سبب اضطرارها إلى الانتظار حتى مايو لفتح أجزاء من أعمالها، وحتى يونيو لإعادة الفتح بالكامل، بينما من المقرر إعادة فتح متاجر التجزئة غير الأساسية في 12 أبريل.

وتطالب جمعية المنازل التاريخية التي تمثل 1500 منزل الحكومة بضمان التزامها بالنصائح العلمية، دون فرض أعباء غير ضرورية على أصحاب هذه المنازل. وقال جيمس بروبيرت مدير الجمعية للتسويق والتنمية، “إنها أعمال حيوية وعليها تأمين مساهمات مادية حيوية أيضا”.

وأضاف “لم نقل إنه يجب عليكم السماح لهذه الأعمال بأن تفتح في 12 أبريل، بل قلنا هل بإمكانكم النظر في هذا الأمر، والتأكد من أن كل شيء يجري على ضوء النصائح العلمية المنطقية؟”.

وترتب على أعضاء جمعية مالكي المنازل التاريخية أعمال صيانة وترميم بقيمة 1.4 مليار جنيه استرليني لعام 2019، منها 400 مليون جنيه لأعمال طارئة، وهو مبلغ يتوقع بروبيرت أن يرتفع خلال الجائحة مع ما يعانيه أصحاب المنازل من أزمات مالية.

وقال إن المنازل التاريخية تواجه “تراكم أزمة” العفن الذي يعشش في الكثير من المنازل بسبب الرطوبة. وأضاف أن هذه المشكلة تصيب “منازل تاريخية هامة جدا تعد جزءا من تراثنا الوطني ومفتوحة أمام العموم”.

وليست المنازل التاريخية في بريطانيا وحدها من يدفع ثمن الجائحة، بل أيضا 34400 عامل يوظفهم أصحاب المنازل، ويواجه 3 آلاف منهم الآن خطر الصرف التعسفي على الرغم من خطة المساعدات الحكومية للعمال المتضررين.

المنازل التاريخية وقطاعات أخرى تطالب بأجوبة عن سبب اضطرارها إلى الانتظار حتى مايو لفتح أجزاء من أعمالها، وحتى يونيو لإعادة الفتح بالكامل

وعاشت عائلة تشارلز كورتيناي، الإيرل الـ19 لمقاطعة ديفون، في قلعة باودرهام في جنوب غرب بريطانيا منذ 600 عام.

وفي حين أنه لا يمكن مقارنة تداعيات أزمة كوفيد بالأضرار التي أصابت القلعة خلال الحرب الأهلية في بريطانيا في القرن السابع عشر، يقول كورتيناي إن المياه ألحقت أضرارا بالسقف وصلت إلى نقطة “مرحلة أزمة تقريبا”.

لكن مؤسسات تعنى بالتراث الوطني مثل “هيستوريك إنغلاند” ساعدت أصحاب المنازل من خلال تمويل الصيانة في فترة الشتاء، ما حد من تفاقم المشاكل وتراكم الأعباء المادية.

وقال كورتيناي إن شركة باودرهام ستعيد فتح حدائقها “بأسرع ما يمكننا ذلك”، مشيرا إلى أن عددا قليلا جدا من المنازل التاريخية تملك فائضا ماليا. وأضاف “كل ما تم جنيه يعاد استثماره في البناء أو الإدارة”.

وأوضح الإيرل أن الجائحة “دمرتنا ماليا”، لكن عند فتح الحدائق الصيف الماضي باتت القلعة أقرب ما تكون إلى “مساحة مجتمعية حيث بإمكان الناس أن يأتوا ويكونوا في الهواء الطلق بعد وقت عصيب هذا العام”. وأكد “كنا فخورين ومسرورين بكوننا قادرين على جعل هذه المساحة متوافرة للناس”.

20