النفط والغاز والجهود الدولية لمكافحة التغيّر المناخي

القمة التاريخية التي ستستضيفها دولة نفطية تعتبر فرصة أخيرة لإنقاذ الجهود الدولية في مكافحة التغير المناخي والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري.
الثلاثاء 2023/01/10
كوب 28 قمة تستعد لها الإمارات لتحريك ملف المناخ

يقول العديد من الخبراء والباحثين إن الجهود الدولية لحماية الكوكب من التدهور البيئي والتغير المناخي قد شهدت تراجعاً ملحوظاً في السنوات الماضية. وقد اعتبر هؤلاء أن هذا التراجع يعود إلى ثلاثة أسباب جوهرية، أولها عدم جدية الدول في التزاماتها المناخية، وثانيها الأزمات الدولية المتتالية كفايروس كورونا والحرب في أوكرانيا، أما السبب الأخير فهو ارتفاع كلفة تطبيق تلك الجهود والسياسات وعدم قدرة العديد من الدول على تأمين الأموال اللازمة لتنفيذها.

وإزاء هذا الواقع تُجمع الآراء على ضرورة التحرك الفوري والقيام بشيء عاجل يعيد تلك الجهود إلى سكتها الصحيحة ويضعها على مسارها الطبيعي الذي بدأ بـ”بروتوكول كيوتو” عام 1992 واستُكمل بعدها بـ”اتفاق باريس” عام 2015.

ومن هنا تتجه الأنظار إلى قمة المناخ المقبلة (كوب 28)، أو ما يعرف بمؤتمر الأطراف التابع لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، وهي قمة محورية يعول عليها الكثيرون وستستضيفها الإمارات العربية المتحدة من السادس حتى السابع عشر من نوفمبر المقبل.

هذه القمة التاريخية التي ستستضيفها دولة نفطية تعتبر بمثابة الفرصة الأخيرة لإنقاذ الجهود الدولية في مكافحة التغير المناخي والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وذلك عبر إعادة الزخم إلى هذا الملف وحشد الإجماع حوله وتأمين الإمكانات اللازمة لإنجاحه.

ويعتبر ألبرت أينشتاين أنه “لا يمكننا حل مشكلة باستخدام نفس العقلية التي أوجدت تلك المشكلة”، وهو باعتقادي المسار الأمثل الذي تحاول أبوظبي استخدامه من أجل إنجاح قمة المناخ المقبلة وإعطاء قبلة الحياة للجهود الدولية من أجل إنقاذ كوكبنا الأزرق.

شخصية مثل الجابر بخلفياتها المتعددة تعتبر اليوم أساسية وعاملا مسهّلا لصياغة تفاهمات واتفاقات حديثة وعملية تراعي مصالح كافة الأطراف والأهم قابلة للتطبيق

ولهذا تعمل دولة الإمارات بجد للتحضير للقمة المقبلة بمقاربة جديدة واقعية وعقلية منفتحة وعملية ترتكز على أربع نقاط رئيسية:

أولاً، الشراكة الحقيقية الكاملة بين مختلف الأطراف في صياغة القرارات الجماعية واتخاذها عن قناعة، وهو ما يضمن جدية والتزام الدول بتطبيق الخطوات المتفق عليها دون قيد أو شرط.

ثانياً، الترويج للحلول الواقعية والقابلة للتطبيق على أرض الواقع والابتعاد عن حلول الخيال العلمي التي تبقى حبراً على ورق.

ثالثاً، العمل على وضع شراكات تضامنية وجادة لتأمين الإمكانات المادية والتقنية للدول النامية والدول التي هي في حاجة إلى تلك الإمكانات لتنفيذ التزاماتها المناخية.

رابعاً، إدخال قطاع النفط والغاز -ولأول مرة- كشريك أساسي كامل في الجهود الدولية لمكافحة تغير المناخ، والنظر إليه بإيجابية باعتباره جزءاً من الحل وليس فقط جزءاً من المشكلة، خاصة وأن هذا القطاع يعتبر اليوم نقطة محورية لكافة الاقتصادات في العالم.

وفي هذا الإطار يمكن القول إن التعيين المرتقب للدكتور سلطان الجابر، المبعوث الخاص لدولة الإمارات للتغير المناخي ورئيس مجلس إدارة شركة أبوظبي لطاقة المستقبل “مصدر”، كرئيس لقمة المناخ المقبلة سيعطي دينامية قوية لهذا التوجه خاصة وأن الأخير يشغل أيضاً منصب وزير الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة في الإمارات العربية المتحدة، بالإضافة الى منصب الرئيس التنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” ومجموعة شركاتها.

وبالتالي فإن شخصية مثل الجابر بخلفياتها المتعددة تعتبر اليوم أساسية وعاملا مسهّلا لصياغة تفاهمات واتفاقات حديثة وعملية تراعي مصالح كافة الأطراف والأهم قابلة للتطبيق.

باختصار تبدو الجهود الدولية لمكافحة المشاكل المناخية في حاجة اليوم إلى تضافر الجهود وفي حاجة إلى الجميع لتحقيق شيء ما على الأرض. وطبعاً تلك الجهود بحاجة إلى اقتصادات قوية قادرة على الاستثمار بالتكنولوجيا وبالحلول الحديثة والبديلة وتأمين الموارد المالية والتقنية للعديد من الدول. كما أن الكثيرين يعتبرون أنه على أرض الواقع لا بديل اليوم عن قطاع النفط والغاز وأنه حاجة ملحة، خاصة وأن عملية التحول نحو الطاقة النظيفة ستستغرق وقتاً طويلاً.

وبناء على ذلك يتساءل هؤلاء: هل نتعامل بسلبية مع هذا القطاع؟ أم نتعامل معه بإيجابية ونحاول استخدامه بأفضل طريقة ممكنة كجسر عبور سريع نحو مستقبل الطاقة النظيفة، خاصة وأن لا أحد اليوم مستعدا للتخلي عنه في ظل انعدام البديل؟

7