النخيل يكافئ مزارعيه في المدينة المنورة

المدينة المنورة- بعد مرور عام على رعاية النخل بشكل متواصل، يستعد مزارعو النخيل بمنطقة المدينة المنورة لجني محصول التمور خلال الأيام المقبلة، والذي يستهل بـ”لونة مساعد” أول أصناف التمور نضوجا، ثم تتوالى الأصناف الأخرى في الإثمار بمختلف المزارع في ضواحي المدينة المنورة وداخلها، وبدء مرحلة تسويقها وعرضها في منافذ البيع في السوق المركزي، ومصانع ومعامل التغليف والتجهيز، والمحال التجارية ووصوله إلى المستهلكين داخليا وخارجيا.
والنخلة مصدر رزق للكثير من العائلات في المدينة بدءا من صاحب المزرعة والعاملين فيها وعائلاتهم، ويصل خيرها إلى التاجر في السوق.
وقال المزارع محمد الحربي في وصفه لمرحلة جني محصول الرطب، إن النخلة تستغرق نحو خمسة أشهر ما بين تلقيحها حتى حصاد محصولها من الرطب، مشيرا إلى أن مزارع النخيل الواقعة في الجهة الغربية لمنطقة المدينة المنورة تشهد اكتمال نضوج الرطب بها نتيجة ارتفاع درجة الحرارة في تلك المنطقة ويتبعه حصاد المحصول في المزارع في أرجاء منطقة المدينة المنورة وضواحيها.




وتشكّل حبّات الرطب باللون الأصفر مؤشرا على قرب حصاد المزارعين لمحصول الرطب هذا العام. ويقول رئيس الجمعية التعاونية للتمور بالمدينة عبدالله بن عبدالعزيز الردادي إن الأول من الشهر القادم سيكون موعدا لنزول تمور الرطب بدءا بالمزارع الواقعة في أطراف المدينة المنورة وتحديدا وادي الصفراء، وينبع النخل، والبوير حيث يبدأ جني محصول “لونة مساعد” التي تعد أولى طلائع حصاد تمور الرطب التي بدأت مرحلة التلوين للثمرة وتشكّلها استعدادا لجنيها وتعبئتها وتجهيزها للتسويق والبيع.
ويضيف الردادي الذي عمل قرابة الثمانين عاما في مهنة الزراعة، أن سوق التمور في المدينة شهد وصول كميات بسيطة من تمور الرطب من بعض المزارع، لكنه لا يعدّ البداية الفعلية لموسم الحصاد، إنما مرحلة تكوين عيّنات التمور في بعض المزارع بكميات قليلة، متابعا أن مرحلة التسويق الفعلي وحصاد الكميات السوقية من رطب “لونة مساعد” تبدآن مطلع الشهر المقبل بأسعار تتراوح بين 35 و50 ريالا للصندوق سعة 3 كيلوغرامات. وبيّن أن الأسعار تبدأ بعدها بالنزول التدريجي كلما زاد إنتاج المَزارع من الرطب.
وتحرص العديد من العائلات على شراء كميات وفيرة من الرطب وتغليفها جيدا منذ وقت مبكر من الآن، ليتم تخزينها في ثلاجات مخصصة لها في المنزل لتحتفظ بجودتها لفترة طويلة وتستخدم في ما بعد، بينما يستفيد من هذه الطريقة أصحاب المحال الغذائية الذين يبيعون التمور بعد انقضاء فترة جني محصولها خلال فصل الصيف.
ولفت الردادي إلى أن تمر “العجوة” سيبدأ بالنضوج خلال الشهر الحالي في الضواحي الواقعة شمال المدينة المنورة مع اشتداد الحرارة، ويصل سعر الصندوق سعة 3 كيلوغرامات إلى 60 ريالا تقريبا، يتبعها مزارع العجوة في أرجاء المدينة المنورة، وبعد ذلك تبدأ مرحلة نضوج باقي أصناف التمور مثل الروثانة والربيعة وغيرهما من تمور الرطب.
ويقول عادل عبدالحميد العروسي صاحب مزرعة لإنتاج التمور عمرها 50 سنة إن المدينة المنورة غنية بمزارع النخيل التي تنتج العجوة والعنبرة والصفاوي والصقعي والخلاص والمجدود واللبان والبرني، موضحا أن هناك نخلا لا يزرع في المدينة ومنها نخلة دقلة نور وهي تزرع في الجزائر وتونس.
ويضيف قائلا “حاولنا زراعتها في المدينة لكننا لم نستطع، تموت كلما زرعناها، وكنت في زيارة في أيرلندا ووجدت تمر نخلة دقلة نور هناك ولكن في السعودية لا تنبت”.
وتزداد مخاوف العروسي على زراعة النخيل في المدينة، بسبب التوسع العمراني وتناقص المزارع التي أصبحت مكانها مخططات سكنية، إضافة إلى عزوف الشباب عن العمل في الزراعة.
ويتذكر المزارعون أيام جني المحصول حيث كان يُجمع في أكياس كبيرة وينقل الجزء الأكبر منه إلى السوق مباشرة لبيعه، أما اليوم فيتم توزيع التمر في صناديق متعددة الأحجام وكراتين تحفظ جودة التمر بشكل أفضل.
ولا يزال سوق التمور يعتمد على الدلالين الذين لا تهدأ أصواتهم منذ الصباح مستعينين بأصوات مكبرات الصوت لجذب أعداد المتسوقين الجائلين في السوق.
وبرزت منذ سنوات قليلة طريقة بيع حديثة للتمور عن طريق الإنترنت، إذ يرى المتابعون للسوق أن هذه الطريقة أتاحت للبائعين أسلوبا جديدا لترويج منتجاتهم بطريقة أسرع، والخروج من دائرة التنافس المحمومة في ما بينهم في مقر السوق وخاصة زمن انتشار وباء كورونا.
ودفعت هذه الطريقة الحديثة العديد من النساء إلى اقتحام سوق التمور الذي ظل بيعه حكرا على الرجال، من خلال الترويج لمنتجاتهن المعتمدة على التمور عبر مواقع إلكترونية خاصة بهن، وجعلت منتجات التمور تزدهر بطرق حديثة دخلت فيها المعجّنات والحلويات.
ويقول أحد ممتهني أسلوب البيع عن بعد تركي العوفي، إن الترويج للتمور إلكترونيا يمثل وسيلة جيدة لبيع أي منتج كالتمور، لاسيما وأن الكثير من الزبائن خارج المدينة المنورة يبحثون عن شراء منتجات المدينة وخاصة العجوة، وتمكنهم هذه الطريقة من الاطلاع على أصناف التمور التي يتم عرض صورها على الموقع الخاص بالبائع ليشاهدوا بسهولة المنتجات ويختارون ما يريدون، ويتواصلون مع البائع بكل سهولة.
يُذكر أن التمر بأنواعه المختلفة له قيمة غذائية عالية مفيدة للجسم وعالية من حيث السعرات الحرارية، وهو مصدر جيد للمعادن كالحديد والبوتاسيوم والكالسيوم، إضافة إلى احتوائه على سكريات أحادية كالغلوكوز والفركتوز، وسهل الهضم والامتصاص، إلى جانب محتواه الجيد من الألياف الغذائية والفيتامينات.