النائب عبدالسلام نصية: الوضع في ليبيا اليوم الأسوأ منذ سنوات

"العرب" تحاور النائب عبدالسلام نصية، عضو مجلس النواب الليبي عن مدينة الزنتان حول الواقع الليبي الذي يصفه بالمعقّد بسبب تدخل أطراف داخلية وخارجية في الصراع.
الأحد 2019/01/06
عبدالسلام نصية: لا حل خارج أطر الوحدة الوطنية

طرابلس - حثّت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الفرقاء على تغليب المصلحة الوطنية ليكون عام 2019 عاما للتوافق وتحقيق طموحات الليبيين، وهو أمر يعتبر النائب عبدالسلام نصية، عضو مجلس النواب الليبي عن مدينة الزنتان، أن تحققه مشروط بعدة تحديات يجب تجاوزها وكسر عقباتها السياسية والعسكرية والإقليمية والدولية.

تحدث نصية، في حوار مع "العرب" عن الواقع الليبي الذي يصفه بالمعقّد بسبب تدخل أطراف داخلية وخارجية في الصراع، مشككا في نجاح المؤتمر الوطني الجامع برعاية بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا الذي سيعقد في الأيام المقبلة كحل للأزمة.

ويشدّد النائب الليبي على ضرورة إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية مبكرة. ويرى فيها الحل للأزمة. ويرى أن توحيد السلطة التنفيذية لا يتعارض مع الاستفتاء على الدستور بل هما في مسارين متوازيين. كما أن الاستفتاء على الدستور في ظل سلطة تنفيذية واحدة أفضل بكثير من الاستفتاء في ظل تعدد الحكومات، كذلك في حالة رفض مشروع الدستور من الشعب فإنه في ظل سلطة تنفيذية واحدة يكون أيسر وأسهل الاتفاق على قاعدة دستورية منه في حالة استمرار الانقسام. ويعتبر نصية وسائل الإعلام الليبية طرفا كبيرا في الصراع الدائر بسبب خطابها الذي وصفه بأنه مثير للفتنة والانقسام وتضليل الرأي العام.

دور البرلمان العربي

نصية أيضا عضو في البرلمان العربي، الذي يعتبرُه داعما كبيرا في مساندة أي حلول تنهي حالة الفوضى الليبية. ويرى أن مختلف المؤتمرات الدولية حول ليبيا تدخل في إطار الصراعين الإقليمي والدولي، مشيرا إلى أن القضية الليبية تم تدويلها لذلك يجب أن تبقى تحت مظلة الأمم المتحدة وألا تبقى منافسة أو صراعا بين الدول. ويوضح أن المشكلة في ليبيا هي كبر حجم التدخل الخارجي، وبالتالي فإن أي طرف خارجي يخشى إذا خسر طرفه الداخلي أن تنتهي مصالحه في البلاد، لذلك يعمد دائما إلى تخريب أي مبادرة لا يكون طرفا فيها.

ويضيف نصية أن الانقسام المؤسساتي ووجود أكثر من حكومة وأنانية الأطراف الليبية وانتشار الفوضى والفساد كانت دائما حائلا أمام تحقيق أي تقدم، بل إنها تساهم في استمرار التدخل الخارجي والصراع الإقليمي والمؤتمر والمؤتمر المضاد.

القضية الليبية معقدة ومركبة، داخليا وخارجيا، والانقسام المؤسساتي ووجود أكثر من حكومة وانتشار الفوضى والفساد ساعدت في استمرار هذا التعقيد

ويوضح أن صوت البرلمان العربي في الأزمة الليبية كان أقوى من جامعة الدول العربية، فقد دعم البرلمان الشرعية الليبية سواء في بياناته أو في الساحة الدولية. وكان البرلمان العربي حاضرا وبقوة في القضايا الهامة وكمثال على ذلك  قراره الرافض لاعتزام مجلس العموم الإنكليزي إصدار قانون لمصادرة الأموال الليبية لتعويض ضحايا الجيش الجمهوري الأيرلندي، كذلك قراره الواضح بشأن القضية الليبية ومساندته للانتخابات ورفض التدخل الخارجي. وفي ظل ضعف العمل العربي المشترك يعتبر ما قام ويقوم به البرلمان العربي أفضل بكثير من جامعة الدول العربية.

الاتفاق السياسي

من اجتماعات سوسة في تونس إلى اجتماعات الصخيرات في المغرب، كان عبدالسلام نصية من أعضاء لجنة البرلمان للحوار ومن المنادين بالانتخابات بعد التوصل لفكرة رئيس ونائبين، لكنه الآن مع تعديل الاتفاق السياسي.

ويبرّر هذا التغيير بتأكيده على أنه مازال داعما بقوة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، باعتبارها الهدف لأي مشروع وطني. لكن هذه الانتخابات تحتاج إلى زمن ودستور أو قاعدة دستورية متفق عليها، وهو أمر صعب ونتيجة لما تمر به البلاد الآن، وهو أسوء وضع تشهده البلاد منذ سنوات نتيجة لانقسام المؤسسات ووجود على الأقل حكومتين وأزمة سياسية واقتصادية واجتماعية، وفشل المجلس الرئاسي الحالي في توحيد مؤسسات الدولة.

ولتقام الانتخابات في أجواء جيّدة ويتم قبول نتائجها، يشدد النائب الليبي على ضرورة إعادة هيكلة السلطة التنفيذية وتوحيد المؤسسات بالتزامن مع إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور من أجل تهيئة البلاد للانتخابات الرئاسية والبرلمانية في ظل حكومة واحدة.

ويبدو واضحا عجز البرلمان الليبي عن إيجاد أي حلول بل حتى عن عقد جلساته في بنغازي. وهنا يوضح نصية أن البرلمان يعاني من الانقسام الحاصل بسبب الأزمة السياسية، وبالرغم من ذلك استطاع في الفترة الأخيرة أن يجتمع بالنصاب المطلوب ومرّر قانون الاستفتاء. وكذلك قام بتعديل الإعلان الدستوري لتضمين الاتفاق السياسي المعدل بإعادة هيكلة السلطة التنفيذية إلى رئيس ونائبين ورئيس حكومة منفصل.

ويرى نصية أن ذلك كان خطوة مهمة على طريق توحيد المؤسسات وإجراء الانتخابات، مشيرا إلى أنه ليس هناك ما يمنع عقد جلسات في بنغازي، سوى توفر المقر والأمور اللوجيستية الأخرى. ويؤكد أن بنغازي هي المقر الرئيسي للبرلمان ولا بد من العودة إليها.

نحو خلق مشروع وطني ينقذ البلاد
نحو خلق مشروع وطني ينقذ البلاد 

سلطة تنفيذية ودستور

يكرر نصية في حديثه أكثر مرة دعم الدفع باتجاه انتخابات رئاسية وبرلمانية حتى تكون هناك قيادة ليبية متفق عليها يمكن من خلالها التعامل مع الجميع في إطار التعاون الدولي وتبادل المصالح. ولتحقيق ذلك يرى بضرورة أن يتم توحيد السلطة التنفيذية والمؤسسات السيادية ودخول البلاد في فترة استقرار، تتم خلالها التهيئة للانتخابات الرئاسية والبرلمانية، من حيث إجراء الاستفتاء على مشروع الدستور وحماية الانتخابات والاتفاق على القاعدة الدستورية في حالة رفض مشروع الدستور من قبل الشعب.

ويضيف مشدّدا على أن نجاح الانتخابات يتطلب اتفاق جميع الأطراف وتوحيد السلطة التنفيذية وتهيئة البلاد لهذه الانتخابات، مشيرا إلى أن الحكومة الواحدة سترعى الانتخابات وتؤمنها وعندها ستكون نتائجها مقبولة من الجميع.

ويرفض نصية الإصلاحات الاقتصادية الأخيرة التي قام بها المجلس الرئاسي، والمتضمنة زيادة مخصصات الأسر السنوية من الصرف الأجنبي من 500 دولار إلى ألف دولار، وإعادة تفعيل قرار دفع علاوة الأسرة والأبناء ورفع الدعم عن المحروقات وتغيير سعر الصرف الأجنبي المتاح للاستيراد والعلاج، معلّلا ذلك بأن الإصلاحات الاقتصادية أكبر وأشمل من ذلك وتتعلق بالسياسة المالية والسياسة النقدية والسياسية التجارية.

ويستطرد موضحا، من وجهة نظره كخبير ومتخصص في الشؤون المالية، أن ما تم هو فرض رسوم على بيع النقد الأجنبي، أي معالجة فرق سعر صرف الدينار الليبي أمام العملات الأجنبية من خلال فرض هذه الرسوم، وهي معالجة غير طبيعية واستثنائية لأن المعالجة الطبيعية لسعر الصرف تتم من خلال أدوات السياسية النقدية المسؤول عنها المصرف المركزي، ومع ذلك لا يمكن لأحد أن ينكر أن هذه الرسوم نجحت في تقليص الفرق في السوق الموازي وحققت أموالا كبيرة يجب أن تُحسن إداراتها.

يتهم ديوان المحاسبة الحكومة المؤقتة بعجز بلغ ستة مليارات، دون أن تتم مساءلة الحكومة حول رقم بهذا الحجم، الأمر الذي فسره نصية بشلل المؤسسات المعنية بالرقابة والمحاسبة، حيث يقول إن ديوان المحاسبة هو الذراع الرقابية لمجلس النواب، وفي حالة وجود مخالفات مالية يجب اتخاذ الإجراءات القانونية وفقا للقانون ضد المخالفين، لكن لجان مجلس النواب معطلة نتيجة الانقسام السياسي الحاصل في البلاد، وبذلك يصعب إجراء استجواب الحكومة أو مساءلتها.

ملتقى جامع

يعتقد عبدالسلام نصية أن الملتقى الوطني الجامع الذي سيعقد بدعوة من الأمم المتحدة في مسعى لإنهاء الصراع في ليبيا لن يكون ناجحا إلا في ظل توحيد السلطة التنفيذية، في ما عدا ذلك لن يحقق شيئا وقد يكرس الانقسام، أما إذا عقد بعد توحيد المؤسسات وفي ظل سلطة تنفيذية واحدة، فإن هناك الكثير من القضايا المهمة التي يمكن للملتقى أن يلعب فيها دورا كبيرا ومن أهمها الانتخابات وتأمينها وقبول نتائجها والمصالحة الوطنية وعودة المهجّرين والقاعدة الدستورية في حالة رفض مشروع الدستور في الاستفتاء.

ويعتبر أن الاتفاق بين لجنتي الحوار في مجلسي النواب ومجلس الدولة يقع ضمن مشروع وطني لإنهاء الصراع السياسي والدخول في مرحلة دائمة، مشددا على ضرورة خلق مشروع وطني ينقذ البلاد ويتجاوز كل الخلافات والحسابات السياسية. ويقول مؤكدا “نحن نتحدث عن مشروع وطني ولا نتحدث عن أسماء والمشروع الوطني لا يقصي أحدا ولا يُبنى على أحد”.

لكن، كيف سيتحقق هذا الاتفاق في بلد تحكمه الحسابات الجهوية والميليشيات، ويعاني من التدخلات الخارجية، وهنا فإن الأمر يبدو صعبا لكن ليس مستحيلا من وجهة نظر عبدالسلام نصية، الذي يختم حواره بقوله إن “القضية الليبية صعبة ومعقدة وكل المسالك وعرة لكن يجب البحث دائما عن مخرج وأن نفتّت المشكلة الكبيرة إلى أجزاء، إرادتنا قوية وقناعتنا بهذا المشروع الوطني راسخة، لذلك سنعمل على مواجهة كل تلك المشاكل مهما كان حجمها”.

4