المغرب.. سير حثيث نحو رقمنة الجامعات

الثلاثاء 2016/06/07
مواكبة التطورات

يعد تشجيع الطلبة المغاربة على استعمال التكنولوجيات الحديثة خطوة جديدة في الالتحاق بموكب التطور التكنولوجي في التدريس والتعليم العالي في المغرب. وفي سياق الجهود المبذولة لرفع مستوى جودة التعليم العالي، أعلن وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر، لحسن الداودي، إطلاق برنامج “لوحتي”، الذي سيستفيد بموجبه طلاب الجامعات ومؤسسات التكوين المهني، وكذلك الأساتذة والأطر الإدارية، من لوحات إلكترونية بأسعار تفضيلية.

ويعتبر أكاديميون وخبراء في التعليم أن هذا البرنامج، يهدف إلى تسهيل ولوج الطلبة إلى الخدمات الرقمية وتعميم تكنولوجيا الإعلام والاتصال في الجامعات المغربية، بالإضافة إلى تحديث منظومة التعليم العالي والرفع من مستوى التكوينات وتعزيز التفاعل بين الطلبة ومحيطهم السوسيو اقتصادي.

وقالت جميلة المصلي الوزيرة المنتدبة لدى وزير التعليم العالي والبحث العلمي وتكوين الأطر إن “برنامج «لوحتي» يأتي تتويجا لمسار وإرادة الرقمنة والعصرنة للوزارة”، مؤكدة أنه “لا يمكن تصور الجامعة دون رقمنتها”.

وأضافت مصلي أن “مثل هذه البرامج لن تكون معزولة عن سياق عام يرمي إلى تطوير الجامعة المغربية وجعلها تواكب ما وصلت إليه الجامعات العالمية”.

وشددت الوزيرة، على أهمية التكنولوجيا الحديثة في الرقي بالتعليم، مشيرة إلى عدد من المبادرات التي أقدمت عليها وزارة التربية والتكوين ووزارة التعليم العالي ومنها تكوين 120 ألف أستاذ في مجال استعمال التكنولوجيا الحديثة، في ما بين سنتي 2014 و2016.

وعن مستقبل التعليم بالمغرب في ظل التطور التكنولوجي، قال جمال بن دحمان الأستاذ الجامعي المغربي المتخصص في الخطاب الإعلامي في تصريح لـ”العرب”، “التعليم العالي ليس تعليما مفصولا عن التطورات التي تعرفها البشرية ومن ضمنها الثورة التكنولوجية التي عرفت تطورا كبيرا خلال العقد الأخير، بل إن هذا التعليم هو الذي ساهم في ذلك التطور، رغم أن الإكراهات الموضوعية لا تسمح للجامعة المغربية بأن تكون منافسا كبيرا في هذا المجال، إلا أنها ساهمت في تكوين أطر متملكة لأسس التكنولوجيا الحديثة ومرتكزاتها على نحو ما يشهد به الباحثون وعدد الطلبة الباحثين المتواجدين في مختلف المؤسسات والشركات ذات الصلة”.

وأضاف بن دحمان “هذه الصورة المنفتحة تخفي معالم ضعف حقيقي يمكننا اختزاله أولا، في ضعف الموارد المالية المخصصة للبحث العلمي بشكل عام، والبحث في التكنولوجيات الحديثة بشكل خاص. وثانيا، في النظرة التبخيسية التي يتعامل بها بعض المسؤولين مع البحث في العلوم الإنسانية بدعوى عدم انفتاحه على علوم العصر من ضمنها التكنولوجيات الحديثة، وهو حكم لا يرتكز على أي أساس مدعوم بدراسات موضوعية، بل إنه حكم انطباعي، بحيث أن الباحثين في العلوم الإنسانية هم أكثر الباحثين توظيفا للتكنولوجيات الحديثة. وثالثا، نرى بأن الدراسة الجامعية ترتكز اليوم على كل خلاصات البحث التكنولوجي لكنها تفتقر للبنيات المساعدة على ذلك”.

واعتبر، أن اللوحة الرقمية لن تعوض الكتاب لأن استثمار الكتاب يشكل جزءا من وظائفها، فالكثير من المواقع الإلكترونية تعتمد الكتاب أساسا لرواجها. بمعنى أن الكتاب سيبقى والكاتب سيستمر. لذلك سيكون التحدي الأكبر مستقبلا أمام التدريس الجامعي والتدريس بشكل عام هو البحث عن كيفية تطوير مهارات الطلبة. وقد يكون الاستثمار المعقلن للوحات الرقمية وغيرها من أدوات التواصل الحديثة مكونا يساعد على ذلك، لكن الأمر مستحيل إذا ما تم الإبقاء على منهجية التعامل الحالية مع هذه الوسائل، لذلك على المسؤولين الانشغال أكثر بكيفية البناء المعرفي والنفسي والمنهجي للطالب، وهي أمور لا يمكن للوحة ذات ذكاء اصطناعي إنجازها بمفردها.

ويرى الأستاذ الجامعي، أن هذه الاختيارات ليست سليمة لأنها تعتقد أن التقنية أهم من الكائن البشري، بل وتعتقد أن الآلة قادرة على تغيير الإنسان، بمعنى أنها تعتقد أنه بمجرد أن يتسلم الطالب جهازا أو لوحة رقمية متطورة ستتغير ذهنيته ونفسيته ومنهجية تفكيره، بينما المقاربة الأسلم هي تلك التي تتبنى مقاربة مختلفة فتنطلق من العمل على تغيير الذهنية والنفسية والمنهجية، لتأتي الآلة بعد ذلك فتوظف في إطارها الأسلم. والدليل على ذلك، أن وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني شرعت منذ ما يقارب عقدا من الزمن على تعميم العدة المعلوماتية على المؤسسات التعليمية، فهل أدّى ذلك إلى حصول تحول في علاقة بالمعرفة والتمدرس؟ يبدو أن الأمر لم يكن كذلك لأن المقدمات لم تكن سليمة.

كاتبة من المغرب

17