المعركة مستمرة بين الأولمبية الدولية واتحاد الملاكمة

يبدو أن إصرار اللجنة الأولمبية الدولية على تهميش الاتحاد الدولي للملاكمة قد وصل إلى نقطة اللاعودة في باريس.
الثلاثاء 2024/08/06
حضور قوي

باريس- ألقت الأحداث خارج الحلبة بظلالها مرة أخرى على الملاكمة في دورة الألعاب الأولمبية، حيث شهدت ألعاب باريس خلافا جدليا حول الجنس شمل متنافستين. خلفية هذه القضية تكمن في الصراع القديم والحاد بين اللجنة الأولمبية الدولية والاتحاد الدولي للملاكمة. في عام 2019، ألغت اللجنة الأولمبية الدولية حق الاتحاد الدولي للملاكمة في تنظيم المسابقة الأولمبية، فظهر التوتر الكامن بين السلطتين إلى الضوء. وفي ظل العديد من الخلافات، وخاصة الشكوك حول فساد القضاة والحكام خلال الألعاب المتعاقبة، غير الاتحاد الدولي للملاكمة رئاسته مرات عدة. وعلى رأسه منذ 2006، اضطر التايواني تشينغ-كيو وو إلى الاستقالة في 2017، واتهمه خصومه بسوء الإدارة المالية وإيقاف 36 حكما متهمين بالتلاعب بنتائج نزالات في دورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو عام 2016.

بعد ذلك، تولى غفور رخيموف، رجل أعمال أوزبكي مثير للجدل تزعُم وزارة الخزانة الأميركية أنه مرتبط بـ”منظمات إجرامية عابرة للحدود الوطنية”، لمنصب الرئيس لمدة 20 شهرا حتى يوليو 2019، خلفه رجل أعمال آخر هو الروسي عمر كريمليف في عام 2020 لقيادة الهيئة الدولية الممولة جزئيا من قبل شركة الغاز العملاقة غازبروم. ومنذ ذلك الحين، تدهورت العلاقات مع اللجنة الأولمبية الدولية. وفي يونيو 2023، استبعدت اللجنة الأولمبية الدولية الاتحاد الدولي للملاكمة من الحركة الأولمبية، قائلة إنه لم يستجب لأيّ من مخاوفها. وفي إشارة إلى مدى سوء العلاقات، قارن الاتحاد الدولي استبعاده من إدارة المسابقة في الألعاب الأولمبية بغزو ألمانيا النازية للاتحاد السوفياتي في عام 1941.

تأثير لافت

في ظل العديد من الخلافات، وخاصة الشكوك حول فساد القضاة والحكام خلال الألعاب المتعاقبة، غير الاتحاد الدولي للملاكمة رئاسته مرات عدة

تشرف الاتحادات الرياضية الدولية على معظم الرياضات الأولمبية. ولكن بسبب استبعاد اللجنة الأولمبية الدولية للاتحاد الدولي للملاكمة، كان عليها تنظيم المسابقة بنفسها في طوكيو في عام 2021، ثم مرة أخرى في باريس 2024. وأصبح هذا مهما لأن الاتحاد الدولي واللجنة الأولمبية الدولية لديهما معايير أهلية مختلفة لمنافسات السيدات. أجرى الاتحاد الدولي اختبارات “جنس” غير محددة على ملاكمتين هما الجزائرية إيمان خليف والتايوانية يو – تينغ لين خلال بطولة العالم التي نظمها في نيودلهي في يونيو 2023. تم استبعاد كلتا الملاكمتين بعد ذلك، في منتصف المنافسة، بعد أن وصلتا إلى المراحل الأخيرة. أبلغ الاتحاد الدولي اللجنة الأولمبية الدولية عن طريق رسالة بالاختبارات، قائلا إن خليف لديها كروموسوم ذكري “إكس واي”، وفقا لتقارير إعلامية أكدتها اللجنة الأولمبية الدولية الأحد.

لكن الهيئة الأولمبية رفضت مرارا وتكرارا الاختبارات هذا الأسبوع ووصفتها بأنها “تعسفية” و”مُركبة معا” وجادلت ضد ما يسمى باختبارات الجنس، الاختبارات الجينية باستخدام المسحات أو الدم والتي ألغتها في عام 1999. سمحت لخليف ولين بالمنافسة في باريس لأن أيّ شخص يتم التعرف عليه كامرأة في جواز سفره مؤهل للنزال. يقول الاتحاد الدولي للعبة وغيره من المنتقدين إن هذا يثير “أسئلة خطيرة حول العدالة التنافسية وسلامة الرياضيين”.

ألقى كريمليف خطابات هجومية عدة ضد رئيس اللجنة الأولمبية الدولية الألماني توماس باخ على وسائل التواصل الاجتماعي وقال إن الألعاب الأولمبية نظمتها “ضباع” تستحق أن تؤخذ إلى “مزرعة خنازير”. على غرار المسؤولين السياسيين، دعا كريمليف أيضا إلى احترام “القيم التقليدية” وانتقد الاحتفال بحقوق المثليين جنسيا ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسية أثناء حفل افتتاح ألعاب باريس. وترددت أصداء هذه الانتقادات من جانب مسؤولي الكرملين بشأن أولمبياد باريس، حيث مُنع الرياضيون الروس من المنافسة بألوان بلادهم بسبب غزو موسكو لأوكرانيا.

تقويض المصداقية

حث المتحدث باسم اللجنة الأولمبية الدولية مارك آدامز الصحافيين الأحد على إلقاء نظرة على مقاطع الفيديو التي نشرها كريمليف، قائلا إنها “في الواقع صادمة جدا، وتقوض أيّ مصداقية ربما كان يتمتع بها”. كما اقترح أن اختبارات الجنس التي أجريت على خليف على وجه الخصوص ربما كانت رد فعل على فوزها على منافستها الروسية أزاليا أمينيفا في بطولة العالم في نيودلهي. وقال آدامز “أعلم أن الملاكمة واجهت وتغلبت على روسية، وقد اتخذ قرار إجراء الاختبار على الفور هناك. لأيّ غرض؟ لماذا؟ لا أعرف”.

ويبدو أن إصرار اللجنة الأولمبية الدولية على تهميش الاتحاد الدولي للملاكمة قد وصل إلى نقطة اللاعودة في باريس، على الأقل ما دام كريمليف في السلطة. وشجعت اللجنة الأولمبية الدولية عالم الملاكمة على الالتقاء حول هيئة إدارية جديدة والتي يمكن أن تكون “وورلد بوكسينغ” شابة، وهي هيئة منشقة تدعمها العديد من الاتحادات الغربية. بانتظار ذلك، أصبحت الملاكمة، وهي رياضة أولمبية تاريخية، في خطر. وحذر باخ قائلا “لا يمكن للملاكمة أن تكون في أولمبياد لوس أنجلس (2028) إلا إذا كان لدينا شريك موثوق به. لذا يتعين على الاتحادات الوطنية للملاكمة الآن أن تتخذ قرارها. الأمر يتوقف عليها”.

17