المعالم السياحية في إيطاليا على حافة الإفلاس

الفاتيكان يتوقع أن يكون التعافي من أزمة كورونا بطيئا في ظل غياب الزوار وضعف الدخل الذي تدره المتاحف والذي يعتمد عليه لدفع رواتب الموظفين.
الأربعاء 2020/06/10
الكولوسيوم موحش بلا سياح

روما- عادة ما يكتظ الدرج الضيق المؤدي إلى كنيسة سيستينا الشهيرة في مدينة الفاتيكان بالبشر، حيث أن حشود الزائرين من جميع أنحاء العالم، والطوابير الطويلة، هي أمور معروفة بين السائحين، شأنها شأن اللوحات الجدارية الخاصة بالفنانين الإيطاليين من أمثال مايكل أنجلو أو رافائيل.

ومع إعادة فتح المتاحف الإيطالية بصورة تدريجية، أدى فايروس كورونا المستجد إلى تغير كل ذلك. فقد بدأ السياح في العودة، ولكن بأعداد ضئيلة جدا، بعد أن رفعت السلطات الحظر الذي كانت تفرضه في البلاد منذ مارس 2020، عندما كانت أعداد الوفيات في الشمال كبيرة جدا لدرجة أدت إلى نفاد أماكن الدفن.

وبعد نحو ثلاثة أشهر من الإغلاق، أعادت المؤسسات الثقافية فتح أبوابها من جديد، حيث أصبح من الممكن لاثنتين من أشهر مناطق الجذب السياحي في العالم، وهما متاحف الفاتيكان والكولوسيوم، استقبال عدد قليل نسبيا من الزائرين. تقول مديرة متاحف الفاتيكان، باربرا غاتا، “إنه أفضل وقت للمجيء إلى هنا على الأرجح”.

إيطاليون يعيدون اكتشاف جمال بلادهم
إيطاليون يعيدون اكتشاف جمال بلادهم

وكان العام الماضي قد شهد زيارة 6.7 مليون شخص إلى المتحف، مما يجعله واحدا من أكثر الأماكن شعبية في العالم، حيث يزور نحو 27 ألف شخص قاعاته الرائعة يوميا.

وتقول غاتا إنها لم تكن تتوقع التعجل في إعادة الفتح، مع الأخذ في الاعتبار أن الحدود الإيطالية تم فتحها بعد ذلك ببضعة أيام. وحتى الآن، سوف يستغرق الأمر بعض الوقت حتى تتعافى السياحة.

وفي الوقت نفسه، تم فرض بعض القيود على زيارة متاحف الفاتيكان حاليا، حيث تقتصر الزيارة على نحو 4 آلاف شخص فقط يوميا بسبب القواعد التي تم فرضها لاحتواء انتشار فايروس كورونا. وفي الماضي، كان من الممكن أن يقوم 20 ألف شخص بزيارة تلك الأماكن في اليوم العادي.

وعن “غاليريا بورغيزي”، وهو أحد أهم المتاحف في روما، تقول غاتاـ إن هناك 100 شخص فقط زاروا المكان خلال الأيام الثلاثة الأولى من إعادة فتحه ـ كما جاء عدد قليل من الزائرين إلى موقع بومبيي الأثري بعد إعادة فتحه. ويفد نحو 90 في المئة من زائري متاحف الفاتيكان من الخارج.

ولكن الآن مع هدوء الأمور، أصبح هناك فرصة لسكان روما وللإيطاليين عامة، لإعادة اكتشاف جمال بلادهم، وذلك بحسب ما تقوله غاتا.

وفي الوقت الحالي، سيتعين على الزوار المرور عبر جهاز كشف حراري قبل دخول المتاحف، بالإضافة إلى استخدام أقنعة طبية ، كما أن معقم اليدين متاح في تلك الأماكن.

وقد أصبح حجز تذاكر الدخول إلزاميا، كما أن عدد الأفراد في المجموعات يجب ألا يزيد عن عشرة. وقد انخفضت أسعار رسوم الدخول من 21 إلى 17 يورو.

وبينما قد تكون إمكانية الاستمتاع بالكنوز الثقافية دون ازدحام، أمرا جذابا بالنسبة للزائرين، إلا أنه مقلق بالنسبة للفاتيكان، حيث تعتمد الدولة بصورة رئيسية على الدخل الذي تدره المتاحف، ومازال يتعين دفع رواتب 800 من الموظفين، سواء تم بيع التذاكر أم لا.

وقال خوان أنطونيو غيريرو ألفيس، وهو المسؤول عن إدارة الشؤون المالية للفاتيكان، في مقابلة أجريت معه مؤخرا، إنه يتوقع أن يكون التعافي بطيئا.

ومع ذلك، فإنه لا يرغب في مناقشة احتمالية إفلاس الفاتيكان في ظل الأزمة الحالية، وذلك في حال تقلص حجم التبرعات أيضا.

كما أن حجم المشكلة الناتجة عن غياب السائحين في روما وفينيسيا وفلورنسا، وغيرها من المدن التي تعتمد على الفن، تتجلى واضحة في لافتة صغيرة تم وضعها خارج متاحف الفاتيكان.

مشكلة روما وفلورنسا، والمدن التي تعتمد على الفن في سياحتها، تتجلى واضحة في أنه لا يمكن فتح متاحفها دون مساعدة الحكومة

حيث يوجد هناك مقهى عادة ما يعج بالزائرين، ولكنه مغلق الآن. وقد تم وضع لافتة عند النافذة تقول، “لا يمكننا إعادة فتح أبوابنا دون مساعدة الحكومة. هناك الآلاف من الوظائف المهددة”.

ومازال هناك في منطقة وسط روما التاريخية، الكثير من المطاعم المغلقة، أو التي أعيد فتحها ولكن بعدد أقل من العاملين.

ولو لم تكن الكثير من المؤسسات تواجه خرابا ماليا الآن، لكنا سنقول إن المدينة لم تكن أبدا بمثل هذا الجمال. فمن الملاحظ عدم وجود زائرين يصطفون أمام الكولوسيوم، على سبيل المثال، من الصباح إلى المساء. وقد أصبح من الممكن إعادة فتح المدرج الأثري بعد عدة أشهر من الإغلاق الذي اتسم بالصعوبة، حيث يقول مسؤولو المكان، “إنه من الصعب تقبّل الصمت الغريب”.

أما الآن، فقد تم تخفيض أسعار التذاكر للزائرين خلال فترة ما بعد الظهيرة، أملا في جذب سكان روما الذين قد يأتون لزيارة المكان بعد انتهاء يوم العمل. ومن المرجح أن يستغرق الأمر وقتا أطول لكي تعود مجموعات السائحين الأجانب الكبيرة.

في الوقت نفسه، دعا وزير الثقافة الإيطالي، داريو فرانسيشيني مرارا إلى التضامن الأوروبي. كما وعد بأن يتم توجيه أموال صندوق إعادة الإعمار في الاتحاد الأوروبي إلى المؤسسات الثقافية بجميع أنواعها. وقد نالت هذه الوعود ترحيب الكثيرين.

ورغم أنه من الممكن أن فترة صعبة مرت على المؤسسات الثقافية في إيطاليا، فإن المستقبل مازال يحمل في جعبته فترة صعبة أخرى.

20