المعارضة المصرية تحاول تسجيل حضورها بتوحيد مواقفها

دعوات للتضامن مع تظاهرات السودان ووقف التضييق على الإعلام في مصر.
الاثنين 2018/12/31
تحسين الأوضاع المعيشية هو ما يشغل المصريين

القاهرة - لجأ عدد من الشخصيات السياسية المعارضة في مصر إلى استخدام خطط جديدة، كمحاولة للخروج من مأزق الغياب عن المشهد العام، عبر توحيد المواقف بشأن بعض القضايا الملحة، لسد الفراغ السياسي في الشارع، واستغلال الحراك الشعبي الذي يشهده السودان.

وأصدر سياسيون وشخصيات عامة بيانين الثلاثاء والأربعاء الماضيين، للتعبير عن وجهة نظرهم بشأن تظاهرات السودان والتأكيد على دعمها في مواجهة العنف المفرط من قبل نظام الرئيس عمر البشير، الذي يحظى بمساندة واضحة من قبل الحكومة المصرية.

وتكرر الأمر عبر إرسال مذكرة جماعية إلى المجلس الأعلى للإعلام طالبته بالتراجع عن لائحة الجزاءات المفروضة على وسائل الإعلام، والمقرر إقرارها خلال الفترة المقبلة، واعتبروها “الحلقة الأخيرة في مسلسل يستهدف مصادرة حرية الرأي والتعبير وكل مساحة متاحة للكلام”.

واستغلت قيادات المعارضة تنظيم نقابة الصحافيين فعالية ثقافية لدعم المقاومة الفلسطينية، الأربعاء، للتواجد والظهور الإعلامي، على رأسهم حمدين صباحي، وكمال أبوعيطة، وعبدالعزيز الحسيني، وغالبية أعضاء تكتل 25-30 المعارض في البرلمان، وعدد من أعضاء الأحزاب الناصرية وتيار الكرامة (المعارض)، وهي الفعالية التي حضرها نحو 400 مواطن؛ سعة القاعة التي شهدت المؤتمر.

يشبه البعض من المراقبين هذه التحركات بأخرى أقدمت عليها المعارضة في العام 2004 قبل خروج حركة “كفاية” التي عارضت بجرأة استمرار حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك. وقتها أصدر حوالي 300 سياسي معارض بيانات متتالية، بدأت برفض التعديلات الوزارية التي جرت في هذا التوقيت وانتهت بإصدار وثيقة مجمعة تطالب بتغيير سياسي وإنهاء الظلم الاقتصادي والفساد، وأعقبها التدشين الرسمي للحركة في ديسمبر من العام ذاته.

تكرر الأمر قبل إعلان عدد من الشخصيات المعارضة في العام 2010 تأسيس “الهيئة الوطنية للتغيير”، وكانت مقدمة لتحالف جميع القوى السياسية مع جماعة الإخوان لإيقاف “مخطط التوريث” الذي قيل إن الرئيس مبارك كان يعده لابنه جمال.

عبدالعزيز الحسيني: يصعب تحويل مواقف المعارضة المصرية إلى فعل جماهيري
عبدالعزيز الحسيني: يصعب تحويل مواقف المعارضة المصرية إلى فعل جماهيري

واستطاعت أن تصدر بيانا يطالب بعنوان “معا سنغير”، ونجحت في الحصول على مليون توقيع بمساعدة انتشار عناصر تنظيم الإخوان في المحافظات المختلفة في ذلك الحين.

وقال يحيى حسين عبدالهادي، عضو الحركة المدنية الديمقراطية (معارضة للحكومة الحالية وتضم 8 أحزاب وعددا من الشخصيات العامة)، إن البيانين الجديدين يهدفان إلى إثبات وجود المعارضة المصرية في ظل التضييق على تحركاتها.

ويشعر قطاع عريض من المواطنين بأن المعارضة المصرية تعيش حالة “موت سريري”، وهو ما يرد عليه عبدالهادي بالقول لـ“العرب”، “إنها حالة سياسية عامة داخل البلاد، والبيانات الأخيرة تنبثق بشكل أساسي من أكبر تكتل معارض (الحركة المدنية) وتمتد لتصل إلى العديد من الشخصيات التي تتوافق معها”.

وأوضح أن قدرة هذه المواقف المجمعة تكمن في الوصول إلى شريحة كبيرة من المواطنين والتأثير عليهم لاتخاذ قرارات فاعلة على أرض الواقع، لأنها من تحدد مستقبل إمكانية تحول هذه الأفكار إلى كيان معارض قوي، وهو أمر يرتبط أيضا باستراتيجية الحكومة في التعامل مع المعارضة، حال سماحها بالتعبير عن حرية الرأي ومنحها الأمان للمشاركة السياسية.

ولا تجد مواقف المعارضة حتى الآن المزاج الشعبي المتقبل لها، كي يتماشى مع رغبتها في تحريك الشارع، في ظل استمرار رهان المواطنين على الاستقرار الاقتصادي من خلال المشروعات التي يتبناها الرئيس عبدالفتاح السيسي.

وتفتقر المعارضة إلى امتلاك الأدوات اللازمة لتحويل أفكارها إلى خطوات فاعلة في الشارع، وما يبرهن على ذلك مرور موجة الاحتجاجات التي يشهدها السودان مثلا من دون تأثير على المستوى الداخلي المصري.

ويذهب البعض من المتابعين إلى التأكيد على أن ضعف ثقل الشخصيات المتصدرة للمعارضة داخل المجتمع المصري وعدم تمتعها بشعبية كبيرة يعدان سببين رئيسيين في عدم انتقالها من مرحلة المواقف النظرية إلى الحركية، تعود هذه المسألة إلى أن غالبيتها أخذت فرصتها في التواجد على الساحة السياسية بقوة بعد ثورة يناير 2011، لكن لم تستطع التقدم بمشروع بديل للإخوان، يمّكن للمصريين الاقتناع به، كما أن الخلافات التي نخرت في جسدها، عقب ثورة 30 يونيو 2013 وتفرق السبل رسخا صورة ذهنية عن المعارضة تقول إنها تبحث عن مصالحها الشخصية فقط.

وهو ما دفع عبدالعزيز الحسيني، القيادي بالتيار الديمقراطي (معارض) إلى التأكيد على “أن الأهداف التي كانت تسعى إليها المعارضة حينما واجهت نظام مبارك بالبيانات المجمعة انتهت بتشكيل كيانات معارضة تختلف عن الوقت الحالي، لأنها سعت وقتها إلى إقصائه من السلطة والوصول إليها، أما حاليا فالهدف محدود ويكمن في استعادة الثقة بين المعارضة والمواطنين والتعبير عن بعض المواقف والأفكار التي تشغل بالهم”.

وأقر في تصريحات لـ“العرب” بصعوبة تحويل المواقف إلى فعل جماهيري في الشارع، في ظل ضعف الاستجابة الشعبية لمواقف ونداءات المعارضة خلال السنوات الماضية، وبالتالي فإن البديل سيكون الفترة المقبلة من خلال تنظيم وحضور عدد من الفعاليات الثقافية والسياسية التي قد تجذب البعض للاستماع إلى وجهة نظرها.

وأكد حسن سلامة، أستاذ العلوم السياسية، أن المعارضة الضعيفة تسعى لاستغلال كل حدث للتواجد وتصدير تضييق الحكومة عليها كسبب للحالة التي وصلت إليها، دون أن تفكر في إعادة صياغة رؤيتها للأوضاع الحالية.

وأضاف سلامة لـ“العرب” أن “استغلال بعض الأحداث العربية (احتجاجات السودان مثلا) وليست المحلية للتعبير عن ذاتها يبرهن على أنها ما زالت تقدم مصالحها الشخصية في وقت تعاني البلاد فيه من أزمات اقتصادية ومجتمعية تتطلب طرح حلول مختلفة”.

6