المشي أكثر الرياضات سلامة للمقلعين عن التدخين حديثا

دراسة تنصح بممارسة الرياضة بعد الإقلاع عن التدخين والبدء بالمشي بدلا من الركض أو الهرولة لأن المشي أسهل على القلب والرئة والمفاصل أيضا.
الأحد 2019/04/14
استئناف الرياضة بعد التوقف عن التدخين يقي من زيادة الوزن

يشرع الكثيرون في ممارسة التمارين الرياضية مباشرة بعد الإقلاع عن التدخين، خوفا من زيادة أوزانهم المرتبطة بعودة الشهية والتخلص من النيكوتين. لكن لا يدرك أغلبهم أن في ذلك خطرا عليهم وتحميلا أكبر على أجسامهم وعضلاتهم التي ظلت تشكو طوال فترة التدخين من سموم السجائر وقلة الأوكسجين.

مونتريال - أن يأخذ الفرد قرارا بالتوقف عن التدخين ليست سوى خطوة أولى لاستعادة لياقته، فالجسد في حاجة إلى برنامج متكامل إعادة تأهيل تكون الرياضة والنظام الغذائي الصحي أهم ركائزه.

يشدد مدربو اللياقة وأخصائيو الأمراض الصدرية على أن ممارسة الرياضة بعد التوقف عن التدخين ينبغي أن تكون بشكل تدريجي وأن يتم فيها اختيار رياضات بعينها تتوافق مع الحالة الصحية للجهاز التنفسي والقلب اللذين أنهكهما دخان السجائر. وقد بين تقرير نشر في موقع “كانالفي” الكندي أن الرئتين يحملان عبء التدخين لسنوات طويلة حتى بعد التوقف عنه. وينصح كاتب التقرير، جيمي سفيني، بضرورة استشارة الطبيب عند الرغبة في ممارسة المدخنين السابقين للتمارين الرياضية.

كما يوصي البروفيسور الألماني، ديتر كولر، الأشخاص الذين أقلعوا عن التدخين بممارسة الرياضة واتباع نظام غذائي سليم، لتفادي حدوث زيادة في الوزن. فرغم الفوائد الإيجابية العديدة للإقلاع عن التدخين، تظل زيادة الوزن التي تتبع التوقف عن السجائر، مثيرة للقلق لدى البعض وخاصة النساء. ويفسر الأطباء هذه المسألة بأن النيكوتين الموجود في السجائر يقلل الشهية للطعام وبالتالي فغيابه يفتح الشهية بشكل واضح، كما أن المدخن يحاول تعويض غياب السجائر بتناول الحلوى والسكريات وهو أمر يزيد احتمالية زيادة الوزن.

ونقلا عن موقع “غيسوندهايت” الألماني المتخصص في الأخبار الصحية، أوضح البروفيسور كولر -وهو عضو في الجمعية الألمانية لأمراض الرئة وطب الجهاز التنفسي بالعاصمة برلين- أن سبب زيادة الوزن التي تعقب عملية الإقلاع عن التدخين، يرجع إلى حدوث خلل في تركيبة الأحياء الدقيقة المعوية -والتي تلعب دورا هاما في عملية الأيض- بفعل أعراض الانسحاب (الأعراض التي تظهر على الشخص نتيجة إقلاعه عن التدخين مثل العصبية والصداع). وأشار إلى أن هذا الخلل يتمثل في زيادة أعداد السلالات البكتيرية التي عادة ما توجد بكثرة في أمعاء البدناء.

ونتيجة للمجهود البدني المبذول أثناء ممارسة الرياضة، يفرز الجسم هرمون الإندورفين الذي يعمل على الحد من آثار أعراض الانسحاب. كما أن زيادة النشاط البدني تعمل على إيقاف تدهور الكفاءة الوظيفية للرئة، والحيلولة دون الإصابة بأمراض الرئة كالسرطان.

وذكرت إحدى الدراسات أن التدخين يمنع وصول الأوكسجين إلى العضلات بشكل ملائم، إلا أنه خلال فترة تمتد من 3 إلى 5 أيام من الإقلاع عن التدخين، تعود قدرة خلايا الدم على حمل الأوكسجين نحو القلب والعضلات إلى المعدل الطبيعي. وتنصح الدراسة كلّ من يبدأ في ممارسة الرياضة بعد الإقلاع عن التدخين بالبدء بالمشي بدلا من الركض أو الهرولة لأن المشي أسهل على القلب والرئة والمفاصل أيضا.

ثم يمكن بعد ذلك الانتقال إلى الهرولة بعد عدة أسابيع من المشي حيث يكون الجسم قد استعاد بعض لياقته. ويمكن المشي لمدة عشر دقائق ثم الهرولة لمدة 60 ثانية ثم المشي لمدة دقيقتين. وبالتدريج ستعود قدرة الجسم على التنفس وعدم اللهاث، رغم التمرين والمجهود.

وأظهرت دراسة بريطانية سابقة أن ممارسة النشاط البدني لمدة ساعتين يوميا تساعد أيضا على استمرار الأشخاص في الإقلاع عن التدخين. وأوضح الباحثون أن نتائج الدراسة تعزز البحوث التي أجريت من قبل، لتوضيح أهمية الرياضة في الحد من الرغبة في العودة إلى التدخين بعد الإقلاع عنه.

وكان الباحثون قد تابعوا مجموعتين من الفئران التي تعاني من إدمان النيكوتين، الأولى مارست أنشطة بدنية مكثفة لمدة ساعتين يوميا، فيما لم تمارس المجموعة الثانية أي أنشطة رياضية. وقاموا بتقييم أعراض إقلاع الفئران عن التدخين، كما تم تحليل تتبع أعراض انسحاب النيكوتين على الدماغ.

وعادة ما يتم الإبلاغ عن أعراض انسحاب النيكوتين من الجسم مثل التهيج وصعوبة النوم، أو حتى الإصابة بالاكتئاب لدى بعض الأشخاص الذين يعانون من إدمان التبغ.

ممارسة التمارين الرياضية كإجراء وقائي عند الإقلاع عن التدخين تخفف من شدة أعراض انسحاب النيكوتين

ووجد الباحثون أن المجموعة التي مارست الرياضة لمدة ساعتين يوميا، انخفضت لديها شدة أعراض انسحاب النيكوتين من الجسم مقارنة بالمجموعة الثانية.

وقال الباحث أليكسيس بايلي قائد فريق الدراسة، “إن الآليات الدقيقة المسؤولة عن هذا الأثر لا تزال غير معروفة إلى حد كبير”. وأضاف أن “هذه النتائج تدعم ممارسة التمارين الرياضية كإجراء وقائي عند الإقلاع عن التدخين؛ للتخفيف من شدة أعراض انسحاب النيكوتين من الجسم”.

وأشار إلى أن هذه هي المرة الأولى التي يظهر فيها هذا التأثير العميق لممارسة الرياضة على الحيوانات المدمنة على النيكوتين.

وبينت البحوث أن للتدخين وممارسة رياضة الركض معا في نفس الوقت أضرارا وخيمة على الرئتين والقلب وحتى العضلات. ففي سنة 2002 أكدت اللجنة الفرنسية للتربية الصحية على عدة نقاط:

* يعمل غاز أحادي الكربون وهو الغاز المستنشق خلال التدخين، على الخفض الحاد للأوكسجين في جسم المدخن.

* يعمل النيكوتين على الرفع من دقات القلب والضغط الدموي، حتى في فترة الراحة التامة، مما يجعل القلب يستهلك كميات كبيرة من الأوكسجين.

* يزداد خطر احتقان عضلة القلب عند الرياضيين الذين يتجاوز سنهم 40 سنة، خصوصا عند بذل مجهودات كبيرة.

* أما بالنسبة إلى العضلات، فهي كالقلب والرئة، تحتاج إلى الأوكسجين لتعمل بشكل سليم، وبما أن التبغ يقلص نسبة الأوكسجين في الجسم فالنسيج العضلي يتعرض بذلك لضرر كبير.

* النيكوتين يرفع من إنتاج حمض اللاكتيك في الجسم، وهو حمض ينتج في الأصل عن تحلل مادة السكر في الدم.

وفي تقرير لصحيفة ديلي ميل البريطانية، توصلت دراسة أخرى إلى أن قلب المدخن يحتاج إلى 15 سنة ليتعافى بشكل نهائي بعد الإقلاع عن التدخين.

وتشير مجموعة من البحوث العلمية إلى أن خطر إصابة المدخنين السابقين بسكتة دماغية، يستقر في غضون 5 سنوات، ولكن الدراسة الجديدة تظهر أن الأمر قد يستغرق 3 أضعاف الوقت المحدد.

وبعد تحليل بيانات 8700 شخص على مدى 50 عاما، وجد باحثو جامعة “فانديربيلت” الأميركية أن قلوب المدخنين تتطلب أكثر من عقد من الزمن لتتخلص من الأضرار المهددة للحياة، بما في ذلك النيكوتين والتبغ وعدد لا يحصى من المواد الكيميائية الأخرى الموجودة في السجائر.

وفي الوقت ذاته، أوضحت المعدّة الرئيسية للدراسة، ميريديث دونكان، وهي طالبة دكتوراه في المركز الطبي بالجامعة، أن القلب والأوعية الدموية هما الأسرع في التعافي من أضرار التدخين، أما الرئتان فقصة أخرى تماما.

وأرادت دونكان وفريقها في ناشفيل، بولاية تينيسي الأميركية، استكشاف المدة التي يحتاجها الجسم بعد الإقلاع عن التدخين، لإظهار تأثيرات صحية حقيقية.

وللتحقق من ذلك، جمع الفريق بيانات حللتها دراسة أجراها مركز “فرامينغهام هارت”، بدأت عام 1948 واستمرت حتى عام 1975، حيث شملت جيلين من الناس (نصفهم تقريبا من المدخنين).

وصنف فريق البحث “المدخنين الشرهين” على أنهم الأشخاص الذين يدخنون ما يعادل علبة سجائر واحدة في اليوم على مدى 20 عاما. وعانى المدخنون الشرهون من خطر الإصابة بنوبات قلبية بنسبة 70 بالمئة، وبعد 5 سنوات، انخفضت المخاطر بنسبة 38 بالمئة بعد الإقلاع عن التدخين.

ولكن الأمر استغرق 16 عاما تقريبا بعد الإقلاع عن التدخين، لعودة مستوى خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية إلى المعدل الطبيعي.

وفي الواقع، تبين أن الأوعية الدموية هي المستفيد الأول من فوائد الإقلاع عن التدخين، فبعد 20 دقيقة فقط من توقف المدخن عن التدخين، ينخفض معدل دقات القلب ويعود ضغط الدم إلى المستوى الطبيعي.

وبعد 12 ساعة، تستقر مستويات أول أكسيد الكربون في الدم، في حين ينخفض خطر الإصابة بنوبة قلبية بعد حوالي أسبوع، لأن القلب والأوعية الدموية “يتخلصان نسبيا من المواد الكيميائية الموجودة في دخان السجائر، التي تجعل الصفائح أكثر لزوجة، وتسبب تجلط الدم”.

وتضيف دونكان “حتى بالنسبة إلى المدخنين الشرهين، لا يمكن المبالغة في تقدير فوائد الإقلاع عن التدخين”.

18