المرشح الرئاسي مهدي جمعة يخشى نفور الناخبين

المرشح الرئاسي عن حزب البديل مهدي جمعة يرى أن التوترات الموجودة بين أفراد العائلة السياسية التونسية، وبين المرشحين أنفسهم، تعد عاملا إضافيا من عوامل نفور التونسيين من العملية الانتخابية.
السبت 2019/09/14
جمعة يُبدي قلقه إزاء التشتت الحاصل داخل الأحزاب الوسطية الحداثية

 تونس – حذّر رئيس الحكومة التونسية السابق مهدي جمعة، أحد المرشحين الـ26 للانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها الأحد، من نفور الناخبين، مستعرضا في لقاء مع “العرب” جملة من المؤشرات التي تعبر عن هذا الهاجس.

يأتي في مقدمة هذه المؤشرات مناخ الحملات الانتخابية الذي كان بعيدا عن الصورة التي لا تشبه المناخ الذي شهدته انتخابات سنة 2014.

ويقول المرشح الرئاسي عن حزب البديل، إن التوترات الموجودة بين أفراد العائلة السياسية التونسية، وداخل الإدارة نفسها، وبين المرشحين أنفسهم، تعد عاملا إضافيا من عوامل نفور التونسيين من العملية الانتخابية.

وكشف جمعة أنه لم يتم اتخاذ أي إجراء بارز من شأنه تسهيل عمل الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لضمان سير العملية الانتخابية بهدوء وبروح التنافس النزيه والشفّاف.

ويبدي جمعة قلقه إزاء التشتت الحاصل داخل الأحزاب الوسطية الحداثية، مستدركا “يبقى هذا أمرا طبيعيا بعد عقود من الدكتاتورية والاستبداد”. ويعتبر أن المشهد السياسي الناشئ يستغرق فترة ليستقر دون الحاجة إلى أكثر من ثلاث تشكيلات وطنية كبيرة.

وتوقع المرشح الرئاسي أن يجد مساندة من المرشحين الآخرين المنتمين إلى اتجاهه السياسي نفسه وأولئك الذين يتبنون الأيديولوجيا نفسها التي أعلن عنها، في صورة تجاوزه الدور الأول. وأشار إلى أن هدفه متمثل في كسر عادات المساومة التي ترمي إلى توزيع المقاعد والانتقال نحو التوافق على منصة برامج مشتركة تفصّل الإصلاحات على المدى القصير والمتوسط ​​والطويل.

ولفت إلى أنه قبل الوصول إلى هذه المرحلة يتوجّب وضع اللمسات الأخيرة على الهيئات الدستورية داخل الجمهورية الثانية والقانون الانتخابي للسماح بأغلبية مستقرة في المجلس.

ورغم أن الدستور لا يمنح الرئيس صلاحيات تخص الشأن الاقتصادي فإن فوز مرشح يمتلك مروحة علاقات خارجية واسعة يمكن أن يساهم في جلب الاستثمار وتسهيل منح القروض.

وفي هذا الإطار شدّد جمعة على أن القلق الأكبر يكمن في تحمل تونس لعدد مهم من الأزمات الاقتصادية والاجتماعية التي تفاقمت بعد الثورة التي اندلعت سنة 2011، إذ يزيد ذلك من ضرورة التوصل إلى حلول ملموسة لتحسين حياة المواطنين.

ويعتبر جمعة أنه يمتلك بعض الخبرة والعلاقات مع عدد من الأطراف الدولية التي ستنفع البلاد، حيث يمكن أن تساعد هذه الخبرة التي اكتسبها على المستوى الدولي في جذب المستثمرين المناسبين، وتسمح بالتفاوض على ظروف أفضل تسهّل سفر التونسيين إلى الخارج وبقاءهم في البلدان التي تحتضنهم. كما تسمح بالتفاوض مع المنظمات الدولية الكبرى مثل صندوق النقد الدولي والبنك الدولي.

وأبدى جمعة حرصا على تعزيز العلاقات مع أوروبا رغم أنه يرى أنها لم تستثمر “كما يجب في الديمقراطية التونسية حتى يشعر الناس بمكاسب ثورتهم بسرعة. وهذا ما نعتزم تصحيحه”. ويبني جمعة سياسته الخارجية على تكريس الروابط مع الشركاء التقليديين وفي مقدمتهم دول الجوار، وخاصة الجزائر وليبيا.

وبخصوص ليبيا، يقول مرشح حزب البديل إنه سيبذل قصارى جهده للمساهمة في التوصل إلى حل سياسي سلمي في الدولة الجارة باعتبار أن السلام هناك ليس في مصلحة الشعب الليبي فحسب وإنما يخدم أيضا مصلحة الشعب التونسي، متعهدا بأنه سيوظف كل الثقل الدبلوماسي لتونس لتحقيق هذا الهدف، مستفيدا من سمعة تونس وحرصها على نشر السلام من حولها وفي العالم، خاصة بعد أن تحصلت على جائزة نوبل للسلام. وهي بالتالي الأرض التي يجب أن تضم جميع محادثات السلام الإقليمية.

إلى جانب تمتين العلاقة مع الاتحاد الأوروبي ودول الجوار يحرص جمعة على تنويع الشركاء بالاتجاه شرقا صوب تعزيز الروابط مع دول الخليج العربي، ما يجعل من تونس “أرضا تستثمر فيها دول الخليج مرة أخرى حيث يبحث الجميع هناك عن طريقة تمكنهم من تنويع نماذجهم الاقتصادية خارج موارد الطاقة الأحفورية والنفط”.

الرؤية المستقبلية التي يتبناها مهدي جمعة لتونس ترتكز على تجديد نموذج التعليم الوطني
الرؤية المستقبلية التي يتبناها مهدي جمعة لتونس ترتكز على تجديد نموذج التعليم الوطني

وفي ما يتعلق بالملف الأمني، وتحديدا محاربة الإرهاب، أشاد جمعة بشجاعة قوات الأمن التونسي التي دفعت دماء أفرادها ثمنا باهظا خلال الصراع ضد الجماعات الإرهابية، وكذلك بالمواطنين العاديين “الذين تمكنوا من الوقوف أمام عدد من المحاولات الرامية إلى إنجاح تسلل الإرهاب إلى مدننا” مثلما وقع في مدينة بن قردان في يناير 2016، معتبرا أن تونس أثبتت أنها لا ترحب بالإرهاب على أراضيها.

هذا في الوقت الذي أوضح فيه أن القوات الأمنية تحتاج إلى أن تكون مجهزة بوسائل تكنولوجية أفضل لتحسين سيطرتها على هذه الظاهرة.

وأقر جمعة بأن الرؤية المستقبلية التي يتبناها لتونس، ترتكز على تجديد نموذج التعليم الوطني على أساس يعترف بأهمية الثورة الرقمية كمفتاح للمستقبل. وقال “نريد إصلاح نظام التعليم الوطني أكثر لجعله مناسبا لتطورات القرن الحادي والعشرين، ومتوافقا مع معايير المواطنة والتحديات الكبرى التي تلوح في الأفق مثل البيئة والصحة والزراعة والثقافة”.

ويرى جمعة أن هذه التطورات الجديدة تصنع كل “تونسي الغد”. “بالإضافة إلى ذلك، ولأن الشباب التونسيين مطلعون على الإعلامية، نعتزم فتح هذا القطاع عبر كسر جميع العقبات التي لا تسمح للآلاف من الشباب بالاستفادة منها اليوم”.

6