المحروقات أزمة جديدة تضاف إلى أزمات حماس

قريبا تجد حكومة غزة نفسها أمام وضع لا تحسد عليه فالأحوال المعيشية لمواطني غزة في الأصل متدهورة والارتفاع العالمي لأسعار المواد الغذائية لن يمر مرور الكرام على القطاع.
السبت 2022/03/26
على حماس أن تسابق الزمن لإيجاد الحلول

سكان قطاع غزة كتب عليهم الخروج من أزمة ليسقطوا في أزمة أخرى، منها المفتعلة، ومنها التي تحدث بسبب سوء التسيير. والحرب الأخيرة التي دخلتها حماس ضد الاحتلال أتت على ما تبقى من وضع هو سيء في الأصل، وكانت نتائجها وبالا على الغزيين. ولكن وإحقاقا للحق، لا تتحمل حماس بمفردها ما آل إليه الوضع من سوء، بل للاحتلال دور كبير في ذلك، جراء السياسات الاقتصادية التي تشدد الخناق على غزة، ليضيع المواطن بين السياسات العدوانية للاحتلال وقصر نظر الإدارة والحكومة التي ترعاها حماس.

لن نتكلم عن جاهزية الحكومة في تنظيم الأسواق ورفع الضيم عن المواطن خلال شهر رمضان، لأن الحكومة لم تخطط، ولا تملك أصلا الموارد الكافية لتقديم الدعم أو التخطيط لذلك. وما يزيد الأزمة سوءا، أن السلطات المصرية كانت قد أبلغت المسؤولين في الجانب الفلسطيني على معبر رفح التجاري أواخر الشهر الماضي بقرارها رفع أسعار المحروقات التي تدخل قطاع غزة من مصر بكافة مشتقاتها بنسبة تتراوح بين 10 و15 في المئة، وذلك اعتبارا من شهر مارس في ظل ارتفاع الأسعار العالمية.

سيخرج سكان القطاع من شهر الصيام وقد أرهقهم غلاء أسعار المواد الغذائية، ليجدوا أنفسهم في مواجهة ارتفاع أسعار أسطوانة الغاز مجددا. ولا ننسى أن الأسعار عرفت زيادة أيضا منذ ستة أشهر، وأثارت جدلا عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أجبر حينها وزارة المالية على التدخل والإفصاح لأول مرة عن فاتورة غاز الطهي. كما كشفت على لسان رئيس مكتب الإعلام الحكومي سلامة معروف أنها تدفع فرق الزيادة حتى لا ترفع السعر على المواطن.

ولكن ومع الأزمة الخانقة الحاصلة وشح الموارد التي تصل من قطر لن يكون هناك مجال لتحمل فرق الكلفة مهما حاولت وزارة المالية الاجتهاد، وستجد الحكومة نفسها عاجزة عن التصرف أمام أزمات متعددة منها ازدياد معدلات البطالة والفقر وشح موارد الأونروا، التي ستجبرها على التقليص من حجم الدعم. إضافة إلى زيادة الاحتقان الشعبي جراء سياسة التضييق على تجار العربات، التي ستضاف إليها أزمة سعر الغاز، خاصة وأن غزة تستورد أكثر من 70 في المئة من احتياجاتها من السولار والبنزين ونحو 80 في المئة من حاجتها من غاز الطهي من مصر.

إلى حد الساعة بقيت أسعار المحروقات والغاز لشهر مارس على نفس المستوى الذي كانت عليه الشهر الماضي، ولكن ومع طول أمد الحرب في أوكرانيا، وعدم وجود أي احتمال لتراجع الأسعار العالمية على المدى القصير، لن تستطيع وزارة المالية امتصاص هذا الارتفاع وتثبيت الأسعار لفترة طويلة، ولن تكون هناك أي وفرة مالية لدعم أسعار المحروقات التي تدخل إلى القطاع بسعر دولي. هذا كله سيؤدي إلى ارتفاع في كلفة المعيشة مجددا، لأن أسعار السلع مرتبطة بسعر الوقود، حتى وإن كانت الحاجة إلى الغاز في فصل الصيف منخفضة، إلا أن الحاجة إلى الوقود ستبقى على نفس الوتيرة.

ستجد حكومة غزة نفسها أمام وضع لا تحسد عليه، فالأحوال المعيشية لمواطني غزة في الأصل متدهورة، والارتفاع العالمي لأسعار المواد الغذائية لن يمر مرور الكرام على القطاع، والمنحة القطرية المحدودة، التي لم تتم مراجعتها لتتماشى مع تراجع القدرة الشرائية وغلاء معظم الأسعار، بالكاد تغطي ضروريات أسبوع واحد. هذا كله سيولد غضبا يزداد مع تدهور الأوضاع وغياب الحلول وتأخر الوعود التي أطلقتها حماس بعد الحرب الأخيرة.

نصيحتي لحماس أن تفكر في الأيام والأشهر القادمة التي ستحمل، حتما، انفجارا شعبيا ضخما ضدها، في ضبط عقارب سياستها الاقتصادية مع المتغيرات التي تهدد الأمن الغذائي وترفع تكاليف المعيشة على المستوى العالمي، فما بالك بقطاع محاصر نفد صبر شعبه من الانتظار والوعود الفارغة.

على حماس أن تسابق الزمن لإيجاد حلول تمنع ارتفاع أسعار الوقود والغاز الذي سيزيد من غلاء المعيشة ضعفين على الأقل.

9