المحترفون المصريون في أوروبا.. نجاحات قليلة وإخفاقات كبيرة

تعد تجارب اللاعبين المصريين مع الاحتراف الأوروبي متباينة، حيث حقق بعضهم نجاحا مقبولا وتنقل بين عدة أندية أوروبية، بينما أخفق أغلبهم في الاستمرار وعاد سريعا إلى الدوري المحلي. لكن بين هؤلاء وأولئك يظل محمد صلاح لاعب تشيلسي الإنكليزي المعار إلى فيورنتينا الإيطالي واحدا من أهم المحترفين المصريين عبر التاريخ، لما يحققه من نجاحات مستمرة جعلته محط أنظار الأندية الأوروبية. ونقلت الصحف الإيطالية تفاصيل الاجتماع الذي دار ظهر الخميس بين المدير الرياضي لنادي فيورنتينا أندريا روج ووكيل المصري محمد صلاح مهاجم الفيولا لبحث إمكانية تمديد إعارة اللاعب من نادي تشيلسي الإنكليزي لمدة موسم جديد.
وأشارت صحيفتا “توتو ميركاتو ويب” و”كالشيو ميركاتو” إلى أن المهاجم المصري أبدى موافقة مبدئية على البقاء في صفوف فيورنتينا، ولكنه اشترط زيادة راتبه، حيث يتقاضى حاليا مبلغا يتراوح بين 2 و2.2 مليون يورو في الموسم، بينما طلب صلاح زيادة الراتب السنوي إلى 3 مليون يورو. وأضافتا أن مسؤول فيورنتينا تم إبلاغه خلال هذا الاجتماع، بأن محمد صلاح تلقى عروضا أخرى مغرية من ناديي إنتر ميلان ويوفنتوس تبلغ قيمتها 2.7 مليون يورو في الموسم، حيث عرض نادي إنتر على المهاجم المصري 2.5 مليون يورو إضافة إلى الحوافز.
وأشارت الصحيفتان إلى أن إدارة النادي الإيطالي تجهز لعقد جلسة أخرى من المفاوضات مع المهاجم المصري أو وكيله خلال الأيام القليلة القادمة قبل نهاية الشهر الجاري. وكان محمد صلاح تألق بقميص فيورنتينا منذ انتقاله معارا من تشيلسي في يناير الماضي، حيث سجل 9 أهداف في 26 مباراة ببطولات الدوري والكأس والدوري الأوروبي “يوروبا ليغ”.
بصمة مضيئة
ولم يكن صلاح صاحب البصمة الوحيدة المضيئة، بل نجح عدد آخر من مواطنيه في إثبات الذات في تجربة الاحتراف، وعلى رأسهم أحمد المحمدي المحترف في صفوف هال سيتي الإنكليزي، والذي استطاع أن ينتزع لنفسه مكانا في التشكيلة الأساسية للفريق، وفي سويسرا يتألق محمد النني مع ناديه بازل، وتمكن من حصد لقب بطولة الدوري الممتاز هذا الموسم.
قائمة الفاشلين في الاحتراف، تضم أيضا عماد متعب لاعب الأهلي الذي تهافتت عليه الجماهير في الدوري المحلي، حيث فشل بجدارة مع فريق ستاندرليغ البلجيكي، ليقرر العودة إلى مصر بعد ستة أشهر فقط من احترافه
وتمتلك مصر عددا من المحترفين في البطولات الأوروبية، أبرزهم آدم العبد في صفوف بريستول سيتي السويسري، وأحمد حمودي في بازل السويسري، وعبدالله ياسين (بولونيا الألماني)، ورامي ربيعة في صفوف (سبورتنغ لشبونة البرتغالي)، وعلي غزال (ناسيونال ماديرا البرتغالي)، وغيرهم الذين لا يتناسب عددهم مع العدد الإجمالي للاعبي كرة القدم في مصر الذي يتجاوز الـ20 ألف لاعب مقيدين في اتحاد الكرة المحلي في مختلف الدرجات والمراحل السنية.
قبل محمد صلاح كان اللاعب المعتزل أحمد حسن آخر من خاض تجربة احتراف ناجحة بدأت عقب كأس الأمم الأفريقية التي حصل منتخب مصر على لقبها عام 1998، بدأها بنادي كوغالي سبور التركي قبل أن ينتقل إلى عدة أندية أخرى منها بيشكتاش التركي وإندرلخت البلجيكي. بين حسن وصلاح هناك الكثيرون كتب عليهم الفشل، إما لعدم الالتزام أو التمرد أو عدم تحمل الغربة، فتألق لاعبين كبار مع فرقهم في الدوري المصري، لا يعني نجاحهم في الاحتراف، إذ أن هناك عدة أسباب تؤدي إلى عودتهم دون ترك بصمة حقيقية.
ويرجع المعلق الرياضي محمود بكر السبب في ذلك، إلى أن اللاعب المصري إذا ما غادر بلاده يفتقد الجماهيرية ولا يشعر أنه لاعب مشهور يشار إليه بالبنان في الشوارع، وهو ما يعشقه اللاعب المصري ولا يجده في الدول الأوروبية، ما يدفعه إلى ترك تجربة الاحتراف والعودة للعب في واحد من الأندية المصرية الجماهيرية.
كانت أزمة اللاعب الشاب محمود عبدالمنعم الشهير بـ(كهربا) مع نادي غراسهوبرز السويسري، والذي انتقل إليه على سبيل الإعارة الموسم الماضي، آخر مسلسلات فشل اللاعبين المصريين في الاحتراف، بعد أن أعلن النادي السويسري فسخ تعاقده مع اللاعب بعد فترة قصيرة لسوء سلوكه، وتصرفه بشكل غير لائق مع المدير الفني للفريق.
|
افتقاد اللاعبين المصريين للتوجيه والنصائح قبل خوض تجربة الاحتراف سبب مهم لفشل معظمهم، حيث يتعامل بعضهم على أنه نجم كبير لا يمكن الاستغناء عنه، في حين أن المعايير الأوروبية لا تعترف إلا بالالتزام داخل وخارج الملعب.
وتقول الدكتورة صافيناز عبدالسلام، أستاذة الطب النفسي بجامعة عين شمس، لـ”العرب”، إن بعض اللاعبين لديهم القدرة على تحويل لحظات الفشل أو الاكتئاب إلى نجاح، وهو ما فعله محمد صلاح بعد أن عانى من اضطهاد مدربه في تشيلسي، وتمكن من تحقيق ذاته مع نادي فيورنتينا.
وأضافت عبدالسلام، أن الغربة أحد أسباب فشل اللاعبين المصريين في الاحتراف، حيث أن الوحدة والعزلة ونظام التدريب الصارم، يؤدي باللاعب إلى الاكتئاب، لذلك لابد من توجيه اللاعبين قبل السفر، خاصة في الدول الأوروبية، كما أن اختلاف اللغة يشعر اللاعب بالعجز وعدم القدرة على التواصل مع الآخرين.
ويعد لاعب الزمالك الموهوب شيكابالا المحترف –اسما- في صفوف سبورتنغ لشبونة البرتغالي، أحد أشهر الفاشلين في تجربة الاحتراف، حيث لم يقنع مدربه أو أي فرد من الجهاز الفني لأنه لم يلتزم بمواعيد التدريبات، إضافة إلى ادعائه الإصابة للتغيب عنها، فأصبح في نظر الجهاز الفني لاعبا متمردا رغم صفقته التي وصلت إلى 7 ملايين دولار.
صلاح لم يكن صاحب البصمة الوحيدة المضيئة، بل نجح عدد آخر من مواطنيه في إثبات الذات في تجربة الاحتراف، وعلى رأسهم أحمد المحمدي المحترف في صفوف هال سيتي الإنكليزي
تضم أيضا قائمة الفاشلين في الاحتراف، عماد متعب لاعب الأهلي الذي تهافتت عليه الجماهير في الدوري المحلي، حيث فشل بجدارة مع فريق ستاندرليغ البلجيكي، ليقرر العودة إلى مصر بعد ستة أشهر فقط من احترافه، دون خوض أي مباراة رسمية مع فريقه الجديد، ليتعرض بعدها لحملة شرسة من الصحف البلجيكية بسبب هروبه.
في الإطار نفسه، يأتي لاعب الزمالك السابق عمرو زكي الذي فشل في بداية احترافه في دينامو كييف الروسي، لكنه لم ييأس وخاض تجربة مع ويغان الإنكليزي كادت تكلل بالنجاح، بعد أن قدم أداء رائعا في الشهور الأولى لرحلته، لكن كغيره من اللاعبين المصريين، فشل بسبب عدم التزامه وتمرده على الأنظمة.
|
تجارب مختلفة
يعتبر أحمد حسن قائد منتخب مصر السابق، أحد أهم الأسماء المصرية المضيئة في عالم الاحتراف الخارجي، كونه آخر الناجحين في هذه التجربة، التي بدأت من نادي كوغالي سبور ثم دينيزلي سبور التركي، وفي عام 2001 انتقل إلى نادي جنتشليربيرليجي، ولعب له حتى عام 2003، ثم انتقل إلى نادي بشكتاش التركي، ولعب له حتى عام 2006، ثم انتقل للعب مع نادي أندرلخت البلجيكي، بعد فوزه مع منتخب مصر بكأس الأمم الأفريقية لكرة القدم 2006، وحصل أحمد حسن على لقب هداف الدوري البلجيكي عامين متتاليين.
كذلك كانت مشاركة مصر في مونديال 1990، فاتحة خير على لاعب النادي الأهلي السابق هاني رمزي، الذي أنضم إلى نيو شاتل السويسري، وشارك في أول موسم له في 11 مباراة فقط، وبعد موسمين من التألق، التحق ببطل الدوري الألماني آنذاك فيردر بريمن، مقابل مبلغ قياسي بالنسبة إلى لاعب أفريقي عربي، قدّر بنحو (مليون ونصف المليون دولار)، ثم رحل رمزي عن بريمن، ليلتحق بفريق كايزر سلاوترن، وشارك مع الفريق في بطولة كأس الاتحاد الأوروبي.
وقال هاني رمزي في تصريحات لـ”العرب”، إن اللغة ليست عقبة أمام اللاعب الطموح، حيث أن هناك مدارس لتعليمها في كل الدول الأوروبية، وهو ما فعلته في سويسرا ثم ألمانيا وفعله غيري من اللاعبين الذين يمتلكون الإصرار على تحقيق النجاح في مشوار الاحتراف. وأضاف أن الشهور الأولى هي أصعب فترة في الاحتراف، حيث أن كل الأمور تسير وفق نظام ومواعيد صارمة، وليس للاعب أي عمل آخر غير كرة القدم، والأهم هو الالتزام سواء في التعامل أو التدريب، ولا مجال للسهرات اليومية التي يقبل عليها بعض اللاعبين في مصر، حيث أن اللاعب مراقب داخل وخارج الملعب، وربما يكون ذلك سبب فشل البعض.
لاعب الزمالك السابق أحمد حسام ميدو بدأ رحلته الاحترافية الطويلة في سن مبكرة في نادي غينت البلجيكي، وعمره لم يتجاوز السادسة عشرة، ومنه انتقل إلى نادي أياكس أمستردام الهولندي العريق، تحت قيادة المدرب رونالد كومان، وقضى معه 3 مواسم ناجحة مهاجم أساسي بجوار السويدي زلاتان إبراهيموفيتش، انتقل بعدها إلى نادي سلتا فيغو الأسباني، على سبيل الإعارة لمدة 6 أشهر، ومنه إلى مرسيليا الفرنسي، ليشكل ثنائيا ناجحا هناك مع الإيفواري دروجبا، ثم انتقل إلى نادي روما الإيطالي.