الماء المبخر نكهة رمضانية تروي حكايات جازان

الماء المبخر يحتل مكانة مميزة على مائدة الإفطار الجازانية، إذ تحرص العائلات على تقديمه كجزء لا يتجزأ من تجربة الإفطار.
الثلاثاء 2025/03/04
لا يغيب عن مائدة الإفطار

جازان (السعودية) - في قلب منطقة جازان تتجلى تقاليد الضيافة والكرم في صورة فريدة خلال شهر رمضان، حيث يبرز شرب الماء المبخر كرمز لهذه الثقافة العريقة. وأوضح سالم ناصر أنهم قديما كانوا يحفظون الماء في جرار مصنوعة من الفخار تعمل على تبريد الماء، إضافة إلى أنها تحتفظ برائحة المستكة داخلها لفترة طويلة.

وذكر أنهم اعتادوا على تبخير الماء بالمستكة داخل الأوعية الفخارية، في ظل عدم توافر الكهرباء كما هو الوضع حاليا، لافتا إلى أنهم كانوا يجهزون الجرة بتبخيرها بالمستكة ثم تعبأ بالماء وتغطى بإحكام قبيل صلاة الفجر، ومن ثم توضع الجرة المعبأة بالماء المبخر تحت ظلال الأشجار داخل المنزل ويتم تركها طوال النهار إلى وقت الإفطار ليصبح الماء باردا ومبخرا ويعبق برائحة زكية، فميزة الأواني الفخارية أنها تسمح بنفاذ الهواء ما يجعل الماء باردا داخلها. ولا تقتصر هذه العادة على كونها تقليدًا، بل تؤرخ حكايات الأهل والأصدقاء الذين يجتمعون حول مائدة الإفطار، في لحظات تفيض بالفرح والسكينة.

ويحتل الماء المبخر مكانة مميزة على مائدة الإفطار الجازانية، إذ تحرص العائلات على تقديمه كجزء لا يتجزأ من تجربة الإفطار، حيث يضيف الماء المبخر لمسة من الفخامة والتميّز. ويُستخدم البخور، خاصة المستكة، لإضفاء نكهة فريدة تجعل من الماء مشروبًا لا يُنسى.

حح

وتبدأ رحلة إعداد الماء المبخر بقطعة فحم عالية الجودة، تُشعل بعناية ليتوقف الدخان عن التصاعد، ثم تُضاف قطع المستكة إلى خزان الماء، الذي يُغلق بإحكام لمدة 5 دقائق، قبل أن يضاف الثلج والماء، مع الحرص على عدم تسرب بخار المستكة، إذ تتطلب هذه العملية مهارة خاصة، تعكس شغف أهل جازان بتقديم الأفضل لضيوفهم. وتُعبّر هذه العادة عن الترابط العائلي والاجتماعي، حيث تختلط النكهات والذكريات في لحظات الإفطار.

الماء المبخر ليس مجرد مشروب، بل هو تجسيد للكرم الجازاني، ويعكس القيم الثقافية الرفيعة التي تميز هذه المنطقة، ويُعيد إلى الأذهان حكايات الأجداد، ويُعزز روح التلاحم بين الأجيال، ويُسهم في خلق ذكريات لا تُنسى خلال شهر رمضان

18