المؤشرات الإيجابية في إصلاح التعليم المغربي لا تحجب حجم الصعوبات

الثلاثاء 2017/08/01
أساس الإصلاح يكون في مراحل التعليم الأولى

الرباط - أكد رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي عمر عزيمان، في أشغال الدورة الثانية عشرة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، الأسبوع الماضي، في ما يخص “برنامج عمل الوزارة لتطبيق الإصلاح التربوي”، أنه رغم تسجيل بعض المؤشرات الإيجابية بخصوص الارتقاء بالمدرسة المغربية، إلا أن الإصلاح لم يحدث بعد الأثر المرتقب على أرض الواقع، موضحا أننا ما زلنا نشتغل في سياق يطبعه الشك تجاه أداء المدرسة المغربية.

وأضاف عزيمان أن واقع التعليم المغربي يستدعي مضاعفة الجهود في ما يخص التفكير العميق، والرصد الدقيق، والتتبع الدائم والمنتظم وكذلك الاقتراح والتقييم، ويكون ذلك بمراعاة أهداف الرؤية الإستراتيجية لإصلاح التعليم 2030-2015، وبالتجاوب مع انتظارات المجتمع وتطلعات الشباب.

وأعلن وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، محمد حصاد، أثناء مداخلته في أشغال الدورة الثانية عشرة للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، عن تطوير تدريس اللغة العربية بالسنة الأولى من التعليم الابتدائي وإدراج اللغة الفرنسية باعتماد منهجية التعليم الشفهي، خلال الدخول المدرسي المقبل، فضلا عن تطوير هذه اللغة بالمستويين الخامس والسادس من التعليم الابتدائي.

واعتبر حصاد أن الارتقاء بأدوار المؤسسة التعليمية يمر عبر استهداف خمسة مكونات مفصلية تتمثل على التوالي في الفضاءات التعليمية والتجهيزات، والمربي، والإدارة التربوية، والتلميذ، والأسرة.

وتتضمن الرؤية الإستراتيجية لإصلاح المدرسة المغربية (2030-2015) الاهتمام بالمدرسة كرافعة إستراتيجية لتطور المجتمع. وتقوم هذه الإستراتيجية على مقاربة تشاركية وتشاورية تتطلع إلى بناء مدرسة للإنصاف وتكافؤ الفرص، مدرسة الجودة للجميع، ومدرسة لإدماج الفرد والتطور الاجتماعي. وتروم تعميم إلزامية التعليم ما قبل المدرسي، ووضع تمييز إيجابي لفائدة المدرسة القروية.

وتتحقق أهداف هذه الرؤية حسب رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، من خلال تعزيز وتقوية التنسيق والتعاون مع كل الفاعلين، وخاصة المؤسساتيين منهم، بما يمكّن المجلس من اعتماد معطيات وإحصائيات موضوعية دقيقة وموثوقة ومحينة ترتكز عليها أعماله في التقييم وتقديم المقترحات والتوصيات.

الارتقاء بأدوار المؤسسة التعليمية يمر عبر استهداف خمسة مكونات مفصلية تتمثل على التوالي في الفضاءات التعليمية والتجهيزات، والمربي، والإدارة التربوية، والتلميذ، والأسرة

ودعا وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، محمد حصاد، جميع الفاعلين التربويين إلى وجوب إيلاء الاهتمام اللازم للتلاميذ المتعثرين، خاصة بالسنة الأولى من التعليم الابتدائي، التي تعتبر أساس التمدرس الجيد، حتى لا يكون أي تلميذ في هذا المستوى مضطرا إلى التكرار والرسوب.

وأشاد عمر عزيمان بالعمل الجماعي والمنهجية التشاركية التي تستهدف الارتقاء بالمدرسة، وذلك بعد انقضاء ثلاث سنوات على تنصيب أعضاء المجلس من قبل العاهل المغربي الملك محمد السادس.

وأكد وزير التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي، أن عدد المنقطعين عن الدراسة سجل خلال الموسم الحالي انخفاضا بواقع 50639 تلميذا، ليستقر في نحو 279177 تلميذا، مقارنة بـ329618 تلميذا تم تسجيلهم خلال الموسم الدراسي 2016-2015.

وشدد الوزير على أنه إذا لم يشتغل الجميع على التعليم الأوّلي والابتدائي فلن يتقدم التعليم المغربي أبدا، مؤكدا على اعتماد معايير تضمن ظروف تحصيل ملائمة من خلال تخفيف أعداد التلاميذ داخل الفصول للوصول في نهاية المخطط إلى 30 تلميذا في الفصل الواحد كحد أقصى بالسنتين الأولى والثانية من التعليم الابتدائي و34 تلميذا في الفصل كحد أقصى في باقي المستويات. ونوه وزير التربية بأهمية الإعداد لمراجعة البرامج والتوجهات التعليمية والأطر المرجعية للامتحانات، مشيرا إلى أن المناهج الدراسية لم يطلها أي تغيير منذ 15 سنة خلت.

وكان رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، قد أكد على أن الإصلاح العميق يتطلب سلسلة من السياسات الجديدة التي تروم بالخصوص ضمان مدرسة الجودة بالنسبة للجميع.

ورافقت “المخطط الاستعجالي” لإصلاح التعليم (2012-2009)، الذي كان يهدف إلى إنقاذ النظام التعليمي المغربي، إخلالات مالية كبيرة حالت دون الوصول إلى نتائج مرضية، الأمر الذي أكده المجلس الأعلى للحسابات في تقاريره. ومن بين هذه الإخلالات الخروقات التي شابت عملية اقتناء بعض الوسائل التعليمية من لدن خمس أكاديميات جهوية للتربية والتكوين و114 مؤسسة تعليمية.

ودعا رئيس المجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي، إلى مضاعفة جهود الإصلاح مع التركيز أساسا على توطيد وتطوير أحد الاختيارات الإستراتيجية التي كرسها المجلس، والمتمثلة في الانفتاح والحوار المستمر والتشاور الموصول، سواء داخل المجلس أو مع باقي الفاعلين.

وشدد عمر عزيمان على أن إرساء مدرسة منصفة، جاذبة للطلاب وعالية الأداء، يستدعي العمل على نحو مشترك، بدءا بالشركاء الإستراتيجيين، موضحا بالقول “إننا كلما كنا متحدين في الاختيارات والأفكار والمبادئ والقيم، كنا أقوى، بشكل يتيح التغلب على المصاعب، مهما كان حجمها، ما يمكن من رفع سقف إنجازاتنا وطموحاتنا”.

وأبرز وزير التربية حصاد أنه سيتم خلال الدخول المدرسي المقبل إرساء وتفعيل الإطار المرجعي للتعليم، إذ سيتم استقبال التلاميذ البالغين من العمر خمس سنوات ونصف السنة في مؤسسات التعليم العمومي بالسنة الأولى من التعليم الابتدائي، على أن يتم استقبال تلاميذ التعليم الأوليّ (4 و5 سنوات) بكيفية تدريجية، بما يضمن تحقيق نسبة 67 بالمئة من تعميم التعليم خلال الموسم 2022-2021 وبلوغ التعميم الكامل سنة 2027، وذلك وفق توجهات الرؤية الإستراتيجية للتعليم.

17