الكلاب تتقدم لاكتشاف المصابين بكورونا

تدريبات لمعرفة الفايروس في عينات من العَرَق البشري.
الثلاثاء 2021/02/02
الكلب نجح في اكتشاف أمراض أخرى

كان مشهد الكلاب في المطارات والأماكن العامة مألوفاً، فهي تقوم عادة بشم المخدرات والأسلحة والمتفجرات، إلا أن العالم بدأ يستعين بها هذه المرة لرصد المصابين بوباء كورونا بعد تدريبها في مراكز طبية مختصة، كما هو الحال في فرنسا وقبلها في العديد من الدول الأخرى منها الإمارات والسعودية.

ليبورن (فرنسا) - يرصد “إليوت” في العادة المخربين أو المفقودين، لكن هذا الكلب من نوع الراعي البلجيكي يخضع منذ شهر لتدريب على رصد فايروس كوفيد – 19 في عرق البشر، في إطار دراسة في جنوب غرب فرنسا.

ويقول اختصاصي الأمراض المعدية في مركز بوردو الاستشفائي الجامعي تييري بيستون، إن الهدف من هذه الدراسة إيجاد “حلّ مكمّل” في وقت “نحتاج إلى زيادة طرق الرصد السريع”.

وهذه ليست التجربة الأولى في محاولة تدريب الكلاب على رصد الفايروس من خلال شم العرق البشري، فلقد سبقتها تجارب في دول عديدة، منها السعودية والإمارات والمملكة المتحدة حيث قامت بالتجربة جمعية خيرية تدعى “كلاب الفحص الطبي” دربت سابقا، الكلاب لتعقب رائحة الملاريا والسرطان ومرض باركينسون.

وعلى غرار “إليوت”، يتدرب “مارفل” من نوع لابرادور وثلاثة كلاب أخرى من فصيلتي الراعي البلجيكي والراعي الألماني، وكلها أعضاء في كتيبة للكلاب تابعة للدرك وفرق الإطفاء، منذ الرابع من يناير في ليبورن قرب بوردو على “لعبة” جديدة تقوم على رصد آثار تعرّق مسحوبة على مدى عشر دقائق من تحت إبط أشخاص مصابين بكورونا في مراحله الأولى.

وتصل بصورة شبه يومية إلى المستشفى الجامعي عينات من العَرَق لتقديمها للكلاب المدربة في مركز للمعلومات أقامته “سيفا” في مركزها.

ويوضح الطبيب المعتمد لدى هيئة “سيفا” بيار-ماري بورن، أن الكلاب “ترصد المواد العضوية المتحللة المتأتية من الإصابة”.

وبعد سماعه إشارة صوتية من المدرّب، يدخل الكلب إليوت خطمه في مخاريط معدنية، ثم يبدأ فجأة بتحريك ذيله أمام مخروطتين تضمان عيّنات من مرضى كورونا، حاصدا الثناء من مدرّبه الذي يكافئه بإعطائه بعض السكاكر ولعبته المفضلة. وكان هذا الكلب قد شارك قبل أيام في مهمة للدرك لتقفي أثر أحد المفقودين.

ويستند هذا المشروع المسمى “سينوكوف” على طريقة تحمل اسم “نوزاييس-كوفيد – 19” طورها دومينيك غرانجان الأستاذ في الكلية البيطرية الوطنية في ميزون-ألفور قرب باريس. وهي تعزز “مروحة الشمّ” لدى الكلب، وقد استُخدمت في رصد بعض أنواع السرطان.

الكلاب تنجح في المعدّل في رصد 95 في المئة من الإصابات بكورونا من خلال تتبع آثار تعرّق مسحوبة من تحت الإبط

ويقول غرانجان، إن “الكلاب تنجح في المعدّل برصد 95 في المئة من الإصابات بكوفيد – 19”. وتخضع هذه الطريقة للاختبار خصوصا في جزيرة كورسيكا الفرنسية في المتوسط، في مشروع يحظى بدعم 40 بلدا وفق المروجين له.

وبعد ستة إلى ثمانية أسابيع من التدريب بوتيرة أربعة أيام أسبوعيا، يتعين إثبات فعالية الكلاب في دراسة سريرية في المركز الاستشفائي الجامعي قبل البدء باستخدام هذه الأداة على نطاق واسع.

ويكمن الهدف في تجربة أداء هذه الكلاب على أنواع مختلفة من العينات لتحديد أوجه مختلفة من المرض، سواء القدرة على فهم مدى خطورة الإصابات أو درجة خطر تفشي العدوى أو مستوى الأعراض، وأيضا المصابين بأشكال متحورة من الفايروس.

ويوضح بيار-ماري بورن أنه في حال النجاح، “ستُستخدم الأداة بشكل خاص لإجراء انتقاء مسبق” للأشخاص المشتبه بإصابتهم بهدف “التصويب على الحاجات للتشخيص التأكيدي” من خلال الفحص المرجعي عبر المسحة الأنفية (بي.سي.آر).

ويشير رئيس قسم الأمراض المعدية والمدارية في المستشفى الجامعي دوني مالفي إلى أن “هذا النوع من الأدوات التي تقدم بالحد الأدنى معيارا للشك القوي ستتيح تسهيل هذا المسار على صعيد القبول والاستجابة”، في ظل الحاجة إلى إجراء فحوص سريعة لأشخاص لا يظهرون أي أعراض في مواقع مختلفة من مدارس ودور مسنين ومطارات.

ويقول الأستاذ الجامعي وهو أيضا عضو في المجلس العلمي، إن هذه الكلاب “تكاد تكون حليفتنا في إنتاج أداة رصد سيكون لها مكان في الحاجة لإدارة هذه الطوارئ الصحية”.

وخاض مركز تدريب الوسائل الحية التابع للجمارك السعودية تجربة تدريب الكلاب على تتبع أثر الفايروس، ونجح الكلب بايلو الذي يمتلك مهارة شديدة الأهمية، حيث أنه صار قادرا على استشعار عمليات الأيض في أجسام المرضى بكورونا والتعرف على المصابين بالفايروس.

ويقول المدربون في المركز، إن الكلاب من فصيلة “جاك راسل”، تحتوي أجسادها على الملايين من مستقبلات الروائح، وتستطيع شم رائحة التغيرات الناجمة عن عمليات الأيض المرتبطة بالفايروس.

وتتضمن التدريبات تعريض الكلاب لمجموعة متنوعة من العينات، بعضها مصاب بفايروس كورونا، ثم اختبار قدرتها على التمييز بين المصابين والأصحاء.

وفي المملكة المتحدة قالت جمعية “كلاب الفحص الطبي” الخيرية، إن تجريها لمعرفة إذا ما كانت الكلاب قادرة على كشف الفايروس تسير “بشكل جيد”.

وبدأت الجمعية هذه التجربة منذ الصيف الماضي، لتدريب ستة كلاب في مدينة ميلتون كينز. وقالت كلير غيست، مؤسسة الجمعية والمديرة التنفيذية لها، إن الكلاب تظهر أصلا إشارات على أنها قادرة على شم الفايروس، مضيفة، أن “الدراسة تسير بشكل جيد جدا والإشارات كلها تبشر، حقيقة، بنتائج إيجابية”.

ويتم تدريب الكلاب نورمان وديغبي وستورم وستار وأشر لتعقب روائح الفايروسات في الجوارب المعقمة، والجوارب النسائية الطويلة وكمامات الوجه التي يرتديها موظفو هيئة الخدمات الصحية الوطنية في لندن.

وقالت الدكتورة غيست إن كلب الإنقاذ أشر يبلي بلاء “حسنا”، مضيفة، “لقد تَعلَّم، مسبقا، كيف يتعقب الملاريا وباركينسون، ولهذا عرفنا أنه سيكون مؤهلا لهذه المهمة. ظل يهتدي إلى الروائح المطلوبة خلال التدريب دون أي خطأ”.

وكانت للإمارات تجربة في تطبيق الكشف عن الفايروس بالكلاب البوليسية، حيث أضافت السلطات هذه الخطوة في مطارات الدولة للإسهام كخط دفاعي جديد في الكشف عن مصابين محتملين.

وبدأت في فنلندا أيضا، مجموعة من الكلاب البوليسية المدربة على اكتشاف الوباء بالعمل في مطار هلسنكي في سبتمبر، في محاولة لتحديد هوية المصابين. كذلك يتم تدريب الكلاب البوليسية في تشيلي، على شم فايروس كورونا لدى البشر.

20