الكرة العربية تبحث عن بصمة حقيقية في المعترك الآسيوي

تترقب جماهير كرة القدم الآسيوية والعربية إعطاء إشارة انطلاق فعاليات بطولة كأس أمم آسيا في نسختها المقبلة بالإمارات العربية المتحدة خلال الفترة من الخامس من يناير حتى أول فبراير المقبلين، حيث ستحمل هذه النسخة رقما قياسيا جديدا بوجود 24 منتخبا من مختلف أرجاء القارة الكبيرة. كما ستشهد هذه النسخة أيضا رقما قياسيا يتعلق بالمشاركات العربية حيث يخوض فعاليات هذه النسخة 11 منتخبا عربيا للمرة الأولى في تاريخ بطولات كأس آسيا. وستكون الأنظار شاخصة نحو نجوم هذه الدورة من لاعبين ومدربين.
دبي - على مدار تاريخ هذه البطولة القارية العريقة عاشت الكرة العربية كثيرا من الجراح وقليلا من الأفراح، والدليل على ذلك أنه منذ انطلاقة هذه البطولة لم تفز الكرة العربية باللقب إلا خمس مرات منها ثلاثة ألقاب من نصيب السعودية ومرة واحدة لكل من الكويت والعراق أي ما يقل عن ثلث ألقاب البطولة التي أقيمت منها 16 نسخة حتى الآن فيما يتصدر المنتخب الياباني السجل الذهبي لبطولة القارة الصفراء برصيد أربعة ألقاب.
وبدأت المشاركات العربية في البطولة من النسخة الخامسة التي أقيمت في 1972 وتفاوتت نسبة المشاركة العربية في البطولة من نسخة إلى أخرى حيث اقتصرت المشاركة العربية في النسخة الخامسة عام 1972 على منتخبي الكويت والعراق وتكرر العدد نفسه من خلال المنتخبين أنفسهما في النسخة السادسة عام 1976. وارتفع العدد بعد ذلك إلى أربعة منتخبات عربية في النسخة السابعة عام 1980 هي الإمارات وسوريا والكويت وقطر. وفي النسخة الثامنة عام 1984، شاركت خمسة منتخبات عربية هي السعودية والكويت والإمارات وسوريا وقطر.
وفي النسخة التاسعة عام 1988، ارتفع عدد المنتخبات العربية المشاركة إلى ستة منتخبات هي السعودية والإمارات والكويت والبحرين وسوريا وقطر ولكنه تراجع في النسخة العاشرة عام 1992 إلى ثلاثة منتخبات فقط هي الإمارات والسعودية وقطر ثم ارتفع إلى خمسة منتخبات في كل من النسختين الحادية عشرة عام 1996 والثانية عشرة عام 2000 بمنتخبات الإمارات والكويت والسعودية والعراق وسوريا وفي النسخة الأخرى منتخبات العراق ولبنان والكويت والسعودية وقطر.
وفي النسخة الثالثة عشرة عام 2004، ارتفع العدد لأول مرة إلى ثمانية منتخبات عربية هي الإمارات والكويت والبحرين والأردن والسعودية والعراق وقطر وعمان ثم تراجع العدد في النسخة التالية عام 2007 إلى ستة منتخبات عربية هي العراق وعمان والإمارات والسعودية والبحرين وقطر وارتفع مجددا لثمانية منتخبات في النسخة الخامسة عشرة عام 2011 وهي السعودية والإمارات وسوريا والأردن والكويت والبحرين وقطر والعراق.
وشهدت النسخة الماضية عام 2015 وصول العدد إلى تسعة منتخبات هي عمان والكويت والسعودية والإمارات والبحرين والأردن والعراق وقطر وفلسطين قبل أن يرتفع في النسخة السابعة عشرة المرتقبة في 2019، والتي ستنطلق بعد أيام في الإمارات، إلى رقم قياسي جديد وهو 11 منتخبا هي الإمارات والسعودية والبحرين وعمان والأردن وسوريا واليمن وفلسطين والعراق ولبنان وقطر.
ويشارك 24 منتخبا في نسخة 2019 وهي الإمارات البلد المضيف وتايلاند والهند والبحرين في المجموعة الأولى، وفي المجموعة الثانية تتواجد منتخبات أستراليا وسوريا وفلسطين والأردن، وفي المجموعة الثالثة كوريا الجنوبية والصين وقيرغيزستان والفلبين، وتضم المجموعة الرابعة منتخبات إيران والعراق وفيتنام واليمن والمجموعة الخامسة تضم السعودية وقطر ولبنان وكوريا الشمالية، وفي المجموعة السادسة تتنافس منتخبات اليابان وأوزبكستان وعمان وتركمانستان.
بصمة حقيقية
تبدو الفرصة سانحة أمام الجيل الحالي للمنتخب الإماراتي لترك بصمة حقيقية على الساحة الآسيوية من خلال بطولة كأس آسيا السابعة عشرة التي تستضيفها بلاده. وشارك الأبيض الإماراتي في التصفيات المؤهلة لهذه النسخة نظرا إلى كونها تصفيات مشتركة مؤهلة لهذه البطولة الآسيوية وكذلك لكأس العالم 2018 بروسيا.
ولم يحالف التوفيق المنتخب الإماراتي في المرحلة النهائية من التصفيات بعدما وقع في مجموعة صعبة للغاية مع منتخبات اليابان والسعودية وأستراليا والعراق وتايلاند. ورغم هذا، ظهر الفريق بمستوى رائع في التصفيات وكان ندا قويا لباقي منافسيه في المجموعة.
الفرصة تبدو سانحة أمام الجيل الحالي للمنتخب الإماراتي لترك بصمة حقيقية على الساحة الآسيوية من خلال بطولة كأس آسيا السابعة عشرة التي تستضيفها بلاده
لكن الفرصة تبدو سانحة الآن لترك بصمة أكبر على الساحة القارية من خلال النسخة الجديدة لكأس آسيا التي يستطيع خلالها الأبيض الإماراتي الاعتماد على مساندة الأرض والجمهور في مواجهة عمالقة القارة الآسيوية.
ومنذ بلوغ الفريق نهائيات كأس العالم 1990 وفوزه بالمركز الرابع في كأس آسيا 1992 والمركز الثاني في النسخة التالية بالبطولة الآسيوية عام 1996 من خلال الجيل الذهبي للأبيض في التسعينات من القرن الماضي، لم تشهد الكرة الإماراتية جيلا متميزا مثل الجيل الحالي الذي صال وجال على الساحة الخليجية والآسيوية في السنوات الأخيرة ولم يعد أمامه سوى تتويج جهوده بمشاركة متميزة في كأس آسيا 2019.
وخلال السنوات القليلة الماضية، فاز المنتخب الإماراتي بلقب كأس الخليج الحادية والعشرين (خليجي 21) لكرة القدم في البحرين عام 2013 واحتل الفريق المركز الثالث في خليجي 22 عام 2014 بالسعودية ثم المركز الثاني في خليجي 23 بالكويت في 2017 بخلاف فوزه بالمركز الثالث في كأس آسيا 2015 بأستراليا. ويتمتع الجيل الحالي لكرة القدم الإماراتية بوجود العديد من المواهب الفذة في صفوفه وفي مختلف خطوط الفريق وخاصة في الوسط والهجوم مما يجعل الفريق مرشحا دائما للمنافسة بقوة على اللقب في مختلف البطولات التي يخوضها.
ويخوض المنتخب الإماراتي (الأبيض) فعاليات البطولة الآسيوية بطموحات كبيرة وتوقعات هائلة في ظل الخبرة التي اكتسبها اللاعبون على مدار السنوات القليلة الماضية والتي تجعل فرصهم أفضل في المنافسة من مشاركتهم في النسخ السابقة من البطولة. ولم يشارك المنتخب الإماراتي في النسخ الست الأولى من البطولة الآسيوية ولكنه أصبح من الوجوه القليلة المنتظمة في البطولة بداية من النسخة السابعة التي أقيمت عام 1980 باستثناء غيابه عن نسخة عام 2000 بعدما عانده الحظ في التصفيات.
وعلى مدار المشاركات التسع السابقة للفريق كان الإنجاز الأفضل للأبيض عندما استضافت بلاده البطولة في 1996 حيث بلغ الفريق المباراة النهائية للبطولة بقيادة مدربه الكرواتي توميسلاف إيفيتش ووصل الفريق إلى ركلات الترجيح مع نظيره السعودي في أول نهائي عربي خالص للبطولة.
ولكن ركلات “الحظ” الترجيحية بددت آمال الأبيض في رفع الكأس الآسيوية للمرة الأولى ومنحت اللقب للأخضر السعودي للمرة الثالثة في تاريخه. وكانت هذه المباراة النهائية بمثابة خط النهاية للجيل الذهبي للكرة الإماراتية في التسعينات من القرن الماضي والذي بلغ نهائيات كأس العالم 1990 بإيطاليا كما بلغ المربع الذهبي في كأس آسيا 1992 واحتل المركز الرابع في البطولة.
وبخلاف هاتين البطولتين 1992 و1996 وكذلك النسخة الماضية عام 2015، كانت المشاركة الإماراتية في البطولة الآسيوية متوسطة المستوى ولم يعبر الفريق الدور الأول للبطولة في النسخ الأخرى التي شارك فيها. ولكن الفرصة تبدو سانحة هذه المرة للمنافسة بقوة في النسخة الجديدة بالإمارات لا سيما وأن كثيرين يرون في الجيل الحالي عناصر أفضل من الجيل الذهبي الذي تألق في التسعينات كما كان لنظام الاحتراف المطبق حاليا في الإمارات دوره البارز في التطور الكبير لمستوى الدوري الإماراتي من ناحية والأبيض من ناحية أخرى.
وبات الحلم الجديد والتحدي الأهم الذي يخوضه الفريق هو المعترك الآسيوي حيث يسعى الفريق الحالي إلى استعادة أمجاد بلاده الكروية على الساحة القارية واستعادة ذكريات 1996. ويضاعف من فرص الفريق الحالي أنه يعتمد في اختياراته على عدد من العناصر التي فازت بالميدالية البرونزية لكرة القدم في دورة الألعاب الآسيوية الأخيرة. وتتسم معظم عناصر المجموعة الحالية بالقدرة على الابتكار في الملعب إلى جانب أداء الواجبات الخططية سواء في الهجوم أو الدفاع إلى جانب التعطش لتحقيق الانتصارات. ويرى البعض أن المنتخب الإماراتي يجيد اللعب على ملعبه أكثر من المباريات التي يخوضها خارج أرضه.
وخلال مسيرته في التصفيات المشتركة المؤهلة لمونديال 2018 وكأس آسيا 2019، خاض الفريق 18 مباراة حقق الفوز في تسع منها وتعادل في ثلاث ومني بست هزائم وسجل لاعبوه 37 هدفا واهتزت شباك الفريق 17 مرة. ويفتقد المنتخب الإماراتي في هذه البطولة اللاعب الموهوب عمر عبدالرحمن (عموري) الذي يعتبر القلب النابض لهذا الفريق حيث ستحرمه الإصابة التي تعرض لها خلال اللعب لفريقه الهلال السعودي من المشاركة في البطولة.
وتبرز ضمن صفوف الأبيض مجموعة متميزة من اللاعبين مثل المهاجم أحمد خليل الذي تألق بشدة من قبل في بطولة كأس آسيا للشباب (تحت 19 عاما) في 2008 عندما كان في السابعة عشرة من عمره. واقتسم خليل مع السعودي محمد السهلاوي والبولندي روبرت ليفاندوفسكي صدارة قائمة هدافي التصفيات المؤهلة لمونديال 2018 برصيد 16 هدفا لكل منهم. وخلال السنوات الماضية، رسخ خليل أقدامه كأحد أفضل المهاجمين في منطقة الخليج وفي آسيا كما يتألق إلى جواره عدد كبير من اللاعبين المتميزين الموهوبين مثل المخضرم إسماعيل مطر وعلي مبخوت وإسماعيل الحمادي وعلي سالمين ومحمد عبدالرحمن وغيرهم.
وتسعى هذه المجموعة بقيادة المدرب الإيطالي ألبرتو زاكيروني إلى ترك بصمة حقيقية لها في كأس آسيا 2019 التي يستهلها الفريق بمواجهة عربية خليجية خالصة في المباراة الافتتاحية للبطولة حيث يلتقي المنتخب البحريني قبل أن يستكمل مسيرته في المجموعة الأولى بمباراتيه أمام منتخبي الهند وتايلاند علما بأن المنتخب التايلاندي كان ضمن مجموعة الفريق في تصفيات كأس العالم آسيا 2018 وخسر أمام الأبيض 1-3 ذهابا وتعادل معه 1-1 إيابا.
مواجهات منتظرة
تدخل بعض الأسماء الكبيرة في عالم التدريب تحدي كأس آسيا 2019 بالإمارات وعيونها على لقب البطولة القارية التي ستنطلق بلقاء المنتخبين الإماراتي والبحريني على ملعب مدينة زايد الرياضية في الخامس من يناير المقبل. وتزخر ثانية أعرق البطولات القارية بحضور قوي من صفوة المدربين الذين حققوا نجاحات كبرى على المستوى العالمي، وفي مقدمتهم الإيطالي مارشيلو ليبي مدرب المنتخب الصيني الذي سبق له أن قاد منتخب بلاده إيطاليا إلى لقب كأس العالم 2006 بألمانيا.
وتتضمن قائمة أشهر المدربين الموجودين في كأس آسيا بالإمارات أيضاً السويدي زفن جوران إريكسون، الذي قاد إنكلترا إلى دور الثمانية بكأس العالم في نسختي 2002 و2006، حيث يقود الآن المنتخب الفلبيني خلال رحلته في البطولة بالإضافة إلى البرتغالي كارلوس كيروش مدرب المنتخب الإيراني الذي تمكن سابقا من قيادة ثلاثة منتخبات مختلفة للتأهل إلى نهائيات كأس العالم وهي جنوب أفريقيا (2002) والبرتغال (2010) وإيران (2014 و2018).
وبالإضافة إلى كيروش وإريكسون وليبي، تشهد كأس آسيا 2019 حضورا لسبعة مدربين سبق لهم التدريب في كأس العالم، وسبق لاثنين منهم فقط الفوز بالبطولة الآسيوية، حيث توج ألبرتو زاكيروني مدرب المنتخب الإماراتي حاليا باللقب الرابع لليابان في نسخة عام 2011 كما حقق مدرب المنتخب الياباني هاجيمي مورياسو أولى ألقاب بلاده القارية عندما كان لاعبا في نسخة 1992.
وقال مورياسو “أحمل ذكريات رائعة خلال مسيرتي في هذه البطولة كلاعب منذ عام 1992 في هيروشيما، ورغم غيابي عن المباراة النهائية للإيقاف، سيكون من الرائع أن أمر بهذه التجربة مرة أخرى وأفوز باللقب كمدرب، وسنعمل على تقديم أفضل ما لدينا لاستعادة اللقب مرة أخرى”.