الكتاب خير صديق للمحتجين في البصرة

شباب متطوعون يفتتحون مكتبة في إحدى خيم الاعتصام بالبصرة، ويرون أن القراءة هي أفضل وسيلة يمضي بها المتظاهرون في الخيام أوقات فراغهم.
الجمعة 2020/01/10
المطالعة تعاضد الصمود

وجدت مجموعة من الشباب العراقي أن أفضل رفيق للمتظاهرين في ساحات الاعتصامات هو الكتاب، وذلك لمساعدتهم على تمضية أوقات الفراغ، وهو ما دفعهم إلى افتتاح مكتبة في إحدى خيم الاعتصام بالبصرة.

البصرة (العراق) - حول شبان من المتظاهرين العراقيين خيمة بموقع الاحتجاج الرئيسي في البصرة إلى مكتبة مؤقتة تضم بضع مئات من الكتب، يتجمعون داخلها حول وليمة لتغذية الفكر وإمتاع الروح والتسرية عن النفس.

وأقيمت المكتبة بجهود مجموعة شبان متطوعين يرون أن القراءة هي أفضل وسيلة يمضي بها المتظاهرون في الخيام أوقات فراغهم.

وقال عبدالله السوداني، وهو أحد أعضاء الفريق الذي يدير المكتبة، إن سكان البصرة (أقصى جنوب العراق) أعجبتهم الفكرة فسارعوا إلى التبرع للمبادرة بما يقرب من 400 كتاب، تغطي مختلف المجالات بما في ذلك الثقافة والدين والسياسة والمجتمع، وهي ترضي وتلبي جميع الأذواق والرغبات.

وأوضح السوداني “كان وراء ظهور هذه الفكرة مجموعة من الشباب.. في السابق كنا نلاحظ أن ساحة الاعتصام تفتقر إلى الوعي الثقافي والسياسي والاجتماعي، وهو ما دفعنا إلى التفكير والنظر في طريقة تمكننا من نشر الوعي بين الشباب وخصوصا من المعتصمين في ساحة البصرة”، مؤكدا أن المبادرة لاقت صدى كبيرا بين الناس الذين ساهموا بالتبرع بالكتب إلى أن صارت في الخيمة عشرات من العناوين المتنوعة.

وأفاد فاخر حيدر، أحد المترددين على المكتبة، بأن “الكتاب يمثل غذاء للروح ويشكل دافعا معنويا”، مشيرا إلى أن أغلب المعتصمين يملكون الكثير من أوقات الفراغ التي تذهب سدى دون الاستفادة منها لذلك فإن ملأها بالمطالعة أمر جيد ويثري زادهم الثقافي.

الكتاب يمثل غذاء للروح ويشكل دافعا معنويا
الكتاب يمثل غذاء للروح ويشكل دافعا معنويا

وأضاف آخر يدعى علي عوي “الناس لم يخرجوا إلى ساحات الاعتصامات ليقودوا ثورة ضد الفساد والأحزاب وخراب البلاد عن جهل، فهناك العديد من النماذج التي تدل على رقي المتظاهرين، وعلى تحلّيهم بثقافة عالية؛ الناس واعون بما يريدونه وما يفعلونه وغايتهم خلق قانون جديد وفرص أفضل”.

وتأسست مبادرة المكتبة، التي أطلق عليها اسم “ثورة وكتاب”، الشهر الماضي، ويتناوب متطوعون على إدارتها.

ولا تعد هذه المكتبة المبادرة الأولى من نوعها، فقد سبق أن حول فنانون ساحة التحرير في بغداد من مكان للاحتجاج إلى وزارة ثقافة مصغّرة يختلط فيها المتظاهرون بالمتفرجين، لحضور عروض مسرحية وملتقيات شعرية وحفلات موسيقية ومعارض فنية.

وتنظّم نقاشات سياسية وفلسفية، ويعيد موسيقيون ورسامون بثّ الحياة في المكان. وتنتشر الثقافة في كل زاوية. وقد وصلت إلى طوابق “المطعم التركي”، وهو مبنى ضخم مهجور منذ عام 2000، احتلّه المتظاهرون ليكون برج مراقبتهم أمام تحركات الشرطة، حيث تم تحويل ما كان سابقا موقفا للسيارات في هذا المطعم، إلى مكتبة صغيرة مشرعة أمام القراء ليلا ونهارا.

وقال الشاب مصطفى، أحد الذين يديرون المكتبة البغدادية، إن المكتبة الصغيرة التي تضم روايات أميركية مترجمة، مرورا بمقالات سياسية، ووصولا إلى اللاهوت “هي ثقافة”، معتبرا ذلك “دليلا على أننا نملك الوعي الكافي، وأننا نفهم ما يحدث من حولنا، وأننا نحاول النجاح في ما نفعله”.

وتجتاح المظاهرات الحاشدة العراق منذ الأول من شهر أكتوبر الماضي. ويطالب المحتجون، ومعظمهم من الشباب، بإصلاح نظام سياسي يرون أن الفساد ينخر عظامه وأنه يبقي معظم الشعب في فقر وخصاصة. وقد قتل أكثر من 450 شخصا منذ اندلاع هذه الاحتجاجات.

24