القيادة الذاتية تتحول من تجربة افتراضية إلى واقع ملموس

سعت بضع شركات خلال السنوات القليلة الماضية إلى إغواء عشاق السيارات الحديثة عبر طرح خيارات تتمحور حول الأدوار التي يمكن للسائقين القيام بها مستقبلا عندما تصبح المركبات أدوات تنقل ذكية، ولكن يبدو أن التجارب الافتراضية للقيادة الذاتية، التي تسابق المصنعون إلى ابتكارها، قد تعرف طريقها إلى الواقع في غضون أشهر.
طوكيو – تتمتع المركبات ذاتية القيادة بجاذبية قوية للمستهلكين كونها خيار لم يكن ليصل إلى حدود الواقع دون قيام الشركات باختبارات مضنية في السنوات الأخيرة لمعرفة إلى أي مدى يمكن أن تنجح تلك الفكرة، التي كانت حلما قبل عقد من الزمن.
وتتقاتل الشركات من أجل الظفر بالمركز الأول، وهي تتنافس لمعرفة كيفية خدمة المستهلكين في هذه السوق الواسعة من الفرص السلسة من خلال القنوات والعروض الشخصية إلى وسائل التواصل الاجتماعي، والخدمات داخل المتاجر.
ونظرا لأن القيادة الذاتية أصبحت نتيجة حتمية، فإن الأسئلة الأكثر إثارة هي كيف ستبدو السوق وكيف ستتغير أنماط القيادة في العقود المقبلة وكيف ستتغير اقتصاديات صناعة السيارات الضخمة نتيجة لذلك.
ولا يمكن الإجابة على هذه الأسئلة دون تحديد من سيفوز في هذه السوق ومن سينجو ومن سيخسر، وسيكون للإجابات عواقب وخيمة وربما قاتلة للعديد من شركات السيارات التقليدية اليوم وستؤثر الإجابات كذلك على المستثمرين الذين يجب أن يقرروا أين يضعون رهاناتهم.
وقد يصبح الإصدار التالي من هوندا ليجند الأكثر إثارة للاهتمام في تشكيلة شركات صناعة السيارات اليابانية لأنها ستصبح أول مركبة على مستوى العالم مزودة بمستوى قيادة ذاتية من الدرجة الثالثة، ستغزو الطرقات.
ويتم تصنيف السيارات ذاتية القيادة على مقياس متدرج يبدأ من صفر إلى خمسة، والمستوى الخامس يشير إلى الاستقلالية التامة للسيارة في التحكم بالقيادة، ولكن الشكوك لا تزال تحيط بالوعود المتعلقة بإطلاق سيارات من هذه الفئة قبل نهاية العام الجاري.
ورغم أن وزارة الأراضي والبنية التحتية والنقل والسياحة اليابانية وافقت بالفعل على التكنولوجيا، لكن العلامة التجارية اليابانية لم تعلن عن أي تفاصيل محددة عن مواصفة مركبتها، لكن هوندا تقول إن السيارة ستقدم بحلول مارس 2021.
ووفق بيان للشركة، سيكون لدى النظام الذي أطلقت عليه هوندا اسم “ترافيك جام بيلوت” (طيار ازدحام المرور) القدرة الذاتية للقيادة من المستوى الثالث وسيكون قادرًا على التعامل مع واجبات القيادة في الاختناقات المرورية. وعلى الرغم من ذلك، يجب على السائقين الانتباه والاستعداد للسيطرة على السيارة في حالة الطوارئ على الطريق.
وأدخلت اليابان تعديلات على قانون مركبات النقل للسماح ببيع سيارات المستوى الثالث، وقالت وزارة النقل في بيان إنه “من المتوقع أن تلعب السيارات ذاتية القيادة دورا كبيرا في حل قضايا اجتماعية عدة تواجهها بلادنا مثل الحد من الحوادث المرورية وتأمين نقل كبار السن” وغيرها.
وسبق أن قام العديد من صانعي السيارات بإنتاج هذا النوع من المركبات، لكن القليل من البلدان لديها أطر قانونية للسماح ببيعها واستخدامها.
ومن بين شركات صناعة السيارات اليابانية الأخرى التي تتخذ خطوات لتطوير تقنية القيادة الذاتية الخاصة بها، شركة تويوتا، التي تأمل في تقديم قدراتها من المستوى الثالث خلال السنوات القليلة المقبلة، وكذلك نيسان، التي تجعل نظام بروبيلوت لمساعدة السائق، وهو المستوى الثاني من التحكم الذاتي ميزة قياسية.
وفي الشهر الماضي، أصدرت تسلا الإصدار التجريبي من ترقية برنامج “القيادة الذاتية الكاملة” لاختيار برامج تشغيل “حذرة وخبيرة”، كما أشارت الشركة الأميركية إلى ذلك.
وقد ردت الإدارة الوطنية الأميركية لسلامة المرور على الطرق السريعة على تلك الأنباء بقولها إنها ستراقب الشركة عن كثب، وأنها “لن تتردد في اتخاذ إجراءات لحماية الناس من المخاطر غير المعقولة على السلامة”.
وتتزايد شكوك المختصين في إمكانية ظهور سيارات ذاتية القيادة مستقلة تماما على الطرقات، حيث أن هناك عوامل تقف أمام تحقيق ذلك ومن بينها الثغرات التكنولوجية التي لا تزال تعيق انتشار هذا النوع من المركبات إضافة إلى بعض الأمور التي تتعلق بالجوانب القانونية وكذلك ما يتصل بمعايير السلامة والأمان.
ومع ذلك، يرى خبراء القطاع أن الفوائد التي ستجنيها الحكومات والشركات من انتشار المركبات آلية التحكم كبيرة، فهي تقلل حوادث المرور بنسبة 70 في المئة، مما ينقذ الآلاف من الأرواح كل عام.
كما ستساعد على انخفاض تكاليف خدمة السيارة بنسبة 35 في المئة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن السيارات ذاتية القيادة بها عدد أقل بكثير من أجزاء التآكل والتلف الميكانيكية.
وإلى جانب ذلك، تعمل على خفض استهلاك الطاقة بنسبة 30 في المئة، ليس فقط بسبب مصادر الطاقة البديلة ولكن أيضًا لأن السيارات يمكنها استخدام الاتصالات من سيارة إلى سيارة للتجمع أو السفر في قوافل، وبالتالي تحسين الكفاءة وتدفق حركة المرور.