القلق الغربي من تيك توك دبلوماسية تكنولوجية جديدة

يواجه تطبيق تيك توك الصيني حصارا غربيا بدعوى المخاطر الأمنية التي يمكن أن يخلفها على الأفراد والمؤسسات دون أن تشمل هذه المخاوف تطبيقات أخرى ما يدفعنا إلى التساؤل عن المغزى من هذه الضغوطات التي تؤكد أن تطبيقات التواصل الاجتماعي والمنتجات التكنولوجية دخلت معترك الدبلوماسية بين الدول ضمن حروب العصر الحديث التي لا تعتمد على الأسلحة.
هللويا هاديرو
تحاول إدارة منصة تيك توك الشهيرة مجددا نفي أخبار تقول إن شركتها الأم الصينية بايت دانس ستشارك بيانات مستخدمي تطبيقها مع الحكومة الصينية، وإنها تروج للدعاية والمعلومات المضللة نيابة عنها.
واتهمت وزارة الخارجية الصينية مؤخرا الولايات المتحدة نفسها بنشر معلومات مضللة حول مخاطر تيك توك الأمنية المحتملة بعد أن ذكر تقرير على صحيفة “وول ستريت جورنال” أن لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة التابعة لوزارة الخزانة تهدد بفرض حظر أميركي على التطبيق ما لم يتجرّد مالكوه الصينيون من حصصهم.
هل أن مخاطر أمن البيانات حقيقية؟ وهل يجب أن يشعر المستخدمون بالقلق من اختفاء تطبيق تيك توك من هواتفهم؟
حذّر مكتب التحقيقات الفيدرالي ولجنة الاتصالات الفيدرالية من قدرة بايت دانس على مشاركة بيانات مستخدمي تيك توك مع الحكومة الصينية. وتشمل البيانات سجلات تصفحهم وموقعهم ومعرّفاتهم الحيوية.
ويطالب قانون سارٍ في الصين منذ 2017 الشركات بمنح الحكومة أي بيانات شخصية ذات صلة بالأمن القومي. ولا يوجد دليل على تسليم تيك توك لهذه البيانات، لكن المخاوف قائمة بسبب كم بيانات المستخدمين الهائل الذي تجمعه المنصة كغيرها من شركات التواصل الاجتماعي الأخرى.
مخاوف بلا دليل
وتعززت المخاوف بشأن تيك توك في ديسمبر عندما أعلنت الشركة الأم تسريح أربعة موظفين وصلوا إلى بيانات عن صحافيين اثنين من “بازفيد نيوز” و”فاينانشال تايمز” أثناء محاولتهما تعقب مصدر تقرير مسرب عن المؤسسة.ورفض المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض جون كيربي التعليق عندما طُلب منه الرد على تصريحات وزارة الخارجية الصينية حول تيك توك. واستشهد بالمراجعة التي تجريها لجنة الاستثمار الأجنبي.
ولم يؤكّد خبرا مفاده أن الإدارة أرسلت خطابا إلى تيك توك يحذر من أن الحكومة الأميركية قد تحظر التطبيق إذا لم يبع مالكوها الصينيون حصصهم، لكنه قال “تنتابنا مخاوف مشروعة مرتبطة بالأمن القومي في ما يتعلق بسلامة البيانات التي علينا مراقبتها”.
يذكر أن الرئيس دونالد ترامب سعى في 2020 مع إدارته لإجبار بايت دانس على بيع أصولها في الولايات المتحدة وحظر تيك توك من متاجر التطبيقات. ومنعت المحاكم هذا القرار، وألغى الرئيس جو بايدن أوامر ترامب، لكنه أمر بإجراء دراسة متعمقة للقضية. كما تقرر تأجيل عملية بيع مخطط لها لأصول تيك توك في الولايات المتحدة حيث تفاوضت إدارة بايدن على صفقة مع إدارة التطبيق من شأنها معالجة بعض مخاوف الأمن القومي.
وعلى مستوى الكونغرس، كتب السيناتور الديمقراطي ريتشارد بلومنتال والجمهوري جيري موران خطابا في فبراير إلى وزيرة الخزانة جانيت يلين يحثان فيه لجنة الاستثمار الأجنبي التي تترأسها على “إنهاء تحقيقها بسرعة وفرض قيود هيكلية صارمة” بين عمليات تيك توك الأميركية والمؤسسة الأم الصينية، بما في ذلك فصل الفرع المحتمل عن الشركة.
كما تبنّى المشرعون تدابير من شأنها توسيع سلطة إدارة بايدن لسن حظر وطني على تيك توك. وأيد البيت الأبيض بالفعل اقتراح مجلس الشيوخ المتمتع بتأييد الحزبين.
وقالت السلطات البريطانية إنها قررت حظر تيك توك على الهواتف الحكومية لأسباب أمنية. وكان الفرع التنفيذي للاتحاد الأوروبي قد اتخذ خطوات مماثلة قبلها وحظر التطبيق مؤقتا من هواتف الموظفين، كما أعلنت الدنمارك ودول أخرى وكندا عن جهود لاتخاذ إجراءات مماثلة.
◙ شركة تيك توك تتوقع حذف بيانات المستخدم الأميركي من خوادمها الخاصة، لكنها لم تقدم جدولا زمنيا لذلك
وقال البيت الأبيض خلال الشهر الماضي إنه سيمنح الوكالات الفيدرالية الأميركية 30 يوما لحذف تيك توك من جميع الأجهزة المحمولة الحكومية. وقد حظر الكونغرس والقوات المسلحة الأميركية وأكثر من نصف الولايات الأميركية التطبيق بالفعل.
قالت المتحدثة باسم تيك توك مورين شاناهان إن الشركة كانت تستجيب بالفعل للمخاوف الأمنية من خلال “الشفافية، وحماية الولايات المتحدة لبيانات وأنظمة المستخدمين الأميركيين، مع المراقبة القوية من قبل طرف ثالث، وعمليات التدقيق والتحقق التي ننفذها بالفعل”.
وقالت شركة تيك توك في يونيو إنها ستوجه جميع البيانات من المستخدمين الأميركيين إلى خوادم شركة أوراكل الأميركية التي اختارتها شريكا تقنيا في الولايات المتحدة سنة 2020 في محاولة لتجنب فرض حظر وطني كامل، لكنها تخزن نسخا احتياطية من البيانات في خوادمها الخاصة في الولايات المتحدة وسنغافورة.
وقالت الشركة إنها تتوقع حذف بيانات المستخدم الأميركي من خوادمها الخاصة، لكنها لم تقدم جدولا زمنيا لذلك. وأدلى رئيس تيك توك التنفيذي شو زي تشيو بشهادته أمام لجنة الطاقة والتجارة في مجلس النواب حول ممارسات الخصوصية وأمن البيانات وعلاقة الشركة بالحكومة الصينية.
رد تيك توك
وتحاول الشركة الأم في نفس الوقت أن تعرّف نفسها كشركة دولية عوضا عن شركة صينية تأسست في بكين سنة 2012 على يد ليانغ روبو وآخرين. وكتب ثيو بيرترام نائب رئيس تيك توك للعلاقات مع الحكومات والسياسة العامة في أوروبا في تغريدة له أن بايت دانس “ليست شركة صينية”.
وذكر أن 60 في المئة من ملكيتها ترجع إلى مستثمرين عالميين و20 في المئة إلى موظفين و20 في المئة إلى مؤسسين. ويتمركز مدراؤها في مدن مثل سنغافورة ونيويورك وبكين ومناطق أخرى.
يقول بعض المدافعين عن الخصوصية في مجال التكنولوجيا إن انتهاك الحكومة الصينية المحتمل للخصوصية يثير القلق لكن شركات التكنولوجيا الأخرى تجمع البيانات تجاريا وتستغل معلومات المستخدم.
◙ لجنة الاستثمار الأجنبي في الولايات المتحدة تهدد بفرض حظر على التطبيق ما لم يتجرّد مالكوه الصينيون من حصصهم
وقال إيفان غرير وهو مدير مجموعة “فايت فور ذا فيوتشر” غير الربحية “إذا أراد صانعو السياسة حماية الأميركيين من المراقبة، فعليهم أن يسنّوا قانون خصوصية أساسيا يمنع جميع الشركات من جمع البيانات الحساسة في المقام الأول بدلا من الانخراط في ما يرقى إلى كراهية الأجانب التي لا تفعل شيئا لحماية أي شخص”.
وقال كريم فرحات الباحث في مشروع حوكمة الإنترنت في جورجيا تيك إن بيع أصول تيك توك لن يكون مرتبطا “بأي من تهديدات الأمن القومي المزعومة" ويتعارض مع "كل مبادئ السوق الحرة ومعاييرها" لضمان حرية الإنترنت. ويقول آخرون إن هناك سببا مشروعا للقلق.
وذكر أنطون داهبورا المدير التنفيذي لمعهد أمن المعلومات بجامعة جونز هوبكنز أن "الذين يستخدمون تيك توك قد يعتقدون أنهم لا يفعلون أي شيء قد يثير اهتمام حكومة أجنبية، لكن هذا ليس هو الحال دائما. لا تقتصر المعلومات المهمة حول الولايات المتحدة بشكل صارم على محطات الطاقة النووية أو المنشآت العسكرية. يمتد الأمر إلى قطاعات أخرى مثل تصنيع الأغذية والتمويل والجامعات”.
وحظرت الولايات في العام الماضي المتحدة بيع معدات الاتصالات التي تصنعها الشركتان الصينيتان هواوي و"زد.تي.إي"، مشيرة إلى وجود مخاطر على الأمن القومي، لكن حظر بيع منتج ما، أسهل من حظر تطبيق يمكن الوصول إليه عبر الويب.
وقد تقود مثل هذه الخطوة أيضا إلى المحاكم على أساس أنها قد تنتهك التعديل الأول لدستور الولايات المتحدة كما جادلت بعض مجموعات الحريات المدنية. يُذكر أن هذا التعديل يمنع صياغة أي قوانين تحد من حرية التعبير.