الفيضانات والأعاصير تزيد فقراء أفريقيا فقرا

الأمطار الغزيرة والرياح الشديدة التي بلغت سرعتها القصوى 195 كيلومترا في الساعة تسببت في خسائر مادية تقدر بـ1.72 مليار يورو بحسب البنك الدولي.
الثلاثاء 2021/12/07
يغرقون بحثا عن لقمة

مابوتو - لن تنسى ماليتا تيمبو الليلة التي غرق فيها زوجها في الفيضانات عندما استيقظت الأسرة فزعة بعد انهيار جدران كوخها الطيني في قرية نياشيكادزا في جنوب ملاوي.

وفي الخارج هبت عاصفة أطلق عليها في ما بعد اسم "إيداي"، ووصفها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بأنها "واحدة من أكبر الكوارث المتعلقة بالطقس في تاريخ أفريقيا".

وفي مارس 2019 دمرت "إيداي" القرية والعديد من المناطق الأخرى في موزمبيق وزيمبابوي وملاوي في غضون ساعات قليلة.

وتسببت الأمطار الغزيرة والرياح الشديدة التي بلغت سرعتها القصوى 195 كيلومترا في الساعة في خسائر مادية تقدر بـ1.72 مليار يورو بحسب البنك الدولي.

وتضرر من الكارثة ثلاثة ملايين شخص وأودى الإعصار بحياة أكثر من ألف شخص.

وتتذكر تيمبو باكية "كانت ليلة مليئة بالصراخ حيث انهارت منازل الواحد تلو الآخر"، مضيفة أن الحكومة خصصت لها بعد ذلك خيمة وقطعة أرض للزراعة وكيسين من البذور والأسمدة لكنها ترى أن ذلك ليس كافيا للبدء من جديد.

وتكافح الأم (27 عاما) المسؤولة عن طفلين صغيرين من أجل البقاء على قيد الحياة كل يوم. وتقول تيمبو "لا نجد مخرجا من هذا الوضع".

وبحسب منظمة "جيرمان ووتش" المعنية بالبيئة، فإن خمسا من الدول العشر الأكثر تضررا من تغير المناخ تقع في أفريقيا.

حمل ثقيل من أجل الحياة
حمل ثقيل من أجل الحياة

ووفقا للبيانات فإن موزمبيق الواقعة جنوب أفريقيا هي الدولة الأكثر تضررا في العالم، تليها زيمبابوي المجاورة.

وأيضا الجارة الشمالية لموزمبيق مالاوي، والنيجر في غرب أفريقيا، ودولة جنوب السودان في شرق القرن الأفريقي من بين العشر الأكثر تضررا من تغير المناخ في العالم.

وفقد فرانسيسكو جواو أمادي ممتلكاته في البداية في مقاطعة ماكوميا شمالي موزمبيق بسبب إعصار "إيداي".

وعقب بضعة أسابيع جاءت الضربة الثانية من القدر، حيث أطاح إعصار "كينيث" حرفيا بالسقف من فوق رأس أمادي.

وتسبب "كينيث" في إحداث دمار في أجزاء من تنزانيا وفي جزر القمر بسرعته التي بلغت 200 كيلومتر في الساعة والفيضانات التي بلغ ارتفاعها 2.5 متر.

ومنذ ذلك الحين يعيش أمادي مع زوجته وأطفاله الثلاثة وبعض أقاربه في كوخ صغير صنعه من الحطام كمأوى مؤقت.

118 مليون شخص في أفريقيا سيتعرضون للجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة سنة 2030

وقام المزارع الصغير (29 عاما) بزراعة بعض أشجار الموز وقصب السكر، ولا يكفي إيراد مزروعاته سوى لشراء بضعة أكياس من الأرز والزيت والصابون لعائلته.

ووفقا للمنظمة العالمية للأرصاد الجوية، سيتعرض 118 مليون شخص في أفريقيا للجفاف والفيضانات والحرارة الشديدة بحلول عام 2030.

وبحسب بيانات المنظمة، ترتفع درجة حرارة القارة بصورة أشد ووتيرة أسرع من المتوسط العالمي، على الرغم من أن دول أفريقيا البالغ عددها 54 دولة، تنتج أقل من 4 في المئة من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية.

وحذر رئيس مالاوي لازاروس مكارثي تشاكويرا مؤخرا قبيل بدء مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ (كوب 26) المنعقد في مدينة غلاسكو الأسكتلندية من أن مزيج تغير المناخ وجائحة كورونا قد أدى إلى زيادة تدهور الأوضاع في ملاوي الفقيرة.

وقال تشاكويرا في تصريحات لمحطة "إم.بي.سي" التلفزيونية الحكومية “نحن بحاجة ماسة إلى الاستثمار في إجراءات التكيف”، معربا عن تطلعه للحصول على تمويل من الغرب لهذه المشاريع.

وحتى في زيمبابوي التي تعاني من أزمة اقتصادية طاحنة منذ سنوات عديدة لا تقدر الحكومة على معالجة التداعيات المدمرة. وحذر رئيس الدولة إيمرسون منانغاغوا على تويتر قائلا “إذا استمر تغير المناخ بالسرعة الحالية، سيفقد الآلاف من الزيمبابويين وظائفهم أو منازلهم أو حتى حياتهم”.

نظرة يائسة لواقع صعب
نظرة يائسة لواقع صعب

وأعقب إعصار “إيداي” هذا العام الإعصاران المداريان “إلويز” و”تشالان”. واضطر العديد من الزيمبابويين بالفعل إلى الفرار عدة مرات.

وتعيش إنيتا موراي الزيمبابوية منذ عامين في مدينة من الخيام بدون مياه أو كهرباء، والتي أسسها الصليب الأحمر بالقرب من بلدة شيمانيماني الواقعة شرقي البلاد. ولاقت ابنة موراي (5 أعوام) حتفها خلال فيضانات “إيداي”.

وبدلا من الذهاب إلى المدرسة يعمل الأبناء الثلاثة الذين نجوا من الكارثة لمساعدة والدتهم. ووعدت الحكومة ببناء منازل جديدة لكن الأمر ظل مجرد وعد، حسبما ذكرت الأم (52 عاما) التي لا تجرؤ على الأمل بمستقبل أفضل.

وفي الشمال تعاني دولة النيجر الصحراوية من تناوب الجفاف والفيضانات. وتسبب فيضان نهر النيجر على ضفتيه بوتيرة سريعة قبل بضعة أسابيع في إلحاق أضرار بأكثر من 210 آلاف شخص، نصفهم من الأطفال.

وخسر المزارع عبدالعزيز سومانا محصوله من الأرز بالكامل في قرية كيسكيسوي القريبة من العاصمة نيامي. ويقول سومانا يائسا، وهو أب لثمانية أطفال “ليس لدينا أي فكرة على الإطلاق كيف سنبقى على قيد الحياة”.

وذكر سومانا أن تغيرات الطقس كارثية، حيث تسببت في تراجع المحاصيل لسنوات، وقال “لم نكن نصدق منذ فترة طويلة أن هناك تغير في المناخ، لكننا الآن نعتقد حقا أنه موجود”.

18