الفلسطينيون يتحصنون في مواجهة موجة اليمين الإسرائيلي

هتافات المتعصبين اليهود يجب أن تُؤخذ على محمل الجد لأنها لا تعني سوى إراقة المزيد من دماء العرب ونشر المزيد من الكراهية من قبل التحالف بين نتنياهو وقائمة الصهيونية المتدينة.
الأربعاء 2022/11/16
إيتمار بن غفير صعد كشريك قوي محتمل في ائتلاف نتنياهو

مع هتاف “الموت للإرهابيين” بعد انتخابات الأول من نوفمبر انطلقت حقبة جديدة في إسرائيل. كان هذا الهتاف هو ما استقبل به مؤيدو اليمين الإسرائيلي المتطرف زعيمهم إيتمار بن غفير في تجمع احتفالي لحزب “العظمة اليهودية” (عوتسما يهوديت) في القدس، بعد أن صعد كشريك قوي محتمل في ائتلاف بنيامين نتنياهو. وبما أن إيقاع كلمتيْ “إرهابيين” و”عرب” متطابق في اللغة العبرية، فقد فهم الجميع ما يعنيه الشعار حقا.

يجب أن تؤخذ هتافات المتعصبين اليهود الصاعدين في إسرائيل على محمل الجد، لأنها لا تعني في الحقيقة سوى إراقة المزيد من دماء العرب ونشر المزيد من الكراهية من قبل التحالف بين نتنياهو وقائمة الصهيونية المتدينة التي يعد حزب العظمة اليهودية أحد فصائلها.

وقد يُسرّع هذا التحالف عملية ضم إسرائيل للضفة الغربية المحتلة، ويمكن توقّع تحرك إسرائيلي لضم الأراضي رسميا ما لم يُكبح جماح الأصوليين اليهود. هذا على الرغم من أن نتنياهو وعد قبل عامين بأن مثل هذا الضم لن يحصل مقابل تطبيع الإمارات العربية المتحدة علاقاتها مع إسرائيل.

وبينما لا تزال محادثات الائتلاف جارية يتشكل التحالف الأكثر يمينية ومناهضة للعرب والديمقراطية في تاريخ إسرائيل.

◘ يبدو أن زعيم الليكود المخضرم يعتمد على الصهيونية المتدينة فيما يدعي خصومه أنها خططه لنزع أحشاء القضاء بما سيمكّنه من إسقاط إجراءات التتبع في حقه على خلفية اتهامه بالفساد

قال عيران نيسان، مؤسس مجموعة ميهازكيم اليسارية التي تتابع نمو المتطرفين على وسائل التواصل الاجتماعي، “نحن في بداية فترة قاتمة جدّا. سيكون الفلسطينيون من سكان الأراضي المحتلة وداخل إسرائيل أول المتضررين”.

وأعطت نتائج الانتخابات الإسرائيلية، الخامسة في أربع سنوات، حزب الصهيونية المتدينة ثالث أكبر عدد من المقاعد في البرلمان الإسرائيلي. وكان ألموغ كوهين من بين أولئك الذين يدخلون الكنيست، وهو شرطي سابق يفتخر بالعنف ضد العرب. ويسير زعيم الصهيونية المتدينة بتسلإيل سموتريش على طريق تولي منصب حكومي رفيع. وأعرب عن أسفه لأن إسرائيل لم تطرد جميع الفلسطينيين من أراضيها سنة 1948، عند طرد الغالبية العظمى أو فرارها (حوالي 700 ألف شخص) أثناء ما يعرف بالنكبة.

ومع انتشار العنصرية في البلاد يخشى بعض الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية أن يعيد التاريخ نفسه عاجلا أم آجلا بشكل ما.

ويُذكر أن سموتريش هو مؤمن حقيقي بأيديولوجيا التفوق اليهودي التي يجب بموجبها إخضاع العرب، وأن على إسرائيل أن تحكم كل أرض الكتاب المقدس للسماح بقدوم العصر المسياني. وكانت هذه الأيديولوجيا على مدى عقود من الزمان محفّزا للمستوطنين اليهود على المضي قدما في البناء على الأراضي الفلسطينية المحتلة، وأصبحت الآن مدمجة في هيكل السلطة في إسرائيل.

ويلتزم بن غفير، الذي يسعى للحصول على منصب وزير الأمن الداخلي، بنوع عنيف من نظام معتقد معروف باسم “الكهانية”. وكان قد أدين في السابق بتهمة دعم منظمة إرهابية والحضّ على العنصرية. كما كرّم باروخ غولدشتاين الذي قاد مذبحة الحرم الإبراهيمي في مدينة الخليل الفلسطينية عام 1994.

واستهلّ بن غفير حملته الانتخابية بوعده بطرد المواطنين “المخالفين”. وهو قرار تكتيكي بارع يمكن أن يبدأ بعائلات المهاجمين العرب الممتدة وينطلق من هناك.

وقد يجد أولئك الذين يعتمدون على نتنياهو لكبح كل هذا أنفسهم محبطين؛ إذ يبدو أن زعيم الليكود المخضرم يعتمد على الصهيونية المتدينة فيما يدعي خصومه أنها خططه لنزع أحشاء القضاء بما سيمكّنه من إسقاط إجراءات التتبع في حقه على خلفية اتهامه بالفساد. كما يتمتع نتنياهو بخبرة كبيرة في ممارسة العنصرية ضد العرب، حيث أشرف على تمرير قانون الدولة القومية قبل أربع سنوات، وهو القانون الذي كرّس التفوق اليهودي على المواطنين الفلسطينيين.

وحسب مقابلة أجراها راديو إسرائيل مع عضو الكنيست اليهودي الجديد إسحاق فاسيرلوف يوم الخميس، يبدو أن الحكومة ستبذل المزيد من الجهود لإخراج الفلسطينيين مما يُعرف بالمنطقة (ج) في الضفة الغربية. وهي الأرض التي يرى فيها الفلسطينيون والمجتمع الدولي قلب الدولة الفلسطينية المستقبلية. وقال فاسيرلوف “أولا، نقول إننا (اليهود) أسياد دولة إسرائيل”.

◘ نتائج الانتخابات الإسرائيلية، الخامسة في أربع سنوات، أعطت حزب الصهيونية المتدينة ثالث أكبر عدد من المقاعد في البرلمان الإسرائيلي. وكان ألموغ كوهين من بين أولئك الذين يدخلون الكنيست

وكان قد دعا إلى هدم قرية الخان الأحمر بالضفة الغربية، وهو مخيم بدوي فقير صنّف على أنه بناء غير قانوني، وهو ما تركته الحكومة السابقة بسبب الاعتراضات الدولية.

وذكر فاسيرلوف أن الجرافات ستعمل أيضا على تسوية “جميع المباني غير القانونية”. هذا على الرغم من حقيقة أن السياسات الإسرائيلية التمييزية تجعل من المستحيل عمليا على الفلسطينيين البناء بشكل قانوني. وأضاف أنه يجب “تنظيم” العشرات من البؤر الاستيطانية التي أقيمت بشكل غير قانوني.

ينتمي الناشط السياسي سماح عراقي إلى حزب الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة (حداش)، وهو تحالف سياسي يساري عربي – يهودي. ويتصور الناشط أن الحكومة الجديدة “تقدم المزيد من الدعم” لعنف المستوطنين، وهو أمر نفته الحكومة السابقة.

وقال عراقي “سيكون هناك ضحايا من كلا الجانبين على طول الطريق، لكن هذا ما قرره الجمهور. قد يتسبب الأمر في انتفاضة ثالثة”. ويتوقع في هذه الحالة أن يظهر الفلسطينيون في إسرائيل “تضامنهم” مع فلسطينيي الضفة الغربية. وتابع “أما أين سيتوقف الأمر؟ فلا أدري”.

وتوقع أيضا أن تصبح فكرة طرد المواطنين العرب من إسرائيل أكثر قبولا في ظل الحكومة الجديدة. وقال “حتى لو لم يتم تنفيذ ذلك على أرض الواقع، سيبقى في الخلفية ليسمم وعي الجمهور قطرة تلو أخرى، إلى أن يصبح الطرد مشروعا في النهاية”.

8