الفرعون يزحف صوب روما

الأحد 2015/08/09

بخطى واثقة وثابتة حمل “الفرعون” المصري محمد صلاح زاده وزوّاده، متجها هذه المرة صوب روما من أجل غزوة جديدة يرنو خلالها إلى نحت مسيرة جديدة وتجربة أكثر نجاحا من تجاربه الأوروبية السابقة.

ابن محافظة الغربية في مصر، خاض في السابق بعض التجارب التي عرفت تقلبا بين النجاح الباهر والتعثر، إذ فتح له نادي بازل أبواب الشهرة والمجد منذ سنوات، وتألق معه بشكل لافت ما جعل أقوى الأندية تتهافت عليه وتطلب وده، ليفوز نادي تشيلسي الإنكليزي بتوقيع الجناح الطائر محمد صلاح، بيد أن هذه التجربة في الملاعب الإنكليزية لم تعرف النجاح المطلوب بحكم عوامل عدة، أهمها قوة المنافسة في الفريق وعدم انسجام اللاعب بسرعة مع “فلسفة” المدرب خوزيه مورينهو، ليخيّر الانتقال بعد أقل من موسم إلى نادي فيورونتينا الإيطالي على سبيل الإعارة.

في هذه التجربة القصيرة كان نصف موسم كافيا كي يؤكد الفرعون عن نبوغه وعبقريته، فجاب البلاد طولا وعرضا و”احتل” كل الأراضي الإيطالية بلمسة “ساحر” مقتدر أبهر الجميع وأدهشهم بقدراته الكبيرة ومهاراته العالية وحسه التهديفي في أغلب المباريات التي شارك فيها مع “الفيول”، أي فيورونتينا، إلى درجة أن مدربه آنذاك الإيطالي مونتيلا تحدث عن ميلاد توتي جديد في الملاعب الإيطالية.

ربما صدقت توقعات مونتيلا، فاللاعب العبقري فرانشيسكو توتي الذي يعتبر أحد أساطير نادي روما وأبرز رموز الكرة الإيطالية، سيكون بداية من ليلة البارحة في المواجهة الودية ضد فالنسيا الأسباني زميلا لمحمد صلاح الذي انضم إلى جمعية روما لمدة موسم على سبيل الإعارة قادما من تشيلسي.

لقد حانت ساعة “الزحف” نحو روما كي يكمل الفرعون غزو إيطاليا واحتلال ملاعبها بفنياته وسرعته ومهاراته الرائعة، في الموسم الماضي تألق كأفضل ما يكون في عدة مباريات سواء ضد اليوفي أو روما، وبات مصدر تنويه الجميع والموضوع الأساسي في أغلب الصحف الإيطالية على امتداد أسابيع طويلة، لكن إنهاء “معركة” الزحف لا بد أن تمر من بوابة “روما العظيمة”، وتقمص زيّ “الذئاب” ومزاملة توتي هي من أركان حسم الغزوة ومن شروط نجاحها.

وبما أن هذا الفرعون يدرك جيدا أن نادي روما يعتبر حاليا ثاني أقوى فريق في إيطاليا بعد يوفنتوس وسيشارك في مسابقة دوري أبطال أوروبا، فإن التوقيع لهذا النادي يعد بمثابة الحصول على المفتاح الأول لضمان اكتمال الزحف على روما وفرض السيطرة ومواصلة انتزاع اعتراف الجميع بموهبته الفذة.

ربما قد يجد صلاح هذا اللاعب العربي صاحب الأربع والعشرين ربيعا بعض الصعوبات لفرض نفسه كنجم لا يشق له غبار وفارس يهابه الجميع في العاصمة روما، وقد يكتشف أن الرمال ستكون متحركة تحت أقدامه إلاّ أنه أحسن الاختيار، فجمعية روما تعتبر منبت الأبطال والبوابة نحو أفاق أكثر رحابة، بوصلته لتحقيق ذلك ما فعله من قبله العربي المغربي مهدي بن عطية الذي وطئت قدمه أرض روما قادما من نادي أودينيزي، قبل أن يستشرف بعد ذلك تحديا أكثر أهمية على الأراضي البافارية الألمانية وتحديدا مع نادي بايرن ميونيخ.

وأمام نجم المنتخب المصري تبدو كافة شروط النجاح مكتملة القواعد، فالظهور ضمن التشكيل الأساسي يبدو مضمونا، خاصة وأن مدرب جمعية روما رودي غارسيا عبّر عن سعادته وارتياحه بعد التوقيع مع صلاح، كما أن هذا اللاعب يعرف جيدا الآن خصوصيات اللعب في الدوري الإيطالي القوي من الناحية البدنية والفنية بعد أن حقق الموسم السابق نجاحا منقطع النظير مع فيورونتينا.

فضلا عن ذلك سيكون الفرعون المصري مدعوما من الجميع بمن في ذلك مدربه السابق مورينهو الذي أكد في مناسبات عدة أنه لولا وجود البلجيكي المتألق على الدوام إيدين هازار ضمن التشكيل الأساسي لتشيلسي، لكان صلاح أحد الأعمدة في الفريق.

وبما أن هذه المعطيات قد تجعل النجم السابق لنادي بازل السويسري يسير نحو مجد جديد ونجاح آخر، فإن هذا النجم المصري مطالب اليوم بأن يجسد حلمه على أرض الواقع، خاصة وأنه اختار المضي قدما نحو روما دون غيرها رغم تلقيه في الفترة الماضية عدة عروض.

سيتعين على صلاح أن يبرهن للجميع أنه اختار الوجهة الصحيحة لتحقيق أهدافه وطموحاته، وهو ما أكده بنفسه عندما قال إنه سعيد للغاية بالوصول إلى روما التي تتوفر فيها كافة الشروط للتألق والحصول على الألقاب خلال الموسم الجديد.

وبين الطموح والأحلام من جهة والواقع من جهة أخرى فإن الفرعون المصري سيجد من المتعة والمنافسة القوية ما يجعله يضاعف جهوده كي يكتمل نجمه ويسطع أكثر في سماء روما، ومن ثمة التطلع إلى بسط نفوذه في مناطق أخرى من الأراضي الأوروبية.

كاتب صحفي تونسي

23