الفرعون المصري محمد صلاح يكتب التاريخ مع ليفربول

لندن- في موسم صُنِّف في بدايته من قبل كثر على أنه تجريبي نتيجة مغادرة المدرب الألماني يورغن كلوب بعد ثمانية مواسم رائعة مع الفريق، ساهم المصري محمد صلاح بشكل أساسي في نجاح مهمة خليفته الهولندي أرنه سلوت الذي خالف التوقعات وقاد "الحمر" أولا إلى نهائي كأس الرابطة حيث خسروا أمام نيوكاسل يونايتد، ثم نجحوا الأحد في حسم لقب الدوري قبل أربع مراحل على ختامه.
وسجل صلاح في حملة "الحمر" نحو اللقب الثاني فقط منذ 1990 ومعادلة الرقم القياسي المسجل باسم الغريم مانشستر يونايتد (20)، 28 هدفا حتى الآن مع 18 تمريرة حاسمة ما يجعل مسألة فوزه بجائزة أفضل لاعب في الدوري للمرة الثالثة في مسيرته مسألة شكلية، وبات النقاش الآن حول مكانته بين أعظم اللاعبين في عصر الـ"برميرليغ" الذي انطلق في مطلع التسعينات.
يُمثّل مردوده الهجومي البالغ 46 بين أهداف وتمريرات حاسمة رقما قياسيا جديدا في الدوري الممتاز لموسم من 38 مرحلة. ويبدو أن الرقم القياسي المطلق (الدرجة الأولى سابقا والدوري الممتاز) والبالغ 47 بين أهداف وتمريرات حاسمة في متناوله تماما مع بقاء أربع مراحل.
أفضل الهدافين
ويحتل صلاح المركز الخامس على لائحة أفضل الهدافين في تاريخ الدوري الممتاز (185 هدفا)، وهو من بين أفضل 10 لاعبين من حيث التمريرات الحاسمة. ولم يصل "الفرعون" المصري إلى "أنفيلد" كنجم خارق عندما دفع ليفربول 34 مليون جنيه استرليني (45 مليون دولار) لروما مقابل خدماته في 2017. وكجناح سريع واعد، عانى من الثبات في الأداء والإنتاجية منذ رحيله عن مصر للانضمام إلى بازل السويسري وهو في التاسعة عشرة من عمره.
فشل صلاح في تحقيق المستوى المطلوب في مروره الإنجليزي الأول حين دافع عن ألوان تشلسي، وتخلص منه النادي اللندني بعد 19 مباراة فقط في قرار خاطئ تماما بحسب ما أثبت الزمن. وأمضى صلاح فترتي إعارة في الدوري الإيطالي مع فيورنتينا ثم روما قبل أن ينضم إلى نادي العاصمة بشكل دائم.
وأدى أداؤه مع "غالوروسي" إلى استعادة بريقه وأغرى ليفربول بالمراهنة على إمكاناته حتى لو لم يكن الخيار الأول للمدرب كلوب الذي كان يفضل التعاقد مع مواطنه يوليان براندت، لكن كشافي النادي أقنعوه بضم المصري في خطوة أعطت ثمارها تماما، لينجح الرجلان معا في إعادة "الحمر" إلى قمة كرة القدم الإنجليزية والأوروبية. لم يكن كلوب بحاجة إلى الكثير من الوقت للاقتناع بصحة هذا القرار، إذ سجل صلاح 44 هدفا في موسمه الأول في "أنفيلد"، ليقود ليفربول إلى نهائي دوري أبطال أوروبا وضمن المراكز الأربعة الأولى في الدوري الممتاز.
شخصية أيقونية
سرعان ما أطلقت عليه كنية "الملك المصري" في ميرسيسايد بعدما راكم الألقاب الواحد تلو الآخر. وغادر صلاح ملعب نهائي دوري أبطال أوروبا 2018 أمام ريال مدريد الإسباني باكيا بعدما أُجبر على الخروج في الشوط الأول بسبب إصابة في الكتف نتيجة تدخل ماكر من سيرجيو راموس، ما أثر أيضا على مردوده مع المنتخب المصري بعدها بأسابيع معدودة في مونديال روسيا.
لكن بعد عام واحد، لعب المصري دور البطل وسجل في نهائي المسابقة القارية حين فاز فريقه على مواطنه توتنهام 2-0، محققا أول الألقاب في عهد كلوب. وتبع ذلك فوز ليفربول في عام 2020 بلقبه الأول في الدوري المحلي منذ 1990، وأضاف إليه إحراز كأسي إنكلترا والرابطة مرتين، إلى جانب الوصول لنهائي دوري الأبطال عام 2022 أيضا.
أُدرج صلاح في قائمة مجلة "تايم" لأكثر 100 شخصية تأثيرا في 2019، ووُصف بأنه "شخصية أيقونية للمصريين، أبناء ليفربول والمسلمين حول العالم". لكن تأثيره الأكبر بالتأكيد كان في الملعب. ينشر صلاح، المهووس بالمحافظة على لياقته البدنية، بانتظام صورا لتدريباته على وسائل التواصل الاجتماعي، في روتين يلعب دورا رئيسا في بقائه بين نخبة لاعبي العالم على الرغم من أعوامه الـ32. وقال سلوت "ليس الأمر بالصدفة، فمنذ اليوم الأول لوصولي إلى هنا أجرينا اختبارا للياقة البدنية، وكان هو اللاعب الأكثر لياقة لدينا. هذا يُخبرك عن خططه للموسم. كما يُخبرك كثيرا عن شخصيته".