الفراعنة في انتظار خليفة عصام الحضري

القاهرة - من المؤكد أن الطمأنينة التي تبعث في قلوب جماهير فريق ما ومن قبله الجهاز الفني، بوجود حارس بعينه داخل المرمى، هي من منحت الحارس المصري المخضرم عصام الحضري هذه الشعبية، حتى أن إعلانه عدم تمثيل منتخب الفراعنة مرة أخرى واعتزال اللعب الدولي مؤخرا، كان مفاجأة رغم بلوغه السادسة والأربعين من عمره.
لكن التساؤل الملح الذي طرح نفسه عقب قرار حارس الفراعنة اعتزال اللعب دوليا، هو من يحل محله؟ وهذا التساؤل عرج على نقطة أخرى مهمة وهي فكرة الحارس الأوحد كسمة غالبة طوال تاريخ المنتخب المصري.
وينتظر منتخب الفراعنة مباراة مهمة أمام منتخب النيجر في التصفيات المؤهلة لكأس الأمم الأفريقية 2019 بالكاميرون، وهي المباراة التي يبدأ منها المكسيكي خافير أغييري عمله الرسمي من على مقعد المدير الفني للمنتخب المصري، بعد أن تعاقد معه اتحاد الكرة خلفا للأرجنتيني هيكتور كوبر، ومع اقتراب المباراة يزداد التساؤل حول من هو القادم بعد رحيل الحضري؟
قائمة للحراس
تكرر نفس السيناريو عقب رحيل حراس مرمى الفراعنة تباعا، ومن قبل الحضري كانت هناك قائمة تضم نجوم الحراس في مصر، ممن تولوا تباعا حماية عرين الفراعنة في كافة المحافل، قرابة أربعين عاما مضى، منهم نادر السيد وأحمد شوبير وثابت البطل وإكرامي، لأن كل هؤلاء احتفظوا بأماكنهم لفترات طويلة، رغم وجود حراس احتياطيين وآخرين صاعدين.
يبحث عرين منتخب مصر عن “سد عال” جديد، وهو لقب أطلقته الجماهير على الحضري، ويعتبر حارس الزمالك أحمد الشناوي الأبرز لحجز مكان الحضري، كونه يعتبر الحارس الأساسي للمنتخب، قبل أن يعود الحضري للتألق بعد غياب، في كأس الأمم الأفريقية 2017 بالغابون، لكن حارس مرمى فريق النادي الأهلي محمد الشناوي نجح في أن يتقدم بخطوات ثابتة لنيل هذا الشرف، فقد كان الحارس الأساسي في كأس العالم بروسيا، بل وحصل على لقب رجل المباراة في أول مباراة دولية رسمية له، أمام منتخب الأوروغواي في المونديال.
كانت الظروف قد منحت حارس الأهلي فرصة تمثيل منتخب بلاده في المونديال، بعد إصابة أحمد الشناوي، الذي كان مقررا له أن يحرس عرين الفراعنة في البطولة، وهو ما يؤكد أن مشوار أي حارس يتوقف على درجة صبره ومثابرته لحين الإمساك بفرصة المشاركة.
منتخب مصر يبحث عن 'سد عال' جديد، وهو لقب أطلقته الجماهير على الحضري، ويعتبر الشناوي هو الأبرز لخلافته
يبلغ الصاعد الجديد 30 عاما مع خطواته الدولية الأولى، وإذا كان معروفا عن حراس المرمى أنهم من المعمرين في الملاعب أكثر من اللاعبين، فإن الشناوي لا يصنف على أنه صغير السن، ومقارنة بحراس آخرين تعتبر تلك الفترة هي سن التوهج واكتساب الخبرات؛ فالحارس الإسباني دي خيا لا يزال في سن الـ28، والبلجيكي كورتوا -أحد أفضل الحراس الذين تهافتت عليهم أندية أوروبا حتى ظفر به نادي ريال مدريد الإسباني- لا يزال في السادسة والعشرين من عمره.
وبدأ عصام الحضري نفسه تألقه دوليا بعد سن الثلاثين، وتحديدا في كأس الأمم الأفريقية التي استضافتها مصر في عام 2006، ويعود ذلك إلى أن مركز حراسة المرمى من المراكز الثابتة داخل الفريق الواحد. وأوضح فكري صالح، مدرب حراس منتخب مصر سابقا، لـ”العرب”، أن حارس المرمى في مصر يمكن أن ينتظر فرصته لسنوات طويلة، بسبب ثبات التشكيل على الحارس الأساسي. وأضاف أن حارس الأهلي ومنتخب مصر الأسبق أحمد شوبير ظل حبيسا لدكة البدلاء نحو 7 سنوات، بسبب وجود الراحل ثابت البطل (حارس مرمى الأهلي)، فالحارس البديل لم تتح له المشاركة إلا في المباريات الودية أو عند إصابة الحارس الأساسي.
ولذا فكّرت بعض الأندية في اتباع سياسة الدور في مركز حراسة المرمى، لكن أحدا لم ينفذ الفكرة لحساسية المركز، لا سيما أنه في لغة الكرة يعتبر حارس المرمى بمثابة نصف الفريق. ويرى فكري صالح في الحارس محمد الشناوي أنه الأنسب لملء مكان عصام الحضري، وسيصل إلى نفس المكانة قريبا، لأنه يمتلك مقومات عديدة، أبرزها الثقة بالنفس، وهو ما وضح في أول مشاركة له ببطولة كبرى مثل المونديال.
عدم التمركز
يعيب الشناوي عدم التمركز الجيد، وهذا من الأخطاء التي ظهرت في مباريات فريقه (الأهلي) في الدوري المصري، وسوف يتغلب على ذلك مع مرور الوقت، لكن الأهم هو عمل مدربه على علاج ذلك.
وأثنى فكري صالح على مستوى حارس الإسماعيلي محمد عواد، كأحد من يستحقون نيل شرف تمثيل المنتخب المصري، وكان من أحسن حراس الدوري الممتاز في الموسم الماضي، مؤكدا أن أيا من هذه الأسماء يستطيع الوصول إلى ما وصل إليه الحضري، شريطة بذل نفس الجهد والعمل على ثقل الموهبة.
ولفت صالح إلى أن وجود أي حارس على دكة البدلاء يفقده حماس المشاركة، وقد يفقده الأمل في نيل هذه الفرصة، وهناك حراس كثر جاؤوا واعتزلوا دون أن يعلم بهم أحد، لذا لا بد أن يكون تدريب الحراس أشبه بالمباريات الرسمية، ومنح الحراس البدلاء فرصة المشاركة في المباريات، ولو على فترات طوال الموسم الكروي، كي لا يقع المنتخب المصري في مأزق البحث عن الحارس البديل.
وتنتظر أسماء عديدة ملء الفراغ الذي تركه الحضري، منها أحمد الشناوي (الزمالك) ومحمد الشناوي (الأهلي) ومحمد عواد (الإسماعيلي)، وإن كان الأخير بعيدا عن دائرة الاهتمام، كونه لا ينتمي إلى النادي الأهلي أو الزمالك المسيطرين على حراسة مرمى المنتخب منذ عقود طويلة، غير أن ثبات المستوى والقدرة على الاستمرار هما الفارق الوحيد بينهما. وهي الصفة التي تحلى بها الحضري الذي ظهر في آخر مباراة له مع المنتخب وكأنه في العشرين من عمره، وله مقولة شهيرة “أنا أتدرب كحارس مبتدئ يسعى للحفاظ على مكانه".