العقارات الافتراضية تجارة مربحة كسلع العالم الحقيقي

العلامات التجارية تتنافس للاستثمار والبيع والشراء في سوق ميتافيرس.
الأحد 2022/07/03
ليس حلما إنه بيع وشراء

فتح عالم ميتافيرس الافتراضي مجالا للدردشة واللعب وحتى المشاركة في الحفلات الموسيقية، لكنه تطور حتى أصبح يشبه الأحلام والجنون بدخوله عالم الاستثمار والبيع والشراء، فمن يصدق اليوم أن المستثمرين يتهافتون بشدة على امتلاك العقارات الرقمية، منصات مثل “ذي ساندبوكس” و”ديسنترالاند” و”كريبتو فوكسلز” و”سومنيوم سبايس” تجيب على ذلك بالأرقام.

باريس - توفّر منصة “ذي ساندبوكس” للشركات فرصا للاستحواذ على عقار افتراضي في ميتافيرس يؤمّن لها حضوراً بارزاً في مجال الإنترنت الجديد (ويب 3) الذي يعتبر ثورة في مجال الشبكة العنكبوتية، خاصة في ما يتعلق بحماية المستخدمين من رقابة الأنظمة الاستبدادية.

واستقطبت المنصة حتى الآن إلى عالمها الرقمي هذا أكثر من 300 علامة تجارية.

ويتجاوز العشرين ألفاً عدد مالكي واحد من العقارات البالغ إجماليها 166464 في هذا العالم الافتراضي القائم على رسوم موجزة ومكعبة وطفولية والذي يمكن ولوجه من دون خوذة واقع افتراضي، من بينهم شركات على غرار “أكسا” و”غوتشي” و”إتش.إس.بي.سي” و”أديداس” و”كارفور” و”يوبيسوفت”.

وتحتوي هذه الخارطة على عدد محدود من الأراضي “وهذه ليست حال كل العوالم الافتراضية اللامركزية”، على ما قال المؤسس المشارك لـ”ساندبوكس” سيباستيان بورجيه (37 عاماً)، مضيفاً “لقد بعنا 70 في المئة منها حتى الآن”.

منصة "ذي ساندبوكس" استقطبت حتى الآن أكثر من 300 علامة تجارية من الباحثين عن

يذكر أن “ذي ساندبوكس” واحدة من أربع منصات تهتم بالعقارات الافتراضية عبر مواقع الميتافيرس الرئيسية الأربعة وهي “ديسنترالاند” و”كريبتو فوكسلز” و”سومنيوم سبايس”.

وتعتبر هذه المنصات ميتافيرس حقيقية تتيح للمستخدمين استكشاف عوالم موازية من خلال خوذ الواقع الافتراضي، لكنّ العقارات الرقمية تشكّل منذ الآن أصولاً مالية، مثل العقارات الحقيقية نفسها، ويمكن البناء عليها أو تأجيرها أو بيعها.

ويرى الخبير أندرو كيغيل الذي عمل لمدة 20 عاماً كمصرفي متخصص بالاستثمار في قطاع العقارات أن الأراضي الافتراضية تشكّل فرصة مشابهة لسلع العالم الحقيقي، إذ هي تقع في حي عصري ومزدحم. وأوضح أنها “أماكن للإعلان والأحداث سيجتمع فيها الناس”، مضيفا “لو لم أجرِ أبحاثاً اكتشفت من خلالها أنها أملاك ذات قيمة عالية، لبدا ذلك جنوناً تاماً”.

وكان حجم السوق العالمية لبيع الأراضي الافتراضية تجاوز أصلاً 500 مليون دولار عام 2021 بفعل منافسة المنصات الأخرى، وتبلغ حصة “ساندبوكس” من السوق 60 في المئة وفقًا لمؤسسها المشارك.

ولكن ما هو الهدف من امتلاك عقار افتراضي في ميتافيرس، وهي شبكة من المساحات الافتراضية المترابطة توصف بأنها مستقبل الإنترنت؟

يقول سيباستيان بورجيه “إنها تشبه إلى حد كبير العقارات في العالم الحقيقي، وهي مساحة يمكن من خلالها إنشاء تجارب تتيح بعد ذلك تحقيق الدخل منها، عن طريق بيع المحتوى أو تأجير هذه المساحة لصانعي محتوى آخرين”.

Thumbnail

وانطلقت “ساندبوكس” عام 2011 كلعبة فيديو، لكن المنصة التي أسسها فرنسيان ما لبثت أن انعطفت في اتجاه “الويب 3” منذ استحواذ شركة “أنيموكا براندز” في هونغ كونغ عليها عام 2018، لتصبح عالماً افتراضياً انغماسياً، يمكن فيه للمشاركين من خلال صورهم الرمزية (أفاتار) أن يدردشوا أو يلعبوا أو يتبادلوا قطعاً رقمية فريدة (إن.إف.تي) وحتى أن يشاركوا في حفلات موسيقية.

بالإضافة إلى بيع الأراضي، يقوم نموذج أعمال المشروع على تقاضي عمولة بنسبة 5 في المئة على كل المعاملات والتبادلات التي تتم عبر المنصة.

ويشرح سيباستيان بورجيه أن “المستخدمين يمتلكون محتواهم الرقمي. الصورة الرمزية والتجهيزات والأراضي والمنازل (…) كل شيء يخصهم”.

وحققت “ساندبوكس” إيرادات بقيمة 200 مليون دولار العام الفائت. أما عملة “ساند” المشفرة المرتبطة بها والتي تُستخدم خصوصاً لشراء المستخدمين الملابس لصورهم الرمزية، فتتجاوز قيمة رسملتها 2.5 مليار يورو.

ويؤشر جمعُ “ساندبوكس” 93 مليون دولار في عملية اكتتاب نظمتها في نهاية عام 2021 إلى الاهتمام الذي تثيره في صفوف المستثمرين.

وشهد اهتمام العلامات التجارية الكبرى بميتافيرس منذ إعلان فيسبوك في نهاية عام 2021 عزمها على جعل هذا العالم الافتراضي مشروعها الجديد، وإطلاق تسمية “ميتا” على شركتها الأم.

ولاحظت المستشارة التكنولوجية للشركات التي ترغب في دخول ميتافيرس كاثي هاكل أن نقطة التحول الاستراتيجية “أتاحت لملايين من الأشخاص اكتشاف المصطلح بأسرع بكثير” مما كانت تتوقع.

وأضافت “لا يشكّل النشاط الكبير في السوق الذي يتفاعل فيه الملاك والمستأجرون والمطورون العقاريون مفاجأة، حيث أن هؤلاء يترجمون إلى العالم الافتراضي ما يتقنونه جيداً” في العالم الحقيقي.

Thumbnail

ويتوقع بورجيه أن يصبح لكل قطاعات العالم الحقيقي تقريباً حضور في “ساندبوكس”، كالثقافة والأزياء والمنتجات الفخمة والألعاب أو حتى الموسيقى.

أما سرّ هذا الإقبال فيكمن، بحسب بورجيه، في كون العلامات التجارية “احتاجت إلى وقت طويل” لتدرك ضرورة ركوب موجة الويب “وللمرة الأولى، تميل إلى حجز مكان لنفسها في ‘الويب 3’ قبل ذلك بقليل تفادياً لتكرار أخطائها السابقة”.

ويشرح أن “العلامات التجارية لا تهدف من انضمامها إلى هذا العالم إلى تحقيق الدخل، فالسبيل إلى ذلك غير معروف بعد، ولا يزال الجمهور بحاجة إلى الكثير من التثقيف” في هذا الشأن، لكنّ هذا العالم هو “قبل كل شيء مساحة للابتكار”.

وإذا نجح ميتافيرس في نهاية المطاف في جذب عامة الناس، فقد تصل الإيرادات التي يولّدها إلى ما بين أربعة آلاف وخمسة آلاف مليار دولار بحلول سنة 2030، وهو ما يعادل الاقتصاد الياباني، وفقًا لدراسة أجرتها شركة ماكينزي.

وقد استقطبت “ساندبوكس” التي لا تزال قيد الإنشاء 350 ألف زائر عند فتحها أخيراً أمام الجمهور في مارس الفائت، على ما يفيد سيباستيان بورجيه الذي يتطلع على المدى الأبعد إلى جمهور يشبه جمهور لعبتي الفيديو فورتنايت وروبلوكس، أي يتألف من مئات الملايين من المستخدمين.

ويقول “نأمل في أن نصل إلى هذا المستوى في غضون خمس إلى عشر سنوات”.

15