العصائر التقليدية تطفئ عطش الصائمين في سوريا

العرقسوس والتمر الهندي والخرنوب والجلاب مشروبات رمضانية تزين الموائد في الشهر الكريم.
الاثنين 2020/04/27
تقاليد مميزة

في رمضان يحتاج الصائم إلى كميات من السوائل لتنشط الجسم، لذلك يلجأ السوريون إلى العصائر التقليدية ذات الفوائد الصحية التي تعلّموها عن أجدادهم من زمان، أغلبهم يشتريها جاهزة من الدكاكين عادة أوالبسطات التي تنتشر في الأسواق في هذا الشهر من السنة.

دمشق - يعتبر العرقسوس والتمر الهندي والخرنوب وقمر الدين من أشهر المشروبات الرمضانية التي لا تكاد تخلو منها موائد الإفطار وتمتاز بمذاقها اللذيذ واحتوائها على الكثير من العناصر الغذائية التي تروي الظمأ وتنعش خلايا الجسم وتمنحها الطاقة والحيوية.

وتنتشر في الأسواق السورية البسطات والدكاكين التي تبيع هذه العصائر طيلة شهر رمضان الذي يفقد الكثير من نكهته هذا العام بسبب الحجر الصحي.

الشاب أحمد الجود لم تمنعه دراسته الجامعية من تعلم كيفية صناعة هذه المشروبات للحفاظ على المهنة التي توارثتها العائلة أبا عن جد في دكانهم في مدينة اللاذقية.

يقول أحمد إن العرقسوس والتمر الهندي من المشروبات التي ارتبط اسمها بشهر رمضان وتحظى بإقبال كبير إلى جانب الخرنوب وشراب التوت والتي يكثر الطلب عليها في رمضان خلال فصل الصيف أيضا، مضيفا أن والده يزاول هذه المهنة منذ أكثر من 50 عاما، وقد تمكن بفضل عمله المتقن أن يصنع لنفسه اسما في هذا المجال.

ويقول صالح الباشا بائع العرقسوس والتمر الهندي في دمشق، “على الرغم من أن عمله على مدار العام، إلا أن زبائنه يكثرون في شهر رمضان، نظرا لأهمية هذه المشروبات الرمضانية التي يحتاجها الصائم”، مبينا حرصه على تحضير وتجهيز كميات محدودة من هذه المشروبات كي يبيعها طازجة وباردة.

مشروب رمضان
مشروب رمضان

ويضيف أنه على الرغم من موجة الغلاء التي تشهدها الأسواق خلال هذه الأيام والحجر الصحي الذي سيمنع السوريين من متعة التسوق خاصة قبل موعد الإفطار إلا أن المبيعات تشهد نشاطا.

ويعد العرقسوس من المشروبات الباردة والمرطبة التي تعمل على تبريد الجسم وتطرد العطش بعد الصيام، كما يعتبر طاردا للبلغم والسعال،، فضلا عن أنه يعد من أفضل العصائر المرطبة للمصابين بمرض السكري.

ويتم تحضير شراب السوس عن طريق نقع العرقسوس النظيف في الماء عدة ساعات من أجل استخلاص خيراته وحلاوته، ومن ثم وضعه في قطعة شاش ويصب الماء فوقها بشكل لاستخلاص الشراب بكامل خواصه ويتم بعدها تعبئته في أباريق التقديم وتبريده.

يقول الشاب أحمد، إن الخطوة الأولى هي تخمير السوس حيث تطحن وتجهز أعشاب وجذور العرقسوس في آلة خاصة، وتخلط معها كمية قليلة من الماء وتقلب مدة ساعة أو ساعتين ثم توضع في أكياس من القماش ناعمة للحصول على شراب نقي وصاف ويصب عليها الماء بشكل مستمر، ثم ينقل إلى آلة خاصة بالتعبئة والتغليف ليتم بيعها للصائمين.

ويعتبر شراب التمر الهندي من أكثر العصائر التي يقبل عليها الصائمون في رمضان وهو محبب عند الكبار والصغار حيث يستخدم كملين لطيف ومبرد منعش ويفيد لحالات الإمساك والاضطرابات المعوية والكسل. ويحضّر التمر الهندي بنقعه في الماء البارد لعدة ساعات، أو في الماء المغلي لمدة بسيطة وتركه حتى يستقر ثم يصفى ويضاف إليه قليل من السكر ووضعه بأباريق، ويمكن أن يضاف إليه قليل من قطرات ماء الزهر.

يقول خبير التغذية عروة محمود إن “تناول التمر الهندي علاج مطهر ويقلل من ارتفاع حرارة الجسم ويخفف من أعراض الحمى”.

من جهة أخرى يحذر محمود من الإفراط في تناول التمر الهندي لاحتوائه سكر الفركتوز مع ضرورة انتباه المرضى الذين يتناولون عقاقير تحتوي مادة الأسبيرين أو الإيبوبروفين .

التمر هندي من أكثر العصائر التي يقبل عليها الصائم وهو محبب عند الكبار والصغار حيث يستخدم كمليّن  ومنعش
التمر هندي من أكثر العصائر التي يقبل عليها الصائم وهو محبب عند الكبار والصغار حيث يستخدم كمليّن  ومنعش 

يشار إلى أن التمر الهندي أهم أشجار البقوليات المعمرة والضخمة وأزهاره مائلة للون الأبيض المصفر.

أما بالنسبة لشراب الخرنوب، فيبين أحمد أنه ينقع في الماء الساخن لفترة محددة ويصفى ثم يضاف إليه السكر وماء الزهر ويقلب جيداً حتى يذوب السكر ثم تتم تعبئته في أكياس ويصبح جاهزاً للبيع.

ويقول المهندس الزراعي نضال رسلان، إن ثمار الخرنوب غنية بالعناصر المعدنية مثل الكالسيوم والحديد والمغنيزيوم والبوتاسيوم والفيتامينات التي تساعد الصائم على تحمل ساعات الجوع الطويلة،   البكتيريا الضارة في الأمعاء.

ومن العصائر التقليدية التي تدخل كل البيوت في رمضان، مشروب الجلاب ويعد من العصائر المفضّلة والمحببة للصائمين في سوريا ودول أخرى مجاورة.

ويستخلص الجلاب من التوت الشامي أو زبيب العنب والتمر، وفي السنوات القليلة الماضية أصبح يحضر بطريقة صناعية.

يقول الشاب لؤي من سكان دمشق والذي يشرف على دكان والده في الصالحية، إنه كان منذ طفولته يذهب إلى دكان والده ليمد له يد العون في محل العصائر الصغير.

ومنذ أكثر من عشر سنوات، يشارك لؤي (23 عاما) في عمل والده، وهو اليوم حريص على الحفاظ على الوصفة التقليدية للجلاب الموروثة عبر أجيال في عائلته، كما تعلمها.

ويصنع الجلاب من ماء الورد والتمر ودبس العنب، وغالبا ما يقدم مع الثلج والصنوبر والزبيب.

يروي العطاشى
يروي العطاشى

وتبدأ عملية صنعه بصب ماء ساخن على دخان بخور يحترق ويخلط بباقي المكونات ثم يُقلب كثيرا.

ورغم حرص لؤي على إتباع وصفة عائلته بدقة، فإنه يسعى جاهدا لتحقيق توازن بين التقليد والتوجهات الجديدة.

وقال لؤي “العصائر التقليدية لا تغيب عن مائدة رمضان، فلا بد أن يكون هناك تمر هندي أو جلاب أو سوس مع الحلويات، هذه عادات لا يتنازل عنها لا فقير ولا غني”.

وقال أحد زبائن دكان عائلة لؤي “في رمضان، المشروب المفضل هو التمر والجلاب، كلاهما يحافظ على عدم العطش، كل الصائمين يقبلون على هذه المشروبات التقليدية التي ورثناها عن أجدادنا”.

وإضافة إلى الجلاب يبيع لؤي التمر الهندي والليمون وشراب التمر والعرقسوس وعصير المشمش التقليدي المعروف باسم قمر الدين.

ويختص مشروب قمر الدين، بشهر الصيام، ويصنع من عجينة المشمش المجفف. وهناك عدة أسباب لتسميته بهذا الاسم، أحدها أنه يطرح في الأسواق قبيل رمضان بيوم، أي ليلة رؤية الهلال، فارتبط اسمه باسم رؤية قمر أو هلال رمضان.

ويقول لؤي، إن عصر قمر الدين يصنع من شرائح المشمش المجفف، ثم صبه في صحون كبيرة أو على ألواح خشبية ملساء ويترك ليجف في الشمس ويقطع إلى قطع مستطيلة أو مربعة، ومن ثم يٌقدم مشروبا للصائمين بعد نقعه في الماء وإضافة السكر.

20