العالم العربي يُكسب "الجمعة السوداء" لونا أبيض

تحولت الجمعة من سوداء إلى بيضاء نظرا لخصوصية يوم الجمعة لدى المجتمعات العربية.
السبت 2019/11/16
الفرصة لا تأتي إلا يوم الجمعة

“الجمعة السوداء” تقليد أميركي أصبح يحظى في الوطن العربي بمكانة كبيرة، حيث يحل هذا الحدث في أكثر من دولة عربية قبل أسبوع أو أكثر من تاريخه العالمي تحت مسمّى “الجمعة البيضاء”، ويتزاحم الناس خلال أيامه على كبرى المحلات التجارية للشراء بتخفيضات خيالية.

لندن – يعلق الكثير من الناس بمختلف دول العالم ولاسيما العرب آمالا على التخفيضات الكبيرة التي تطرحها جل المحلات التجارية الكبرى بحلول شهر نوفمبر من كل سنة، بفضل ما يعرف بـ”البلاك فرايدي” (الجمعة السوداء) أو “الجمعة البيضاء”.

ودأبت مواقع التسوق الإلكتروني العربية، منذ خمس سنوات، على تقديم خصومات كبيرة لزبائنها تحت مسمى “الجمعة البيضاء”، في الفترة نفسها التي تشهد فيها الأسواق بالولايات المتحدة وأوروبا ما يعرف باسم “الجمعة السوداء”، وتم اختيار اللون الأبيض بدلا من الأسود نظرا لخصوصية يوم الجمعة لدى المجتمعات العربية.

وبذلك تعد الجمعة البيضاء أكبر موسم مبيعات في منطقة الشرق الأوسط ودول المغرب العربي وقد لا يقتصر على يوم واحد كما هو الحال في الجمعة السوداء، فموقع “جوميا” الإلكتروني في تونس مثلا، وهو من أشهر المتاجر في الوطن العربي، خصص ابتداء من 05 نوفمبر الحالي إلى 29 منه، فترة للتخفيضات تصل إلى 70 بالمئة.

كما أعلنت شركة “سوق دوت كوم”، إحدى شركات أمازون العالمية في مصر، عن انطلاق جمعة التخفيضات في الفترة من 11 إلى 13 نوفمبر، وفي الفترة من 23 إلى 29 نوفمبر الجاري.

والجمعة السوداء أو الجمعة البيضاء، هو اليوم الذي يأتي مباشرة بعد عيد الشكر في الولايات المتحدة وعادة ما يكون في نهاية شهر نوفمبر من كل عام، ويعتبر هذا اليوم بداية موسم شراء هدايا عيد الميلاد.

وفي هذا اليوم تقوم أغلب المتاجر بتقديم عروض وتخفيضات كبيرة، حيث تفتح أبوابها مبكرا لأوقات تصل إلى الساعة الرابعة صباحا. بسبب التخفيضات الكبيرة ولأن أغلب هدايا عيد الميلاد تشترى في ذلك اليوم، فإن أعدادا كبيرة من المستهلكين يتجمهرون فجر الجمعة خارج المتاجر الكبيرة ينتظرون افتتاحها. وعند الافتتاح تبدأ الجموع بالقفز والركض كلٌ يرغب في أن يحصل على النصيب الأكبر من البضائع مخفضة الثمن.

بدأ هذا الحدث بالرغم من أنه منتشر في الولايات المتحدة وبعض دول العالم، في الانتشار أكثر فأكثر بالدول العربية خصوصا في السنوات الأخيرة وقُوبل بترحيب كبير.

وتحتفي دول مجلس التعاون الخليجي على نحو خاص بأسبوع الجمعة البيضاء وهو موسم التخفيضات التي تقدم فيه مواقع التجارة الإلكترونية في المنطقة تخفيضات كبيرة تصل إلى 80 بالمئة.

وفي لبنان ومصر أيضا ثمة احتفاء بالجمعة البيضاء حيث تقدم أغلب المتاجر عروضا وتخفيضات كبيرة على بضائعها.

وشهدت متاجر لماركات عالمية كـ”بيرشكا” و”زارا” في تونس، هذه السنة، إقبال عدد كبير من الزبائن للاستفسار عن موعد أسبوع الجمعة البيضاء الذي لطالما عرفت بفضله هذه المحلات تزاحما كبيرا وغير مسبوق، إلى جانب تكثيف المواقع الإلكترونية لإعلاناتها بهذه المناسبة حتى عبر القنوات التلفزيونية الخاصة.

فرصة لشراء ملابس أكثر
فرصة لشراء ملابس أكثر

وبات الكثير من التونسيين يتابعون بشغف هذا الحدث ويتحينون فرصة الإعلان عن موعد “الجمعة البيضاء”، للحصول على منتوجات من ماركات عالمية بأسعار زهيدة، وأسهمت مواقع التواصل الاجتماعي في تأجيج هذا التكالب من أجل التباهي على منصاتها بالغنيمة.

لكن الوضع في الأردن مختلف تماما، إذ أفاد مواظبون على تتبع إعلانات التخفيضات التي يعدونها فرصة لا تعوّض، بأنه “لا تخفيضات ولا هم يحزنون”.

ويخشى عدد من الأردنيين أن يتكرر الأمر نفسه هذه السنة أيضا، ويدفع الواقع المعيشي الصعب المواطنين إلى البحث الدائم والمستمر عن عروض التخفيض على مختلف السلع والمنتجات والخدمات، في الصحف وصفحات الفيسبوك وإعلانات الشوارع ووسائل الإعلام المرئي والمسموع.

ووفقا لوكالة الأنباء الأردنية، يقول الخبير الاقتصادي مازن إرشيد إن القوة الشرائية للمواطن الأردني في العشر سنوات الأخيرة ضعفت بنسبة كبيرة، ولذلك أصبحت أهمية مثل هذه المواسم التخفيضية أكبر، وباتت لها جدوى اقتصادية أفضل للفرد والعائلة والتاجر أيضا.

وشدد على أن الجمعة السوداء مناسبة إيجابية خصوصا في حال كانت تخفيضاتها حقيقية وغير وهمية.

وأشار إلى أن “الآلاف من الناس ينتظرون هذه المواسم التخفيضية، على الرغم من أن الجمعة السوداء تعتبر حديثة العهد في الوطن العربي”.

لم يرتبط تعبير الجمعة السوداء في بداية ظهوره بعطلة تسوق كما هو الحال حاليا بل بأزمة مالية تتعلق بانهيار سوق الذهب في الولايات المتحدة في 24 سبتمبر عام 1869.

وهذا ما شكل ضربة كبرى للاقتصاد الأميركي، حيث كسدت البضائع وتوقفت حركات البيع والشراء مما سبب كارثة اقتصادية في أميركا، تعافت منها عن طريق عدة إجراءات من بينها إجراء تخفيضات كبرى على السلع والمنتجات لبيعها بدل من كسادها.

وهناك قصة أخرى عن أصل التسمية تعود إلى الخمسينات عندما استخدمت الشرطة في مدينة فيلادلفيا هذا التعبير لتصف الفوضى التي تعقب عيد الشكر عندما يتدفق الكثير من المشترين والسياح على شوارع المدينة قبل مباراة كرة القدم الأميركية التي تقام السبت من كل عام.

ففي يوم الجمعة الذي يسبق المباراة لا يستطيع رجال الشرطة الحصول على إجازة بل يعملون ولساعات أطول في مواجهة الحشود وتعثر المرور كما أن لصوص المتاجر يستغلون هذه الحالة لتصعيد نشاطهم مما يزيد من صداع رجال الشرطة.

ولذلك وصفت شرطة مدينة فيلادلفيا هذا اليوم بالأسود في عام 1960 بسبب اختناقات مرورية كبيرة وتجمهر الناس في طوابير طويلة أمام المحلّات التجارية.

وفي عام 1961 عملت المتاجر في فيلادلفيا على تغيير هذه الصورة السلبية فأطلقوا اسم “الجمعة الكبيرة” ولكن جهودها لم تنجح.

24