الطريق إلى السلام في السودان: التفاوض والتنمية كحل رئيسي

إذا استمرت المفاوضات بين الجيش وقوات الدعم السريع فإن ثلاثة سيناريوهات محتملة تلوح في الأفق: اقتسام السلطة أو سيطرة طرف واحد على السلطة أو تقسيم السودان وجميعها تزيد من تعقيد الموقف.
الخميس 2024/08/08
ما يحتاجه السودان هو الترويج لثقافة السلام

الوضع الحالي للصراع في السودان يعكس تعقيدات كبيرة في التوصل إلى تسوية نهائية. جهود الوساطة لم تحقق تقدمًا ملحوظًا، مما يبرز التحديات العميقة في حل النزاع. قوات الدعم السريع، بالرغم من مرونتها في التفاوض، تستخدم هذه المرونة كأداة لتحسين صورتها على الساحة الدولية وكسب تعاطف المجتمع الدولي. في المقابل، يواجه الجيش مشاكل داخلية تتمثل في تباين المواقف والقيادة غير الموحدة، مما يعيق عملية التفاوض الفعّالة.

من ناحية أخرى، تفتقر القوى المدنية إلى القدرة على التأثير بفاعلية بسبب عدم توحيدها ونقص العمل الدبلوماسي المنظم، مما يقلل من قدرتها على تقديم بديل قوي ومقنع مما يوجب عليها اتخاذ خطوات تخرجها من حالة الجمود والتكلس التنظيمي. يجب على القوى المدنية التأثير على الأرض وعدم الهروب بانتظار الحلول من المجتمع الدولي الذي لن يستجيب إلى بوجود حراك فاعل.

من المهم استكشاف فرص التعاون مع الدول المجاورة والمنظمات الإقليمية لتعزيز الجهود المبذولة من أجل السلام. فالتعاون الإقليمي يمكن أن يساعد في تأمين الدعم اللازم ومشاركة الموارد والخبرات

إذا استمرت المفاوضات بين الجيش وقوات الدعم السريع، فإن ثلاثة سيناريوهات محتملة تلوح في الأفق: اقتسام السلطة، سيطرة طرف واحد على السلطة بالكامل، أو تقسيم السودان. وجميع هذه السيناريوهات تزيد من تعقيد الموقف.

في هذا السياق، تبرز أهمية النظر إلى وضع القوات المشتركة التي تقاتل الدعم السريع حالياً ولكنها تعمل تحت قيادة منفصلة عن الجيش مما سيكسبها شرعية في المشاركة في التفاوض. قد يتطور الوضع بحيث تفكر القوات المشتركة في الدخول في تفاوض مباشر مع الدعم السريع وقد يترتب على ذلك تحالف محتمل بينهما مما سيمثل إقصاءً كاملاً للجيش في دارفور وبعض مناطق كردفان، وربما تفكر في الهجوم العسكري على المدن التي ما زالت تحت سيطرة الجيش. إن هذا السيناريو سيخرج الجيش من المشهد تماماً ويمهد لسقوط العاصمة الجديدة بورتسودان والتي تعتبر آخر معاقل الجيش والموالين له.

تعتبر الحركة الشعبية لتحرير السودان بقيادة عبدالعزيز الحلو وحركة تحرير السودان بقيادة عبدالواحد محمد أحمد النور قوتان مؤثرتان في المشهد السياسي بحكم الخبرة السياسية والعسكرية، بالإضافة إلى أن هناك مناطق تقع تحت سيطرتهما. تستطيع هاتان القوتان لعب دور محوري في توحيد القوى المدنية، بإحداث اختراق يطرح القضايا الملحة أمام الجميع وبتحديد الحد الأدنى من الاتفاق لوقف الحرب وبناء السلام.

هناك جانب لا يقل أهمية يمكن أن تقوم بها الحركتان وهو تفعيل الخط الدبلوماسي بتشكيل وفود للاتصال بالدول والمنظمات الإقليمية والدولية مع التأكيد على أهمية اللقاء المباشر مع أطراف الوساطة وتقديم الحلول.

من الضروري تعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مراحل العملية. وإنشاء لجان مستقلة لمراقبة تنفيذ الاتفاقيات وضمان التزام الأطراف بما تم الاتفاق عليه

تعد معالجة المظالم التاريخية الخطوة الأولى الأساسية نحو تحقيق الصلح الاجتماعي، وهي ضرورية لبناء أساس قوي للحوار الفعّال وتحقيق تسوية مستدامة. وبمجرد تحقيق الصلح الاجتماعي، يمكن الانتقال إلى خطوات أخرى تشمل عقد مؤتمرات متخصصة في مجالات الاقتصاد والتربية والزراعة وغيرها. هذه المؤتمرات ستتيح للمعنيين من جميع الأطراف وضع إستراتيجيات واضحة للتنمية الاقتصادية، وتحسين نظام التعليم، وتعزيز القطاع الزراعي وغيرها، مما يساهم في استقرار البلاد ورفاهية المواطنين.

علاوة على ذلك، من الضروري تعزيز الشفافية والمساءلة في جميع مراحل العملية. وإنشاء لجان مستقلة لمراقبة تنفيذ الاتفاقيات وضمان التزام الأطراف بما تم الاتفاق عليه يمكن أن يسهم في بناء الثقة وتجنب الخلافات. كما أن إدماج المجتمعات المحلية في عملية السلام، بما في ذلك الأطراف المتضررة من النزاع يمكن أن يضمن أن الحلول المقترحة تستجيب لاحتياجاتهم وتقلل من المخاطر المحتملة.

بالإضافة إلى ذلك، يجب أن تتضمن الخطط برامج لإعادة الإعمار والتنمية المستدامة، مع الاستثمار في البنية التحتية، التعليم، والرعاية الصحية للمساعدة في إعادة بناء المجتمعات المتضررة وتعزيز الاستقرار على المدى الطويل. فالترويج لثقافة السلام من خلال التعليم والإعلام يمكن أن يسهم في تغيير التصورات السلبية وتعزيز قيم التفاهم والتسامح.

أخيراً، من المهم استكشاف فرص التعاون مع الدول المجاورة والمنظمات الإقليمية لتعزيز الجهود المبذولة من أجل السلام. فالتعاون الإقليمي يمكن أن يساعد في تأمين الدعم اللازم ومشاركة الموارد والخبرات. وينبغي أيضًا أن تتّبع إستراتيجيات الوساطة الشاملة التي تشمل جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الأطراف غير المباشرة التي قد تؤثر على الصراع.

8