الضفدع الأفريقي نواة روبوتات حية تتكاثر

زينوبوتس دمج بين البيولوجيا والذكاء الاصطناعي.
الأحد 2021/12/05
متناهية الصغر ومهام عديدة

يتقدم الذكاء الاصطناعي في ابتكار الروبوتات التي تثير الجدل، فالباحثون الذين يبتكرونها يؤكودون على دورها الريادي في مساعدة البشرية، في حين يرى آخرون أنها ستكون الجيش الذي سيعلن فناء الجنس البشري من الأرض، وكان آخر الابتكارات مثارا للجدل يتمثل في روبوتات حية تتكاثر وتنجب أطفالا وأحفادا من فصيلتها.

ماساتشوستس (الولايات المتحدة) - أكد فريق من العلماء أن روبوتات زينوبوتس ستكون أول روبوتات حية في العالم تتكاثر وتجدد نفسها وهي “أول منتجات صناعية لديها القدرة على التكرار الذاتي وإنتاج نفسها على الإطلاق”.

ونشر العلماء بحثا قالوا فيه إنهم اكتشفوا نوعا جديدا من التكاثر البيولوجي يختلف عن أنواع أخرى قد تحدث على مستوى النباتات أو الحيوانات المعروفة، فزينوبوتس هي كائنات حيوية شديدة الدقة يمكن برمجتها وتم ابتكارها من خلايا جذعية للضفدع الأفريقي ذي المخالب، وتم ربطها في تركيبات أنتجت بالطباعة ثلاثية الأبعاد صممها الذكاء الاصطناعي لإنجاز مهام معينة.

وصممت هذه الروبوتات لأول مرة عام 2020 بعد تجارب أثبتت أنها قادرة على الحركة والعمل سوية في إطار مجموعات وحتى علاج نفسها.

وكان المسؤول عن هذا الاختراع فريق علماء من جامعات فيرمونت، تافتس ومعهد فايس للهندسة، بالتعاون مع القسم البيولوجي في جامعة هارفارد.

عائلة وأحفاد

من أجل ابتكار روبوتات زينوبوتس كشط الباحثون خلايا جذعية من أجنة الضفدع الأفريقي ذي المخالب وتركوها للحضانة
من أجل ابتكار روبوتات زينوبوتس كشط الباحثون خلايا جذعية من أجنة الضفدع الأفريقي ذي المخالب وتركوها للحضانة

صرح مايكل لفين، أستاذ علم الأحياء ومدير مركز ايلن ديسكفري في جامعة تافتس والذي كان شريكا في البحث بأنه ذهل “بأن توجد طريقة تسمح لهذه الروبوتات بالتكاثر، عندما يوجد لديها قدرة على الفهم، إنها في بيئة جديدة جعلتها ليس فقط تفهم إيجاد طريقة جديدة للتحرك، إنما تجد طريقة جديدة للتكاثر”.

وأضاف “الخلايا الجذعية هي الخلايا التي لديها القدرة على التطور إلى أنواع مختلفة من الخلايا الناضجة، ومن أجل ابتكار زينوبوتس، كشط الباحثون خلايا جذعية من أجنة الضفادع وتركوها للحضانة”، فالروبوتات الحيوية هي دمج بين البيولوجيا الجزيئية والذكاء الاصطناعي.

واعتبر هؤلاء الباحثين أن زينوبوتس إنجاز هائل يمكن أن تكون له مساهمات في مجالات عديدة، حيث أكدوا أنها ستكون قادرة على استخدام تقنية الإصلاح الذاتي لاستبدال المواد القابلة للتحلل مثل الخرسانة والفولاذ والبلاستيك.

وقال جوشوا بونغارد أحد المعدين المشاركين في البحث إن هذه الكائنات الحية “ستتكاثر ذاتيا وتلقائيا”، واقترح إمكانية استخدام هذه التقنية لمعالجة الأوبئة المستقبلية وتسريع إنتاج اللقاح.

وكشف العلماء أن هذه الروبوتات تحسنت لتكون قادرة على تذكر محيطها والتجمع في سرب واحد ما خلف مخاوف لدى البعض الآخر.

وقال دوغلاس بلاكيستون كبير الباحثين في جامعة تافتس “اعتقد الناس منذ فترة طويلة أننا توصلنا إلى جميع الطرق التي يمكن أن تتجدد بها الحياة أو تتكاثر عن طريقها الكائنات، لكن هذا شيء لم تتم ملاحظته من قبل”.

ويرى العلماء أن البحث الجديد يمكن أن يكون مفيدا في المجال الطبي، إذ يمكن برمجة هذه الروبوتات الحية الصغيرة للتنقل أو حمل وتسليم حمولات مصغرة يمكن أن تكون يومًا ما أدوية داخل جسم المريض، أو هضم المواد السامة في المواقع المصابة بالتلوث داخل الجسم أو إزالة الجلطات من داخل الشرايين البشرية.

ويمكن لهذه الروبوتات التي يبلغ طولها ملليمترا واحدا التحرك بشكل مستقل لمدة أسبوع تقريبًا قبل نفاد طاقتها، كما يمكنها معالجة نفسها ذاتيا والتحلل بشكل طبيعي، وهي مسألة يرى العلماء أنها شديدة الأهمية حيث لا يتبقى عن تحللها في الجسم أي شظايا بلاستيكية أو معدنية ما قد يؤدي إلى مشاكل صحية.

كائنات حيوية شديدة الدقة
كائنات حيوية شديدة الدقة

ويمكن أن تنتج زينوبوتس الأطفال، ولكن النظام يموت عادة بعد فترة وجيزة. ولإعطاء الآباء فرصة لرؤية أطفالهم يكبرون لجأ الباحثون إلى الذكاء الإصطناعى، واستخدم الفريق خوارزمية تطورية لاختبار المليارات من أشكال الجسم المحتملة.

وتم تصميم النظام لإيجاد النماذج التي من شأنها أن تكون فعالة لطريقة النسخ المتماثل الذاتي، وواحدة من إبداعاتها اللافتة للنظر تشبه “باك مان”، ثم قام الباحثون ببناء زينوبوتس بهذا الشكل واختبروا مهارات تربية الأطفال.

كما اكتشفوا أن الوالد المصمم بواسطة الذكاء الاصطناعي يمكنه استخدام “فم” على شكل باك مان لضغط الخلايا الجذعية في نسل دائري، ثم بنى أطفالهم أحفادا، بنوا بدورهم أحفادًا، بنوا أحفاد أحفاد.

وعلى الرغم من أن زينوبوتس كان بإمكانها في السابق العمل في مجموعات والشفاء الذاتي وحتى تسجيل الذكريات، إلا أن هذا هو الوقت الثابت الذي تمكنوا فيه من تربية الأسرة.

فوائد واعدة

قد يثير ذلك رؤى مرعبة لأسراب الروبوتات ذاتية التكرار، لكن الباحثين يتصورون نتائج أكثر تفاؤلا، وإنهم يعتقدون أن نظامهم يمكن أن يطور تقنيات عديدة، من الآلات الحية التي تنظف اللدائن الدقيقة إلى الأدوية الجديدة.

مايكل لفين متحمس بشكل خاص للإمكانيات في الطب التجديدي وقال “إذا عرفنا كيف نقول لمجموعات الخلايا أن تفعل ما أردناها أن تفعله، فهذا هو الطب التجديدي، هذا هو الحل للإصابة المؤلمة والعيوب الخلقية والسرطان والشيخوخة، وتوجد مجموعة من هذه المشكلات المختلفة هنا لأننا لا نعرف كيفية التنبؤ والتحكم في مجموعات الخلايا التي تبنيها زينوبوتس وهى منصة جديدة لتعليمنا”.

معضلة أخلاقية

الضفدع هو الأصل
الضفدع هو الأصل

أثارت أنباء هذا الابتكار الجدل على الإنترنت، حيث قارنه بعضهم بشركة “سكاينت” التي طوّرت التقنية خلف ظهور الروبوتات القاتلة في أفلام “تيرمينيتور”.

ووفقا للبروفيسور دان لو، وهو عالم أحياء في جامعة كورنيل الأميركية وعمل على المشروع، فإن الآلات التي طوروها بمثل تعقيد كائن حي بسيط كالعفن.

وقال لو “نحن نعرض مفهوم مادة جديدا كليا نابضا بالحياة يعمل بقوة التمثيل الغذائي الصناعية الخاصة به”، مضيفا “لم نصنع شيئا حيا، لكننا نصنع مواد أكثر حيوية من أي وقت مضى”.

ويُربي لو وفريقه روبوتاتهم مستخدمين مادة حيوية صناعية تستند إلى الحمض النووي (دي.أن.أي). وتملك هذه المادة خصائص الكائنات الحية، بما في ذلك قدرتها على التمثيل الغذائي (توليد واستخدام الطاقة) والتجميع الذاتي.

روبوتات زينوبوتس ستكون أول روبوتات حية في العالم تتكاثر وتجدد نفسها وهي “أول منتجات صناعية لديها القدرة على التكرار الذاتي وإنتاج نفسها على الإطلاق”

وعندما تُركت لوحدها، شكلت المادة آلات صغيرة تحركت من تلقاء نفسها، ونمت وتطوّرت واستهلكت الموارد وماتت في نهاية المطاف، حتى أن العلماء حرضوا بعض الآلات على بعضها بعضا في سباقات تنافسية.

وهذه الآلات ليست حية بذاتها، ولكنها تتصرف مثل الكائنات الحية، ويمكن أن تمهد الطريق لروبوتات ذاتية الاستدامة أو آلات ذاتية التكاثر، بحسب الباحثين.

واعترف مبتكرو الروبوتات الحية زينوبوتس باحتمال وجود آثار أخلاقية لهذا العمل، لكنهم قالوا إن الأمر متروك للمجتمع وصانعي السياسات لتقرير ماهية هذه الآثار.

وقال عالم الأخلاق الطبية توماس دوغلاس “أعتقد أن الأزمة الأخلاقية ستبدأ فقط إذا اشتملت تلك التركيبات على نسيج عصبي يمكنه في وقت ما تطوير نوع من الحياة العاقلة، مثل القدرة على الشعور بالألم”، حسبما صرح لصحيفة الغارديان.

وتابع قائلاً “لكن البعض أكثر ليبرالية في ما يتعلق بالوضع الأخلاقي. هناك من يعتقدون أن جميع الكائنات الحية لها اهتمامات يجب أن تولى بعض الاعتبار الأخلاقي. بالنسبة إلى هؤلاء الأشخاص، يمكن أن تنشأ أسئلة صعبة حول ما إذا كان ينبغي تصنيف هذه الروبوتات ككائنات حية أم آلات”.

15